النموذج الإيراني وراء الهجوم على الباخرة الإسرائيلية
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

  • حدث هذا يوم الجمعة قبل أسبوع، بالقرب من ساحل عُمان في الخليج الفارسي: سُمع انفجاران من جانبي الباخرة "هليوس راي". لكن الوقائع واضحة. منذ ذلك الحين فصاعداً برزت تقديرات وتبصرات لا بأس بها بشأن الساحة البحرية الأكثر احتداماً في العالم، وأيضاً بشأن حرب إيرانية - إسرائيلية ترتفع درجة درجة، إلى حد طرح السؤال هل إسرائيل غارقة  في نظرية عمل غير صحيحة.
  • الاحتمال الأول المطروح أن الهجوم هو فقط حلقة من سلسلة طويلة من الهجمات في الخليج الفارسي في البحر والبر، شملت أهدافاً، مثل حقل النفط المركزي في السعودية الذي توقف نصفه عن العمل جرّاء هجوم إيراني عنيف في أيلول/سبتمبر قبل عام ونصف العام. قبل ذلك بوقت قليل، في صيف 2019، تعرضت عدة سفن تجارية لانفجار ألغام بحرية وألغام أُلصقتها قوة كوماندوس تابعة للحرس الثوري الإيراني عبر زوارق سريعة جرى توثيق عملياتها بواسطة سلاح البحرية الأميركي.
  • لدى كل طرف في المنطقة المتوترة أسباب لمهاجمة الطرف الآخر من حين إلى آخر، وخصوصاً الجمهورية الإسلامية التي تسعى لاستخدام الضغط لتخفيف عبء العقوبات عنها قليلاً. لكن عندما اتضح أن الباخرة تعود إلى رجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونغار، طُرح فوراً احتمال أن يكون الهجوم الإيراني وُجِّه علناً ضد هدف إسرائيلي. فهل هذا صحيح؟
  • لدى حدوث الهجوم كانت السفينة ترفع علم جزر الباهامس، وكانت في طريقها إلى سنغافورة بعد أن أنزلت سيارات أوروبية في مرافىء عُمان والسعودية والبحرين. الهجوم على جانب السفينة كان فوق سطح الماء، وعلى ما يبدو كان مقصوداً للحؤول دون غرقها وحدوث رد عنيف.
  • رست الباخرة لإجراء التصليحات في مرفأ دبي، وهناك جرى التحقيق قي ظروف الانفجار بمشاركة عناصر أمنية إسرائيلية. وقد سارعت مصادر إسرائيلية إلى توجيه الاتهام إلى إيران، ربما رداً على اغتيال أبي المشروع النووي الإيراني د. محسن فخري زادة قبل 5 أشهر. أونغار نفسه الذي يبلغ السابعة والسبعين من العمر قدّر أن الهجوم على الباخرة لا علاقة له بأن مالكها تاجر إسرائيلي، بل هو رد إيراني على الهجمات الأميركية في سورية والعراق قبل ليلة من ذلك.
  • لكن هل عرف الإيرانيون فعلاً أنهم هاجموا سفينة يملكها إسرائيلي؟ العميد في الاحتياط د. إيل بانكس، الذي خدم سابقاً في سلاح البحر وهو خبير في الأمن البحري، كتب مقالاً في "إسرائيل ديفنس" قائلاً إن السفن التي تبحر ملزَمة بإرسال رسائل بانتظام تحدد هويتها بصورة أوتوماتيكية وعلنية، بحسب قانون التأمين العالمي؛ وقد أرسلت أجهزة الباخرة معلومات عن هويتها ومكانها ومسارها وهدفها وغيره. سلاح البحر في الحرس الثوري الإيراني تابع الرسائل التي أرسلتها الباخرة، وعلى ما يبدو قرر مهاجمتها بعيداً عن الساحل الإيراني كي تبقى العملية سرية. ومع ذلك لا يعني هذا أن الإيرانيين تحققوا بالضرورة من هوية الباخرة لتحديد هوية صاحبها.
  • هل من المحتمل أن لإسرائيل دافعاً "للتطوع" والإعلان أن ما جرى هو هجوم عليها؟ منذ تشرين الثاني/نوفمبر هناك توقعات لحدوث هجوم انتقامي رداً على اغتيال فخري زادة، والذي تنسبه إيران إلى إسرائيل. بحسب سيناريو أُخذ في الحسبان أيضاً، إذا اعترف الإيرانيون بأنهم فعلاً هاجموا هدفاً إسرائيلياً عن قصد، فإن الهجوم الذي لم يوقع إصابات بالأرواح، يمكنه أن يغلق جزءاً من الحساب المفتوح.

ساحة محتدمة

  • وزيرة شؤون الدفاع عن البيئة غيلا غمليئيل تحدثت في مؤتمر صحافي عقدته يوم الأربعاء عن التقدم في التحقيق في تلوث شواطىء إسرائيل بالقطران: بالاستناد إلى الوزيرة، عثرت التحقيقات بمساعدة أجهزة رصد إلكترونية وأقمار صناعية وغيرها على السفينة التي تسرب منها النفط الخام على طول الشاطىء، وهي ناقلة النفط أمرليد التي استُخدمت لنقل النفط من ميناء جزيرة خرج في إيران إلى سورية.
  • المؤسسة الأمنية انتقدت الوزيرة وكذّبت أن يكون تسرُّب النفط هجوماً إرهابياً بيئياً مقصوداً. وعلى أي حال فإن الحادثة تقدم نموذجاً آخر لاحتدام الساحة البحرية في كل العالم.
  • سجلت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في بيع الغواصات والبواخر والسلاح البحري الهجومي والدفاعي. يقول ران كريل المدير العام للتسويق الدولي في منظومات ألبيت [للصناعة العسكرية] "يمكن أن يكون لهذا علاقة بالتوتر في آسيا بشأن بحر الصين الجنوبي، أو بالإحصاءات التي تدل على زيادة كبيرة في عدد الغواصات التي تبحر في العالم. على أي حال هناك ضجيج غير طبيعي بشأن كل ما له علاقة بالقتال تحت الماء. وهذه زيادة دراماتيكية لم نر مثيلاً لها خلال سنوات". هناك أربع قوات معادية - الصين، روسيا، كوريا الشمالية، إيران - مسؤولة عن 47% من قوة أسطول الغواصات العالمي.
  • ويتابع كريل: "لا أستطيع الإشارة إلى حادثة معينة، لكن الروس أعلنوا استثمارات ضخمة جداً في الغواصات، وهذا ما جعل الولايات المتحدة تشعر بالضغط قليلاً. منذ سنوات يبني الصينيون أرصدة ويحاصرون الهند، ووقعت عدة احتكاكات في الخليج الفارسي، من بين أمور أُخرى مع الأميركيين. وهذا من دون أن نتحدث عن كوريا االشمالية والصين واليابان - منطقة محتدمة بعمليات بحرية ومواجهات لا تنتهي."

النموذج الإيراني

  • في هذه الأثناء من المهم الانتباه إلى أن تبادل الضربات المتواصل بين إسرائيل وإيران (سواء قصد الإيرانيون مهاجمة هدف إسرائيلي أم لا) ناجم عن افتراضين أساسيين لإسرائيل، ليس في إمكان أحد الاعتراض عليهما حالياً. الافتراض الأول هو أن على إسرائيل أن تبذل كل ما في استطاعتها كي تمنع إيران من شراء قدرة هجومية نووية. والافتراض الثاني هو أن أي اتفاق نووي بين إيران والدول العظمى سيكون سيئاً بالنسبة إلى إسرائيل.
  • هذه هي مقاربة عمل إسرائيل إزاء إيران في سورية ولبنان، علناً وسراً، في الساحة العسكرية وفي الساحة الدبلوماسية. لكن بخلاف الانطباع الموحد الذي يبدو للخارج، يمكن الاعتراض على هاتين الفرضيتين الأساسيتين. من المحتمل أن يتمكن الإيرانيون من تكبيدنا ثمناً باهظاً، مقارنة بهذا الثمن، من الأفضل لإسرائيل قبول إيران نووية؛ وإذا كانت التقارير بشأن وجود سلاح نووي لدى إسرائيل صحيحة - يمكن أن ننتقل إلى عهد "الردع النووي المتبادل" كما كان قائماً بين الاتحاد السوفياتي سابقاً والولايات المتحدة طوال عشرات السنوات.
  • من المحتمل أيضاً أن السبيل الأفضل لعرقلة المشروع النووي الإيراني هو تحديداً الاتفاق أو مزيج من "فترة اتفاق" و"فترة ضغط"، وليس ضغطاً اقتصادياً لا يتوقف من دون أي اتفاق. مثل هذا الضغط يدفع الإيرانيين إلى تسريع مشروعهم النووي السري، لكن هناك مَن يعترض على النظرية حالياً فقط في داخل المؤسستين الأمنية والسياسية.