تقرير: بعد انتهاء زيارة البابا، تخوف من رد عسكري أميركي في العراق
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

يبدو  أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا ينوي التراجع أمام الضغوطات الإيرانية الدبلوماسية والعسكرية في آن معاً. في نهاية الأسبوع الماضي مدد الرئيس الأميركي عاماً آخر "حالة الطوارىء الخاصة"  في الولايات المتحدة في مواجهة إيران بحجة أن الأخيرة لا تزال تشكل تهديداً استثنائياً للولايات المتحدة، وبسبب استمرار تأييدها لوكلائها في الشرق الأوسط. وصدر بيان بهذا الشأن عن الكونغرس. في مقابل ذلك، أعلن ناطقون رسميون بلسان الإدارة أن الولايات المتحدة تواصل فحص مَن يقف وراء الهجوم بالصواريخ على القاعدة الأميركية الجوية الكبيرة في "عين الأسد" في العراق في نهاية الأسبوع الماضي.

والتقدير أن ميليشيات "كتائب حزب الله" المدعومة من إيران هي التي نفّذت الهجوم رداً على القصف الأميركي لمعسكرات الميليشيات الموالية لإيران على الحدود العراقية-السورية.

وزير الدفاع الأميركي قال في 7 آذار/مارس إن الولايات المتحدة سترد على الهجوم على قاعدة "عين الأسد" في العراق في التوقيت الذي تختاره، وأنه يأمل بـ"أن تقوم إيران بالأمور بصورة صحيحة".

صور الأقمار الصناعية التي عرضتها محطة السي. أن. أن في 28 شباط/فبراير للمواقع التي قصفتها طائرات سلاح الجو الأميركي على الحدود السورية - العراقية لا تترك مجالاً للشك في أن الهجوم كان كبيراً. المواقع التي قُصفت تعود إلى تنظيمين مواليين لإيران هما "كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء"، اللذين ينتميان إلى "الحشد الشعبي" المدعوم من إيران، وهما اللذان يتهمهما الأميركيون بالهجوم على أهداف أميركية في العراق بصورة دائمة.

اعتمد تحرك الأميركيين على معلومات استخباراتية دقيقة من أجهزتهم الاستخباراتية ومعلومات وصلت إليهم من العراق. وحاول الرئيس الأميركي عدم شد الحبل أكثر من اللزوم في مواجهة إيران والتسبب بتصعيد كبير في العراق، حيث ينتشر جنود أميركيون. الجبهة الحقيقية للولايات المتحدة هي في العراق بمواجهة الميليشيات الموالية لإيران، وليس في سورية.

أدى القصف الأميركي على شرق سورية إلى مقتل 22 شخصاً، ويبدو أن الرئيس الأميركي أراد إرسال رسالة بواسطة الهجوم إلى الميليشيات الموالية لإيران في سورية لنقلها إلى إيران، وهي أنه مع الحوار السياسي، لكن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بالخيار العسكري، ولن تقبل المسّ بمواطنيها أو جنودها.

الرسالة الردعية للرئيس بايدن عبر الهجوم في سورية كانت واضحة: كل مسّ بالأميركيين في العراق سيواجَه برد عسكري فوري. لكن إيران لا تنوي التخلي عن ميليشياتها التي ردت بالهجوم على قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق. لذا يزداد التخوف في العراق من أن الرد الأميركي على الهجوم على قاعدة "عين الأسد" هو مسـألة وقت فقط. وفي رأي مسؤولين عراقيين، أن الرد تأجل بسبب الزيارة التاريخية التي قام بها البابا إلى العراق.

تواصل إيران هجماتها بواسطة الميليشيات الموالية لها على أهداف أميركية لسببين: الأول، مواصلة الانتقام من الولايات المتحدة لاغتيال قاسم سليماني، وتحقيق انسحاب الجنود الأميركيين من العراق وفقاً للقرار الذي اتخذه البرلمان العراقي قبل نحو عام. أمّا السبب الثاني فهو الضغط على إدارة بايدن لرفع العقوبات عن إيران والعودة إلى الاتفاق النووي من سنة 2015.

من جهتها الإدارة الأميركية ليست معنية بالتصعيد، لكن إذا لم ترد على الهجوم على "عين الأسد" سيفسَّر هذا بأنه علامة ضعف من طرف الرئيس بايدن الذي يحاول بناء الردع الأميركي.

من جهة أُخرى تنوي إيران مواصلة هجماتها على أهداف أميركية في العراق. وهذا قرار استراتيجي اتخذه المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، ويبدو أن على الرئيس الأميركي أن يقرر ما إذا كان سيدخل في اللعبة الإيرانية في العراق التي تهدف إلى استنزاف الولايات المتحدة  هناك.