وفاة الناشط المعارض للسلطة بعد اعتقاله أدت إلى تأجيج الاحتجاج الشعبي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • نزار بنات، الناشط السياسي الذي انتقد السلطة الفلسطينية طوال أعوام، توفي أمس (الخميس) بعد مرور ساعة على اعتقاله من طرف عناصر أمنية فلسطينية. بعد وفاته تظاهر الآلاف في الضفة الغربية وادّعوا أن ما حدث هو اغتيال سياسي. لكن عدم الحنكة والطريقة غير المهذبة في اعتقاله يمكن أن يدلّا على عدم وجود نية لقتله، بالتأكيد ليس في هذه المرحلة، لكن فقط تحذيره وتحذير الآخرين من عدم التجرؤ على انتقاد السلطة. وكلما ازداد النفور والاشمئزاز إزاء السلطة التي لا تريد أن تتغير، كلما أصبحت وسائلها في التحذير والردع أوضح. بكلمات أُخرى: الاعتقال كان متعمداً والعنف كان مقصوداً، لكن الموت نفسه كان حادثة مؤسفة.
  • عدم ضبط النفس الذي بدر من العناصر الأمنية يدل على أنهم رأوا في نزار بنات عنصراً مزعجاً منذ فترة طويلة. نزار بنات - الأب لأربعة أولاد، بينهم طفلة عمرها 4 أشهر- اعتُقل قبل الفجر، ليس في منزله في بلدة دورا، بل في منزل ابن عمه في منطقة H2 في الخليل، الواقعة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية. من المعروف أنه في هذا الجزء من المدينة تحتاج الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى إذن من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للقيام باعتقالات، كما عليها أن تنسق مسبقاً مع الجيش الإسرائيلي ومع إدارة التنسيق والاتصال قبل دخول عناصرها المسلحة.
  • بنات اعتبر نفسه "مطلوباً" من السلطة الفلسطينية، ولذلك انتقل للعيش في المنطقة H2 موقتاً، بحسب ما قال صديق له لـ"هآرتس". في أيار/مايو أطلق مجهولون النار على منزله في دورا ورموا عليه قنبلة صوتية. وكان هذا بمثابة إشارة تحذير إلى بنات. وعلى ما يبدو، اعتقد بنات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لن تُقدم على اعتقاله في المنطقة H2، لأنها من الصعب أن تحصل على موافقة من إسرائيل. لكنه كان على خطأ.
  • سبق إطلاق النار اشتباكات كلامية بين بنات وبين ممثلي السلطة وأعضاء "فتح"، على خلفية الانتقادات التي تجرأ على توجيهها إليهم بسبب التنسيق الأمني مع إسرائيل، والفساد، والزبائنية، وتفضيل المصالح الشخصية على مصلحة الشعب. مؤخراً ركز على الصفقة (التي أُلغيت) لنقل لقاحات فايزر ضد الكورونا التي تكاد تنتهي مدتها من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية في مقابل تخصيص لقاحات جديدة كان من المفترض أن تصل إلى السلطة في مطلع العام القادم. فلسطينيون كثر، بينهم بنات، لم يصدقوا أنه لا توجد اعتبارات اقتصادية شخصية لبعض المسؤولين الرفيعي المستوى وراء فشل الصفقة. وزاد غياب الشفافية في شكوكهم.
  • وبالاستناد إلى معلومات جمعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حوالي الساعة الثالثة فجراً جرى تحطيم نافذة في غرفة في الطابق الأرضي في منزل مجدي بنات في الخليل، كان ينام فيها نزار بنات وقريباه محمد وحسين وابن صاحب المنزل. ودخل عبر النافذة مسلحان بلباس مدنية، وقاما برشّ غاز الفلفل في عيون الموجودين في الغرفة. ثم فتحا باب الغرفة فدخلت عناصر أمنية  ترتدي بزّات تحمل شارات الأمن الوقائي الفلسطيني. وقد شارك في العملية نحو 20 شخصاً، بعضهم هجم على بنات وبدأ بضربه بالعصي، وأقدم أحدهم على ضربه بعصا من الحديد على رأسه، بينما وجّه الآخرون سلاحهم نحو الموجودين في الغرفة لمنعهم من التدخل. بعد سبع دقائق على اقتحام المنزل سحبوا بنات إلى الخارج مع مواصلة ضربه وهو يصرخ من الألم. وبعد مرور ساعة نُشر إعلان وفاته في مستشفى حكومي في الخليل.
  • أحدث خبر وفاة بنات صدمة كبيرة واحتجاجات. صحيح أنه أُعلِن إنشاء لجنة تحقيق رسمية، لكن يبدو أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليست مؤهلة لأن تتغير وتحسّن علاقتها بشعبها الذي يعاني جرّاء الاحتلال الإسرائيلي.