الحرب على غزة ضربت البنى التحتية للمياه والصرف الصحي، والقيود تديم الدمار
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- المنع الذي فرضه وزير الدفاع بني غانتس قبل نحو شهرين على دخول المواد الخام ومواد البناء والمنتوجات غير المُعَدة للاستخدام البشري إلى قطاع غزة أضر كثيراً بالبنى التحتية للمياه والصرف الصحي. وتسبب المنع بعدم إصلاح العديد من الأضرار التي لحقت بالشبكة جرّاء الحرب في أيار/مايو، ومن الصعب القيام بأعمال صيانة حيوية، كما أن منشآت تحلية المياه وتنقيتها تعمل بصورة جزئية فقط في ظل توقُّف مشاريع تطويرها وتوسيعها.
- يأتي هذا التدهور بعد عدة أعوام بذلت خلالها دائرة المياه الفلسطينية والسلطات في غزة والدول المانحة جهداً كبيراً لتحسين البنى التحتية. "ليس الغذاء وحده حاجة إنسانية"، هذا ما قاله نائب المدير العام لدائرة خدمات المياه في مدن الساحل في قطاع غزة ماهر النجار لـ"هآرتس". وأضاف: "ليس هناك أكثر إنسانية من التزود المنتظم بمياه صالحة للشرب، لكنك لا تستطيع أن تضمن ذلك بسبب منع دخول المواد الخام ومواد البناء الأساسية إلى القطاع."
- وأشار النجار إلى أن استهلاك الفرد من مياه الشرب والاستحمام في القطاع انخفض بسبب الضرر الذي لحق بالبنى التحتية، من 80 ليتراً في اليوم قبل الحرب إلى 50-60 ليتراً في اليوم. مع العلم بأن الكميات اليومية الدنيا من المياه، والتي توصي بها منظمة الصحة العالمية، هي 100 ليتر في اليوم. أيضاً نوعية المياه تضررت، وطرأ ارتفاع ملحوظ في نسبة الكلور (الذي يدل على الملوحة). وبحسب منظمة الصحة العالمية، النسبة الطبيعية هي 250 ملغ في ليتر المياه، الآن في غزة ارتفعت النسبة من 400 وحتى 600 ملغ في الليتر قبل الحرب إلى 800-1000 ملغ الآن. للمقارنة، نسبة الكلور في المياه في إسرائيل هي 600 ملغ في الليتر. يشعر سكان غزة بطعم الصدأ في المياه بالإضافة إلى الإصابة بتلف يصيب الجلد والشعر بعد الاستحمام.
- نحو ثلث أنابيب الصرف الصحي تضررت في الحرب وحتى الآن لم يجر إصلاحها كما يجب. نحو ثلث مياه الاستخدام، والذي يشكل نحو 50 ألف ليتر يومياً، لا يعالَج ولو جزئياً، جزء من هذه المياه تجمّع في بحيرات بالقرب من الأحياء السكنية، وهو ما يؤدي إلى تلوثها، وجزء منها يتدفق في البحر. يقول النجار إن الخطر الصحي والبيئي يصيب الفلسطينيين الذين يشكل الاستحمام بالمياه وسيلتهم الوحيدة لمواجهة حرارة الصيف، كما يصيب الإسرائيليين الذين تصلهم المياه الملوثة أيضاً.
- أول أمس أعلنت وزارة الدفاع "تسهيلات" في دخول البضائع والمواد الخام إلى القطاع. لكن حتى لو نُفّذت هذه الخطوات فوراً فإن العملية المطلوبة من أجل تقديم مناقصات لشراء المواد المطلوبة والحصول على إذن إسرائيلي لإدخالها طويلة ولا تبشر بتحسن سريع في البنى التحتية للمياه والصرف الصحي. جزء من أذونات إدخال المواد التي أُعطيت قبل الحرب لم تعد صالحة، وسيضطر المقاولون إلى تقديم طلبات جديدة. وبحسب قول النجار، في أحسن الأحوال سنبدأ بالحصول على الكميات الأولى من المنتوجات المطلوبة خلال شهر.
- شبكة المياه والصرف الصحي في القطاع تحتاج حالياً إلى نحو 5000 منتوج ضروري من أجل إصلاح الأضرار الخطرة - ومن أجل أعمال الصيانة العادية وتحسين واستكمال مشاريع التطوير والتوسيع. أيضاً المنتوجات التي تُصنع في معامل في الضفة وتُباع من أجل إصلاح الأضرار نفذت بسببب النقص في المواد الخام.
- تبلغ كميات المياه التي يتزود بها القطاع نحو 100 مليون متر مكعب سنوياً، وهي تأتي من 3 مصادر: الجزء الأكبر من الآبار الإرتوازية في القطاع، ونحو 10% يجري شراؤه من إسرائيل، و5% بواسطة تحلية مياه البحر في 3 منشآت مختلفة. هناك حاجة ملحة إلى زيادة كميات المياه التي تجري تحليتها من البحر، لأن ضخ المياه من الآبار يزداد مع زيادة السكان، الأمر الذي يؤدي إلى تسرب مياه البحر والتلوث وانهيار جزء من الأرض. لذا، بدأ العمل قبل نشوب الحرب على توسيع منشأة تحلية مياه البحر في جنوب القطاع، على أمل رفع كميات المياه التي تجري معالجتها إلى نحو الثلث حتى منتصف السنة المقبلة، من 22 ألف متر مكعب في اليوم إلى 36 ألف متر مكعب في اليوم. لكن مشروع التوسيع توقف بسبب النقص في مواد البناء، ولأن إسرائيل لم تعطِ حتى الآن إذن دخول لسبعة مهندسين من تركيا من المفترض أن يتابعوا الأعمال.
- على الرغم من التحسينات التي نُفّذت في الأعوام الأخيرة، إلا إن أكثر من 95% من مياه القطاع غير صالحة للشرب. لذلك يجري مزجها بمياه معالجة ويجب العمل على تنقيتها، الأمر الذي يجري في نحو 100 منشأة. العمل المنتظم في كل هذه المنشآت تعطل بسبب عدم القدرة على الإصلاح الفوري لأضرار الحرب وبسبب النقص في قطع الغيار وفي المواد الضرورية.
- حتى لو قدمت إسرائيل كل كميات المياه التي يدفع الفلسطينيون ثمنها فإن جزءاً كبيراً منها لن يصل إلى المستهلكين بسبب التسريبات من الأنابيب التي تضررت في حرب أيار/مايو. منشآت التحلية أنتجت فقط نصف الكميات لديها. يقول النجار: "يومياً نكتشف الأضرار التي لم نكن على علم بها، والتي حدثت خلال الحرب. مثلاً القنابل التي ألقتها إسرائيل، والتي اخترقت الأرض، تسببت بدخول الرمال إلى آبار المياه، ونحن الآن نضخ المياه مع الرمال".
- دائرة خدمة المياه في مدن الساحل في القطاع تعتمد على الأموال التي تدفعها البلديات للخدمات التي تقدمها. وبسبب أحجام الفقر المرتفعة، فإن معظم السكان لم يعودوا قادرين على دفع المستحقات للبلديات. وتفاقمت عملية الإفقار خلال فترة الكورونا وما بعدها: ودائرة المياه لم تضطر فقط إلى خفض رواتب عامليها إلى النصف، بل أيضاً لم يعد لديها المال المطلوب لشراء مادة السولار للمولدات الكهربائية التي تشغلها في الساعات التي تنقطع فيها الكهرباء، والتي تترواح بين 8 و12 ساعة في اليوم. وإذا لم تعمل منشآت المياه الجارية 24 ساعة في اليوم فإن النتيجة كميات كبيرة من المياه غير المعالَجة.
- يتخوف النجار من تردُّد الأطراف الدولية المانحة للفلسطينيين في الاستمرار في تمويل مشاريع بدأت قبل الحرب في أيار/مايو، والتي توقف العمل فيها. وقال: حتى لو بدأت المعابر بالعمل اليوم كما كانت قبل الحرب فإن إعادة العمل في المنظومة إلى وضع أفضل نسبياً يتطلب من 4 إلى 6 أشهر."