علامَ فعلاً يجب محاكمة نتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • شخص واحد يسبب مشكلة لدولة بأكملها. شخص واحد مسؤول عن الدراما التي حدثت أمس في المحكمة، وفي بيت الرئيس. شخص واحد هو أيضاً السبب في البازل المستحيل لنتائج الانتخابات، وللواقع الفوضوي الذي نعيشه، واقع أن كل القوانين التي تعودنا عليها تحطمت ولم تعد موجودة. حتى الآن تعودنا أن بعد كل معركة انتخابية تتألف حكومة. أحياناً جيدة وأحياناً أقل جودة، لكن تتألف حكومة. وها نحن الآن من دون حسم بعد أربع معارك انتخابية، والأطراف تحلم بحكومة تحظى بدعم 61 عضو كنيست، وهي أيضاً حكومة غير مستقرة فعلاً.
  • عدم إمكان تأليف حكومة مستقرة هو نتيجة واضحة لرئيس حكومة أخذ حزبه رهينة، ويستخدمه لأهدافه الشخصية: الحصول على حصانة وإلغاء محاكمته. من أجل ذلك ليس لدى نتنياهو مشكلة في أن يعِد نفتالي بينت بسبعة مقاعد محصنة على قائمة الليكود في الكنيست، ولا مشكلة لديه في الاعتماد على منصور عباس، على الرغم من أنه وصف الأحزاب العربية بأنها داعمة للإرهاب وتحب الإرهابيين، وعلى الرغم من تصريحه بأن ليس هناك فرصة لتأليف حكومة يدعمها عباس. قناع أكاذيبه يسيء إلى سمعة السياسيين، ويجعل الديمقراطية هشة وضعيفة. وبهذه الطريقة تطورت قاعدة جديدة هي المناوبة. بغض النظر عن صغر حجمك، لديك قوة الابتزاز للمطالبة بالمناوبة، الأمر الذي يحول الحكومة إلى هيئة لا يمكن إدارتها. تخيل نفسك مديراً تنفيذياً لشركة تعرف أنه سيجري استبدالك بخصمك بعد عامين. من الواضح أن شركة كهذه مصيرها الانهيار.
  • طوال سنين تعودنا أن أول ما تقوم به الحكومة بعد الانتخابات تقديم الميزانية، التي تكون هي خطة عملها الفعلية، مع سلّم أولويات واضح في السياسة الضرائبية وفي حجم العجز، ومع رزمة إصلاحات وظيفتها تحقيق النمو ورفع مستوى الحياة. وها نحن منذ عامين، وفي خضم أزمة صحية اقتصادية واجتماعية خطرة ليس لدينا ميزانية ولا خطة. الحكومة تعمل مع "تمويل جارٍ" أُضيف إليه "صندوق كورونا" الهائل (130 مليار خلال عامين) الذي يسمح بإنفاق أموال كبيرة من دون حدود للعجز، والحاجة إلى تقليصات، أو فرض ضرائب. يكذبون على الجمهور ويقولون له إن هذا ممكن.
  • لأول مرة في التاريخ يمر عامان من دون إصلاحات وتغييرات هيكلية في الاقتصاد، بعد اقتصاد انتخابات فاضح قاده نتنياهو منذ اللحظة الأولى لإقامة حكومة المناوبة. هو لم يرِد إثارة غضب مجموعات الضغط، لذا لم يقلص الأجر في القطاع العام، ولم يخفض الأموال المخصصة للتقاعد المبالَغ فيها، ولم يرفع سن التقاعد للمرأة، ولم يلغِ الضريبة المضافة إلى الخضار والفاكهة، ولم يخفض التعرفات الجمركية على استيراد المواد الغذائية. وكانت النتيجة: نمواً سلبياً، بطالة عالية وانخفاضاً في مستوى الحياة.
  • طوال أعوام اعتقدنا أن لدينا منظومة قضائية رائعة مستقلة وقوية تعرف كيف تدافع عن المواطن الصغير. تعلمنا أن المحكمة العليا تتمتع بسمعة عالمية. وها هو بيبي بعد محاكمته يحول هذه المنظومة الرائعة إلى كيس ملاكمة في حملة كذب طويلة. لقد حاول أن يقضي على المفوض العام للشرطة، وعلى النيابة العامة، والآن على المستشار القانوني، وعلى القضاة. كل هؤلاء عرضة للهجوم والتهديدات، وثقة الجمهور بهم تقِل.
  • في الأمس بدأت مرحلة عرض الأدلة في محاكمة نتنياهو بتهمة الرشى والاحتيال وخيانة الثقة. لكنه يجب أن يحاكَم علناً بسبب جرائم أُخرى: انتخابات متكررة، منظومة قضائية اضطرت إلى استئجار حراس لحماية مسؤوليها الرفيعي المستوى، وبسبب عدم وجود ميزانية، وغياب النمو، والبطالة.
  • يجب أن يحاكَم بيبي علناً لأنه تسبب بفقدان ثقة الجمهور بمؤسسات الحكم، وبسبب الوضع الذي أصبح فيه الكذب أفضل من الحقيقة. الأمر الوحيد الذي يستطيع أن يفعله الآن هو إعلان استقالته. ويجب ألّا يحلم حتى بمنصب رئيس الدولة. ببساطة عليه أن يعود إلى منزله.