زيادة حجم الميزانية الأمنية الإسرائيلية تضع علامات استفهام على تغيير سلّم أولويات الحكومة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إن قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت ووزير المال أفيغدور ليبرمان، أول أمس (الثلاثاء)، الاستجابة لطلبات الميزانية المبالَغ فيها من طرف المؤسسة الأمنية ووزير الدفاع بني غانتس وزيادة الميزانية الأمنية الإسرائيلية لسنتي 2021-2022 بأكثر من 10 مليارات شيكل، من شأنه أن يهدّد ثمار باقي البرامج والخطط التي يسعون للدفع بها قدماً.
  • ولا بد من الإشارة إلى أن السياسة الاقتصادية لحكومة التغيير حظيت في الأسابيع الأخيرة بكثير من الترحيب والإطراء بفضل احتوائها على إصلاحات اقتصادية عميقة وجريئة كانت مطلوبة منذ عدة أعوام. وجرى التلميح إلى أن هذه السياسة ستقوم بإجراء تغيير في سلّم الأولويات لمصلحة توسيع دائرة التشغيل في سوق العمل وتشجيع التنافس وتقليص الإجراءات البيروقراطية وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين. وسيتم ذلك كله بثمن الصدام مع مصالح مجموعات ضغط، مثل مجتمع اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] والمزارعين.
  • وحدث هذا الإطراء لأن الجمهور العريض خرج بانطباع عام عن الحكومة، فحواه أنها تعمل على تخصيص ميزانيات لتحسين مستوى الخدمات للمواطنين وللاستثمار في البنى التحتية وتطوير جهازيْ الصحة والتربية والتعليم. وهناك شك فيما إذا كان مثل هذا الإطراء سيستمر إذا ما تبيّن أن الحكومة ستوجه المزيد من الأموال العامة لمصلحة مجموعات ضغط لا تساهم في رفاهية المواطن وفي تحسين الناتج القومي.
  • في النقاش الذي أجراه بينت وليبرمان وغانتس، وهم ثلاثة وزراء دفاع سابقين، ولم يشترك فيه الطاقم المهني في وزارة المال، قرروا أن يخصصوا مليارات الشيكلات للجيش الإسرائيلي من دون حتى أن يطالبوه بالنجاعة ولا حتى بأن يفي بوعوده في هذا الشأن. وحدث هذا كله بموازاة فرض تعتيم كامل على قرارهم على الرغم من أن الحديث يدور حول بلورة الميزانية الأكبر في الاقتصاد الإسرائيلي.
  • وإذا لم يكن كل ما ذكرناه حتى الآن كافياً، يجب أن نشير إلى أنه قبل عدة ساعات من لقاء المسؤولين الثلاثة المذكورين نُشر أن عبء الالتزامات المالية للمؤسسة الأمنية قفز بنسبة 30% خلال سنتين ووصل إلى 366 مليار شيكل، وهو يشكل 40% من الدين العام لإسرائيل. وعلى الرغم من هذه المعطيات إلا إن رئيس الحكومة ووزيري المال والدفاع قرروا عدم معالجة الصرف الزائد في الجيش الإسرائيلي بل تأهيله.
  • إذا كان في نية المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية إحداث تغيير حقيقي فيتعين عليهم إشراك الجيش الإسرائيلي أيضاً في المسعى الرامي إلى تحقيق نجاعة وطنية وعدم السماح باستمرار وجود ثغرات لتبذير المال العام. وقبل أي شيء يتعين عليهم تغيير الثقافة الحكومية التي دأبت حتى الآن على اتخاذ قرارات من العيار الثقيل من خلال التغاضي عن الاعتبارات المهنية وفي ظل السرية التامة.