هل هذه حكومة تغيير؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يمكن أن نتفهم من القلب الذين يشعرون اليوم بالارتياح، وربما بالفرح، لأن حكومة جديدة ستؤلَّف. لكن من الصعب أكثر المشاركة في المبالغات الطفولية التي تصور إسرائيل كأنها خرجت من الظلمة إلى النور، ومن العبودية إلى الحرية، وكأن ألكسندر لوكاشينكو [رئيس بيلاروسيا] هو الذي سقط وليس بنيامين نتنياهو.
- المبالغات الهستيرية هي من صنع المعسكرين - ذهاب نتنياهو ليس نهاية العالم ولا يفتح أبواب النعيم. المعسكر الذي كره نتنياهو تجاهل إنجازاته وركز على نمط حياته وإخفاقاته، سيقفز هذه الليلة من الفرح، لكن عذراً لستُ جزءاً من هذا الاحتفال. فحكومة نتنياهو ستُستبدل بحكومة يمينية أُخرى. وستصحو إسرائيل على فجر يوم جديد يشبه كثيراً اليوم الذي سبقه.
- في إمكان المرء أن يتفهم الفرحة بإزاحة الليكود من الحكم. وبسبب كثرة المهرجين والذين كُمّت أفواههم تحولت حكومة نتنياهو في الأعوام الأخيرة إلى حكومة الرجل الواحد. اختفاء ميري ريغيف من حياتنا هي لحظة مهمة. الحكومة الجديدة سيكون لديها طاقم فاعل ومهم من الوزراء، جزء منهم سيحاول القيام بمهمته بطريقة محترمة. هذا مفرح. لكن فوق هذا كله تحوم غيمة سوداء ثقيلة الوطأة: اليمين يحلّ محل اليمين. يمين من دون نتنياهو سيأتي مكان يمين مع نتنياهو، والإثنان متوحشان. ما من يساري رصين يمكن أن يفرح بذلك.
- قبل أن يصدق اليسار حملة التهديدات التي يشنها أنصار نتنياهو على "حكومة أقصى اليسار"، يجب علينا مع الأسف الشديد العودة إلى أرض الواقع: اليمين سيسيطر من دون حدود على هذه الحكومة أيضاً. هذه ليست حكومة وحدة ولا تغيير بل حكومة يمين. عملية تأليف الحكومة تخبرنا بما هو آتٍ لاحقاً: العمل وميرتس لم يؤخَذا في الحسبان خلال المفاوضات الائتلافية، لقد كانا في جيب الكبار. رموا لهما بوزارتي المواصلات والصحة، وأعطوا الفتات لراعام، الحزب الذي من الصعب تسميته باليساري.
- وزير الخارجية يائير لبيد سيسافر إلى العالم ويلتقط صوراً مع زعماء الدول، ويسحر كل الذين يريدون بشدة رؤية إسرائيل مختلفة. هذا سيكون وهماً آخر مثل وهم الراحل شمعون بيرس، الذي سبق لبيد في أداء دور الوجه الجميل لإسرائيل. هذا ليس بسبب الحكومة التي تقف وراء لبيد، بل بسبب مواقفه الشخصية: لبيد يميني وهو سيوافق تقريباً على كل خطوات التيار اليميني في الحكومة. في الموضوعات المصيرية، الأخ بينت سيطبق سياسة الأخ لبيد، والعكس بالعكس. يا لها من أخوة.
- عن وزير المال أفيغدور ليبرمان يجب ألّا نكثر الكلام. لم تشهد إسرائيل قط وزيراً للمال يمينياً وفاسداً مثله. وزير العدل جدعون ساعر ووزيرة الداخلية أييليت شاكيد سيمثلان وجه الشر في الحكومة. هنا لا مكان للتظاهر بالرحمة ولا بالإنسانية، كي لا نتحدث عن المساواة مع غير اليهود في هذا البلد. وزير الدفاع بني غانتس يخنق الآن غزة كما لم يفعل أحد مثله من قبل.
- يرأس كل هؤلاء رئيس الحكومة نفتالي بينت، الذي لا يزال يحمل وسم الحرب الفظيعة على غزة، التي دفع وحرّض عليها بسبب خطف وقتل 3 شبان يهود من الضفة الغربية، والذي يسرّه تكرار ذلك. موضوع إيران، وقانون القومية، وسلطة القانون، وميزانية الدفاع، والمستوطنات، ستعالَج تماماً كما عالجتها الحكومة السابقة. في بؤرة أفيتار الاستيطانية يمكنهم أن يفتحوا زجاجات الشمبانيا. حكومة اليسار المتطرف هذه ستدعمهم. وهذه حكومة لا تبشر بالخير.
- فلول اليسار البائس ستشاهد ما يجري متفرجة. لن يأخذها أحد على محمل الجد، وفعلاً ليس لديها خيار. نيتسان هوروفيتس سيحتج وميراف ميخائيلي ستهدد، وسيسجل أمين سر الحكومة ذلك في المحاضر. هما لا ينتميان إلى نادي الكبار.
- أتمنى أن يكون هذا كله ليس صحيحاً. وأتمنى أن يكون هذا الكلام تذمراً مزعجاً من شخص يرى دائماً الأسوأ. لكن مع الأسف لا فرصة لذلك.