علاقاتنا بالدول الأفريقية في الذروة وتحسّن صورتنا في العالم
تاريخ المقال
المصدر
- في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ازدهرت علاقات إسرائيل بأفريقيا. وشمل ذلك كل الدول الإسلامية جنوبي منطقة الساحل، من دون الدول العربية في شمال أفريقيا. مئات الإسرائيليين – مستشارون، مدربون، ورجال أعمال - مدوا يد المساعدة إلى السكان وساهموا في رفع مستوى حياتهم. آلاف الأفارقة جاؤوا للدراسة والتخصص في إسرائيل. في القدس شعروا بفخر ورضى كبير. غولدا مائير وأبا إيبان حرصا على تطوير الصلة.
- تغيرت الأمور بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، وتغيرت أكثر بعد حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]. العديد من أصدقاء إسرائيل قطع علاقاته بها، وأحدث هذا ظاهرة دومينو. وأصبحت إسرائيل خارج القارة الأفريقية. كل ما بقي فعله المحافظة على القليل، ومن هنا وُلدت السياسة السلبية إزاء القارة. العديد من الدول الأفريقية ادعى أن سبب قطع العلاقات هو معارضتها احتلال المناطق الفلسطينية بالقوة. لكن الحقيقة مختلفة. الدول العربية، التي كانت في نزاع مع إسرائيل حينها، وعدت دولاً في أفريقيا بتقديم مساعدة مالية كبيرة لها، فانبهر زعماء القارة الأفريقية بهذا. كل محاولات إسرائيل تجديد الصلة ووجهت بالرفض.
- استمر البعد عن أفريقيا نحو 50 عاماً. بدأ الوضع بالتغير بعد اتفاق السلام مع مصر، ومن بعد اتفاقات أوسلو واتفاق السلام مع الأردن. بالتدريج بدأت العلاقات بيننا وبين دول في أفريقيا بالتبلور. واتضح أن المساعدة المالية من الدول العربية لم تصمد في الاختبار الفعلي. وإذا كان هناك مساعدة مالية عربية لأفريقيا فقد كانت ضئيلة. خيبة الأمل أدت إلى تراجع في مواقف الدول الأفريقية. فجأة ظهر الحنين إلى أيام مساعدة إسرائيل، وحدث بداية تغيير إيجابي تجاهها في مواجهة الوعود المالية التي لم تتحقق. التقطت إسرائيل ذلك وانتقلت إلى سياسة فعالة. قسم الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية قُسم إلى قسمين لتركيز العمل. كذلك وكالات الإغاثة والتعاون الدولية جرى تعزيزها بالمال والأشخاص. ولقد فعل هذا فعله، وشيئاً فشيئاً استأنفت عدة دول أفريقية العلاقات وعادت إسرائيل إلى أفريقيا.
- اليوم لدى إسرائيل علاقات بأكثر من 35 دولة أفريقية، وهي تساعدها في مجالات الزراعة والتعليم والطبابة والتكنولوجيا والأمن. ثلاثة أسباب أتاحت استئناف العلاقة: الأول، خيبة الأمل الأفريقية بوعود لم تتحقق كما ذكرنا. الثاني، اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول عربية، بينها اتفاقات أبراهام والاتفاقات مع السودان والمغرب. الثالث، الوضع الاستراتيجي القوي لإسرائيل.
- استئناف العلاقات بالقارة الأفريقية الذي وصل الآن إلى ذروته مع قرار غينيا الاستوائية نقل سفارتها إلى القدس، يتيح لإسرائيل إقامة علاقات ثنائية شجاعة بهذه الدول؛ رحلات تجارية فوق أراضيها تقصر الطريق والتكلفة؛ وجود في البحر الأحمر الذي يُعتبر منطقة استراتيجية؛ تأييد في المؤسسات الدولية؛ وقبل كل شيء تحسين صورة إسرائيل كدولة تساعد بإخلاص ومن دون مصلحة ضيقة.
- تطوير العلاقة المتبادلة مع القارة الأفريقية أمر حيوي ومهم. أفريقيا تشعر بالحنين إلى إسرائيل، وإسرائيل تحن إلى أفريقيا. حسناً تفعل إسرائيل عندما تشدد على تطوير القارة لتحسين حياة سكانها وتواصل مساعدتها التقنية التي تتذكرها أفريقيا من الأيام الطيبة الماضية. يتعين على إسرائيل نفض الغبار عن الأرشيف والعودة إلى التعاون الذي كان في الماضي مع أفريقيا.