بمواجهة "حماس": الجيش ينجح والسياسيون يفشلون
تاريخ المقال
المصدر
- يمكننا الاتفاق على الثناء على القدرة العسكرية المدهشة التي أظهرها الجيش الإسرائيلي في عملية "حارس الأسوار" دفاعاً وهجوماً. التفكير الاستراتيجي كان ممتازاً وسيؤدي إلى ردع "حماس" عن شن هجمات على إسرائيل في المستقبل المنظور. لكن على الصعيد السياسي الاستراتيجي من الواضح أن السياسة حيال "حماس" أصبحت موضع علامات استفهام وتتطلب التفكير في مسار جديد.
- من المهم الإشارة إلى أن "حماس" تنظيم مسلح تحركه أيديولوجيا دينية هدفها تدمير إسرائيل وإقامة الخلافة الإسلامية، بحسب مفهوم حركة الإخوان المسلمين التي تنتمي إليها. هذا هو سبب قيام الدول العربية بملاحقة الإخوان المسلمين وحظر نشاطهم في أراضيها (باستثناء قطر).
- لدى "حماس" رؤية واستراتيجيا واضحتان، وفي رأيها، أنها حققت في إطار المواجهة الحالية إنجازات مهمة كانت تحلم بها: وضع القدس في مركز الاهتمام الدولي والفلسطيني؛ تصوير نفسها كدرع للإسلام؛ المواجهات بين العرب الإسرائيليين وبين اليهود داخل إسرائيل؛ زعزعة إضافية لمكانة السلطة الفلسطينية وإعداد الأرضية للسيطرة على الضفة الغربية؛ هجمات واسعة النطاق بالصواريخ على إسرائيل - على الرغم من الضربات التي تلقتها (تدمير الأنفاق الهجومية وضرب المسيّرات، وضرب مهندسي إنتاج الصواريخ والمنظومة تحت الأرض). كل هذا يغذي الانطباع داخل قيادة "حماس" أن دربها الاستراتيجي التاريخي هو الصحيح، وعلى الرغم من الضربات العسكرية التي تلقتها فعليها الاستمرار في هذه الطريق.
- ماذا يمكن أن نستخلص من ذلك؟ على الأرجح ستتوصل دولة إسرائيل إلى خلق ردع قوي سيمنع "حماس" من الهجوم على إسرائيل فترة من الوقت قصيرة أو طويلة، بحسب النتائج التي ستسفر عنها المعركة الحالية.
- في المقابل ستواصل "حماس" بذل كل ما في وسعها لتحقيق رؤيتها بكل مكوناتها على أساس يحاكي نجاحها قبل المواجهة الحالية وخلالها.
- بناءً على ذلك، المطلوب اعتبار "حماس" عدواً يجب التعامل معه كما يجري التعامل مع دول عربية، والعمل على إسقاطها التدريجي أو السريع، بحسب ما وعد به رئيس الحكومة قبل 12 عاماً. على هذه الخلفية من المهم أن نقيس تأثير المواجهات في كل من إيران وحزب الله - اللذين يحاولان توسيع المواجهة إلى مناطق الحدود مع لبنان وسورية. من الضروري ألّا يعكس التصور أن "حماس" حققت إنجازات صورة ضعف في أعين إيران وحزب الله.
- يمكن القول إن الافتراض أن "حماس" قابلة للاحتواء والاقتلاع لم يعد صالحاً بعد الآن. هل من الممكن توقّع تغيير السياسة؟ الجواب هو كلا. لماذا؟ لأن المطلوب تغيير جذري في السياسة حيال السلطة الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل في حربها ضد الإرهاب والعنف، بخلاف كلام الدعاية الإسرائيلية. وهذا يتطلب تغييراً للتوجه وليس هناك فرصة لحدوث ذلك. إذا أردنا إخضاع "حماس" في غزة فستُطرح مسألة مَن سيسيطر هناك بعد طردها؟ الخيار سيكون قاسياً - الجيش الإسرائيلي أو السلطة الفلسطينية؟ هذا لن يحدث من دون تسوية سياسية. وسيكون لذلك تداعيات أيضاً على جوهر السلام مع الدول العربية، وبينما التعاون الأمني البعيد عن الأنظار سيتواصل، فإن التطبيع سيبتعد.
- ما المطلوب الآن؟ الجيش الإسرائيلي سيستخلص الدروس بطريقة مدهشة، لكن المطلوب من المستوى السياسي القيام فوراً بالخطوات التالية: اعتبار "حماس" عدواً يجب إخضاعه وفق نموذج الدول العربية. كما يجب القيام بتغيير جذري للمقاربة إزاء السلطة الفلسطينية بهدف تقويتها في مواجهة "حماس"، وتجنيد تأييد دولي وخلق قاسم مشترك مع الولايات المتحدة والعالم من أجل مساعي التهدئة والتسوية السياسية. علاوة على ذلك، على رئيس الحكومة لدى فحصه سياسته أن يعالج مسألة كيف تحولت "حماس" إلى عنصر خطر، وكيف أصبحت إيران تشكل تهديداً نووياً ضد إسرائيل على الرغم من كل الجهود الجبارة والمدهشة التي قام بها في الأساس الموساد.
- في الخلاصة، المطلوب استخلاص الدروس وإعادة تقدير الوضع على أساس الإخفاقات على المستوى الاستراتيجي والحاجة إلى تعزيز مكانة إسرائيل وقدراتها في مواجهة مجموعة التهديدات الواسعة التي تنتظرنا.