بايدن يتخلى، والتعاون السري في المنطقة ضد إيران يتصاعد
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • الحقيقة اتضحت في الشرق الأوسط. دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، أدركت حقيقتين: الأولى أن الولايات المتحدة تنفصل عنها وتركز على المواجهة مع الصين في شرق آسيا، وعلى المواجهة الأقل أهمية مع روسيا في أوروبا، ويهمهما أن يبقى الشرق الأوسط هادئاً ومستقراً فترة طويلة.
  • الحقيقة الثانية تتعلق بالأولى وهي أن إيران تسعى لأن تكون دولة على عتبة النووي، ولن تحصل مباشرة على سلاح نووي، على الأقل في الأعوام المقبلة. مع ذلك ستواصل إيران تآمرها على الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك ضد دول الخليج السنية، لتحقيق هيمنة شيعية. وستواصل إيران استخدام الميليشيات الشيعية المسلحة والجماعات السكانية الشيعية الكبيرة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
  • وتدّعي جهات أمنية واستخباراتية غربية أن الولايات المتحدة أيضاً تشارك هذا التقدير بشأن نيات إيران، لكن إدارة بايدن تواصل المفاوضات في ڤيينا للعودة إلى الاتفاق النووي الأصلي لسنة 2015 من أجل تحقيق هدفين: منع "قفزة" إيرانية" إلى قدرة نووية كاملة، بما فيها صنع رأس حربي نووي، وإبعاد إيران بقدر المستطاع عن إنتاج القنبلة حتى عندما تصبح دولة على عتبة النووي.
  • للتوضيح، تستطيع الدول على عتبة النووي خلال شهرين وحتى 6 أشهر إنتاج جهاز تفجير نووي فعال وتركيبه على صاروخ يحمله إلى هدفه. لدى إيران عدة صواريخ من هذا النوع بإمكانها الوصول إلى إسرائيل، وربما أبعد من ذلك، إلى أوروبا. كما لديها قدرة على تخصيب اليورانيوم بسرعة كبيرة بواسطة أجهزة طرد مركزي جديدة طورتها.
  • هناك خلاف بين أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بشأن جهاز التفجير النووي، لكن الكل متفق على أن إيران تستطيع أن تصبح دولة على عتبة النووي خلال أشهر معدودة، ثلاثة أو أربعة أشهر.
  • بالإضافة إلى ذلك، ثمة اتفاق بين الأجهزة الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية على أن إيران لا تسعى فوراً للحصول على سلاح نووي، بل تريد البقاء في وضع دولة على عتبة النووي، وهي تستطيع من خلال ذلك تهديد جاراتها، وأيضاً الدول العظمى، مثل الولايات المتحدة، من دون التعرض للعقوبات.
  • هذا التقدير المشترك في الغرب له دلالة دراماتيكية لأنها تسمح لبايدن بالقول للرئيس ريفلين مؤخراً إنه لن يسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي خلال ولايته. بايدن لم يقُل إنه لن يسمح لإيران بأن تصبح دولة على عتبة النووي.
  • صحيح أن إدارة بايدن تُظهر تشدداً حيال الموقف الرافض لإيران والمراوحة في مفاوضات ڤيينا. ولهذا هاجمت مسيّرة تابعة للجيش الأميركي في الأسبوع الماضي معسكرات الميليشيات الشيعية العراقية التي تمولها إيران لإزعاج وتهديد الجنود الأميركيين الذين لا يزالون في العراق. لكن يجب ألا نخطىء، بايدن سيقلل بقدر الإمكان من استخدام الوسائل العسكرية، وهو يأمل بتحقيق الأهداف في الشأن الإيراني بواسطة الكثير من الدبلوماسية والقليل من الضغط الاقتصادي. والآن على إسرائيل ودول الخليج الاعتناء بنفسها.
  • وهذا هو سبب عدم إسراع الإيرانيين إلى التوصل إلى اتفاق في ڤيينا، في رأي خبراء استخباراتيين غربيين. هم يواصلون بوتيرة كبيرة تطوير وتصنيع أجهزة طرد جديدة، ويركّبون المزيد من منظومات السلاح النووي، إذا جرى التوصل إلى اتفاق على العودة إلى التفاهمات النووية الأصلية- تبقى المعرفة وأدوات التصنيع، ويمكن تركيب رأس حربي نووي خلال أسابيع معدودة. إيران على عتبة النووي تستطيع تحقيق استراتيجيتها التآمرية في الشرق الأوسط، بما فيها ضد إسرائيل، من دون أن يستطيع أحد ما تهديدها.

 

إسرائيل لا تريد أن يُفهم أنها أعطت ضوءاً أخضر للاتفاق

  • كما ظهر في أفغانستان، صورة انفصال الولايات المتحدة عن المنطقة حتى لو كان الثمن التخلي عن حلفائها – في مقابل سباق إيران للوصول إلى دولة على عتبة النووي، واضحة أيضاً للدول التي كانت حتى الآن تتحسس طريقها في الظلام. والاستراتيجيا المضادة تبلورت. وهي تعتمد على تعاون الدول الإسلامية السنية المعتدلة الموالية للغرب وإسرائيل في مواجهة إيران وكل الذين يدورون في فلكها.
  • اتفاقات أبراهام بين الإمارات والبحرين والسودان والمغرب وبين إسرائيل كانت السنونوة الأولى في سلسلة خطوات مصالحة إقليمية نابعة من هذا الإدراك. حتى تركيا حاولت من دون نجاح تحسين علاقتها مع حكومة الجنرال السيسي في إطار هذه المساعي، لكن السعودية وقطر تصالحتا، وكذلك تصالحت دول خليجية أُخرى مع قطر التي أصبحت لاعباً إقليمياً مهماً.
  • ظاهرياً، يبدو أن السعودية ودولاً أُخرى في الخليج تحاول التصالح أيضاً مع إيران، لكن من الممكن التقدير بكثير من الثقة أن هذا مجرد بطاقة تأمين، بينما يجري سرياً نشاط إقليمي منسق لكبح إيران بكل الوسائل الممكنة. لا يمكن التحدث عمّا يجري بعيداً عن الأضواء وما دور إسرائيل في هذه النشاطات المشتركة. أيضاً يدرك الإيرانيون جيداً أن جبهة شرق أوسطية معادية لإيران تجري بلورتها وأصبحت في مراحل متقدمة وبدأت بالعمل ضدها.
  • بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من أن حكومة الوحدة برئاسة بينت لا تزال تحارب من أجل بقائها السياسي، إلا إن لديها سياسة واضحة على الصعيد الأمني بلورها نتنياهو في أيام الحكومة السابقة، وخطوطها واضحة جداً:
  • في الموضوع النووي تحرص إسرائيل من وراء الكواليس على ألا تتنازل إدارة بايدن في موضوعات جوهرية، مثل الرقابة على تخصيب اليورانيوم ومشروع سلاح محتمل. كما تحاول إسرائيل إقناع الإدارة بعدم التسرع في التخلي عن رافعة الضغط التي تمثلها العقوبات.
  • ليس هناك رغبة في أن تشعر الإدارة الأميركية بأنها حصلت على ضوء أخضر من إسرائيل، لذلك لم تقدم المؤسسة الأمنية للأميركيين طلباتها في المقابل- تعزيز قوة الجيش الإسرائيلي للمحافظة على تفوقه العسكري إزاء إيران النووية بعد الاتفاق. حتى الآن طالبت إسرائيل فقط باستكمال الصواريخ الدفاعية ووسائل أُخرى تسمح لها بمواجهة التهديدات من لبنان ومن غزة ليس أكثر.
  • بعد توقيع الاتفاق، من المحتمل الافتراض أن إسرائيل ستدخل في نقاش جدي مع الولايات المتحدة في سلتين من الموضوعات. الأولى تتعلق بالقدرة العسكرية التي لدى الولايات المتحدة وليست لدى إسرائيل وتطوير قدرات جديدة. وتصر إسرائيل على ذلك، ولقد قالها علناً رئيس الأركان كوخافي للأميركيين: إذا أصبحت إيران قريبة من الحصول على سلاح نووي فإن إسرائيل ستتحرك عسكرياً - هجومياً لمنع قفزة نحو سلاح نووي. وتتضمن السلة العسكرية تعاوناً استخباراتياً وغير استخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل له علاقة بالنووي وبإحباط الخطط التآمرية الإيرانية في المنطقة.
  • السلة الثانية هي سياسية- استراتيجية تُعنى في الأساس ببلورة تفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن ما يجب فعله إذا قفزت إيران نحو سلاح نووي أو أصبحت قريبة من ذلك. مصدر أمني رفيع المستوى يقول للصحيفة إن إسرائيل في أي حالة لن تطلب الإذن للتحرك ضد إيران. وتريد أن يواصل الأميركيون مساعدتها وألا تتخلى إدارة بايدن عنها إذا حان وقت الحسم.
  • مكوّن آخر في السياسة التي يقودها وزير الدفاع بني غانتس ورئيس الأركان كوخافي هو زيادة العمليات ضد إيران على كل المستويات، لكن بعكس الحكومة السابقة – من دون ضجيج وأصداء وتفاخُر. جزء صغير تنشره وسائل الإعلام، لكن يمكن القول إن التعاون بين الجيش والموساد وأطراف إقليمية، وأيضاً مع الأميركيين أنفسهم، هي اليوم وثيقة ومكثفة أكثر مما كانت عليه قبل نصف عام.
  • تتخوف إسرائيل من أن تحصل إيران بعد توقيع الاتفاق على مليارات الدولارات التي تسمح لها بترسيخ اقتصادها وتقديم مساعدة كبيرة وأكثر سخاء إلى وكلائها، في الأساس حزب الله والميليشيات في العراق وسورية، وإلى الحوثيين في اليمن.
  • يتركز الجهد حالياً على التأثير في إدارة بايدن كي لا تتسرع في رفع العقوبات، وأيضاً تقويض ثقة الشعب الإيراني بحكم آيات الله بصورة تعرّض بقاء النظام للخطر. لا أحد يقول في الشرق الأوسط إن هذه هي النية، لكن هناك أموراً كثيرة لا تقال.
  • يتفهم الإيرانيون الصورة، لذلك يصعّدون خطواتهم، بما فيها عمليات التخريب التي تستهدف الملاحة البحرية واقتصاديات الدول التي تنتمي إلى المعسكر السني المعتدل وإسرائيل. الانفجار في مرفأ دبي يوم الأربعاء يمكن أن يكون جزءاً من هذه الحرب، لكن الفصل الجديد في تاريخ الشرق الأوسط لا يزال في بدايته، ونتيجة ذلك من الممكن أن تتوحد جبهات يحاربها الجيش الإسرائيلي في جبهة كبيرة واحدة؛ من التمركز الإيراني في سورية، ومشروع الصواريخ الدقيقة في لبنان، والذي يتواصل ويُقلق إسرائيل، وغزة، كما يجب عدم الاستخفاف بالتهديد من اليمن. كل هذه العوامل هي فاعلة اليوم ويمكن أن توحدها إيران وتحولها إلى جبهة واحدة ضد إسرائيل، في الأساس إذا وُقّع الاتفاق، وإذا عادت مليارات الدولارات من تصدير النفط إلى التدفق.