الردع من دون تحويل الاهتمام من إيران إلى لبنان هذه هي المعضلة الإسرائيلية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • إطلاق 3 صواريخ اليوم (الأربعاء) من لبنان هو الرابع خلال الأشهر الأربعة الأخيرة لإطلاق منظمات فلسطينية متطرفة صواريخ من الجنوب اللبناني على أراضي إسرائيل. القصف كان متفرقاً واستُخدمت فيه صواريخ كاتيوشا يبلغ قطرها 122 مليمتراً، لكنه لم يكن احترافياً، بل كان يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية.
  • مطلقو الصواريخ هم أعضاء في منظمات فلسطينية صغيرة يأتون من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين القريبة من صور وصيدا في الجنوب اللبناني. يوجد في هذه المخيمات العديد من المسلحين الفلسطينيين من كل التنظيمات، والجيش اللبناني وحزب الله يترددان في الدخول إلى المخيمات لفرض النظام.
  • نظرياً، الجيش اللبناني وحزب الله هما اللذان يسيطران على المنطقة. لكن مؤخراً، وبعد الأزمة في لبنان، اعترى الجيش اللبناني الضعف نتيجة عدم دفع الرواتب لجنوده. كما يبرز النقص في توفير الغذاء للجيش جرّاء الأزمة السياسية والاقتصادية المستمرة التي يعانيها لبنان. حتى سيطرة حزب الله في المنطقة ضعفت جرّاء الأزمة، والمتطرفون الفلسطينيون يستغلون ذلك.
  • يبدو هذه المرة أن سبب القصف هو مداولات المحكمة العليا بشأن ملكية المنازل في حي الشيخ جرّاح في القدس، المكان الذي له أهمية دينية نظراً إلى قرب الحي من منطقة الحرم القدسي. من المحتمل جداً أن سبب القصف ترافق مع غض نظر من حزب الله، لأن ذلك ترافق مع الذكرى الأولى لتفجير مرفأ بيروت، والذي تسبب بمقتل المئات ودمر أحياء كاملة في العاصمة اللبنانية، وتسبب بانتقادات لحزب الله الذي يُعتبر، في نظر منتقديه، المسؤول بصورة غير مباشرة عن الإهمال الذي أدى إلى الانفجار. التفسير في لبنان هو أن المنظومة السياسية التي يسيطر عليها حزب الله تعرقل التحقيق في الانفجار، وبناء على ذلك، هناك مصلحة للحزب بتحويل انتباه الرأي العام اللبناني في الذكرى الأولى للانفجار.
  • لكن فعلياً، سبب قصف الفلسطينيين من لبنان ليس مهماً. في لبنان يوجد ممثلون لـ "حماس" ولـ"فتح"، وكلهم يريدون إثبات وجودهم. ما يجب أن يُقلق إسرائيل هو أن تفكك الحكم في لبنان يسمح لعناصر فلسطينية متطرفة بإطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من دون أن يزعجهم أحد. وهذا يجري بوتيرة متعاقبة لم نشهدها منذ 10 أعوام.
  • القصف الفلسطيني على أراضي إسرائيل يضع المؤسسة الأمنية والحكومة في القدس أمام معضلة ليست بسيطة. من جهة، الجيش والمؤسسة الأمنية يريدان الالتزام بكلامهما والتأكيد أن الرد سيكون قوياً لردع مطلقي الصواريخ ومَن يسيطر على الأرض، لكن من جهة أُخرى، إذا ضرب الجيش الإسرائيلي أهدافاً في داخل مخيمات اللاجئين التي يأتي منها مطلقو القذائف فإن هذا سيؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها.
  • أولاً، لأن المخيمات مكتظة سكانياً، وحتى لو كان مكان الذين يقفون وراء القصف معروفاً بدقة، فإن ضرب المخيمات يمكن أن يوقع الكثير من الضحايا وسط مدنيين لا علاقة لهم. بالإضافة إلى ذلك، ضرب مخيمات اللاجئين الموجودة في عمق الأراضي اللبنانية سيورطنا أيضاً في تصعيد مع حزب الله الذي يعتبر نفسه درع لبنان، في الأساس في الجنوب اللبناني. كما أن قصف عمق الأراضي اللبنانية يمكن أن يستغله حزب الله كفرصة لتسخين القطاع، وهناك احتمالات كبيرة أن يشجع الإيرانيون حزب الله في الوضع الحالي على الدخول في أيام قتال ومواجهة  تصعيدية  مع إسرائيل كي يخففوا عنهم الضغط بسبب عملياتهم ضد السفن التجارية في مضيق هرمز وخليج عُمان.
  • من مصلحة إسرائيل أن يركز المجتمع الدولي حالياً على الهجمات الإرهابية للحرس الثوري على السفن في بحر العرب ومضيق هرمز، وألّا يتحول اهتمامه نحو لبنان. وتقضي المصلحة الإسرائيلية العمل بصورة مدروسة في مواجهة المناطق التي تُطلَق منها القذائف لدفع الجيش اللبناني وحزب الله إلى اعتقال الفلسطينيين الذين يُشتبه بأنهم يحاولون إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل ومنعهم من القيام بذلك.
  • في استطاعة الجيش اللبناني إقامة حواجز على الطرقات، بينما لدى حزب الله أساليبه الخاصة لفرض إرادته على الفلسطينيين، في الأساس عندما يخرجون من مخيمات اللاجئين. كذلك تستطيع القرى اللبنانية منع الفلسطينيين من القيام بالقصف. لهذا اختارت الحكومة والجيش الرد بواسطة قصف مدفعي متفرق على الأماكن التي أُطلقت منها القذائف في منطقتيْ الخيام والناقورة للتوضيح أن إسرائيل تعرف من أين أُطلقت الصواريخ، وأن على اللبنانيين الذين لا يريدون حرائق كبيرة في مناطق سكنهم الحرص على ألّا يطلق الفلسطينيون في مخيمات صور وصيدا صواريخ على إسرائيل من المناطق المفتوحة بالقرب من القرى في الجنوب اللبناني.
  • الرد الإسرائيلي هذه المرة كان أقوى قليلاً والقصف جرى على دفعات للتلميح إلى الجيش اللبناني وحزب الله وإلى قرى الجنوب بأن الرد الإسرائيلي سيكون أقوى إذا لم يتوقف القصف.
  • في هذه الأثناء لا تريد إسرائيل تحويل الاهتمام الدولي، لذلك كان الرد محدوداً. لكن إذا واصل الفلسطينيون قصف الأراضي الفلسطينية فيبدو أنه لن يكون هناك مفر من رد إسرائيلي مركّز وأكثر تدميراً يجبر الجيش اللبناني وحزب الله على التحرك بحزم ضد الفلسطينيين إذا استمر هؤلاء في إطلاق الصواريخ على إسرائيل وتصدير الخلافات الداخلية الفلسطينية إلى أراضينا.

 

 

المزيد ضمن العدد 3612