إسرائيل اختارت الحفاظ على الاستقرار في منطقة الحدود مع غزة لكنها تواصل مراقبة التعاظم المقلق لقوة حركة "حماس" التي لا تكف عن التخطيط للمواجهة المقبلة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • يمكن القول إن أموراً كثيرة تغيرت في منطقة الحدود مع قطاع غزة خلال السنة الأخيرة، وليس فقط العائق الأمني الذي أقامته إسرائيل. وثمة أمور تتغير في غزة نفسها أيضاً. ومن السابق لأوانه التحدث عن استقرار أمني طويل الأمد، إذ يُحتمل في أي لحظة أن تندلع مواجهة عسكرية وتتطور بسرعة كبيرة. ومع ذلك يبدو أن السنة الأخيرة أوجدت أساساً أوسع لمثل هذا الاستقرار، وذلك بفضل مصالح اقتصادية، ووباء كورونا، وبفضل القطريين الذين يسخون بأموالهم، وبفضل إسرائيل التي تتيح تدفق هذه الأموال لأغراض إنسانية.
  • طوال الشهرين الفائتين لم يُطلق صاروخ واحد من قطاع غزة. ومع أن ذلك لا يشكل شهادة ضمان بعدم حدوث تصعيد في المستقبل، إلّا إنه يعكس واقعاً حالياً يبدو مستمراً منذ أشهر طويلة، تلتقي فيه مصالح إسرائيل وحركة "حماس" في مفترق الرغبة المشتركة في الحفاظ على الهدوء وعدم التدهور إلى التصعيد.
  • إن مَن يقود هذا الخط في غزة هو قائد "حماس" يحيى السنوار. ويمكن القول إن مكانته المركزية مستقرة. وفي إسرائيل تشير التقديرات السائدة إلى أنه في الوقت الحالي هناك احتمال كبير بأن يستمر الهدوء النسبي. ويجب أن نشير إلى أن هذا الهدوء لم يستتب من قبيل المصادفة، بل هو نتاج عمل أشخاص كثيرين من وراء الكواليس، وهم من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومن مصر، وقطر، و"حماس". يُضاف إلى ذلك أن العلاقة غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس" لم تكن أبداً بمثل ما هي عليه الآن، وتكاد تقترب من أن تكون علاقة شبه مباشرة.
  • لكن من المعروف أن في منطقتنا ما من شيء يكون بالمجان. ويدركون في إسرائيل أن ثمن الهدوء الذي يحظى به سكان المستوطنات في منطقة غلاف غزة بعد سنوات طويلة من عدم الاستقرار، يتم دفعه بعملة استمرار تعاظُم قوة "حماس" التي تستغل هذه الفترة إلى الحد الأقصى، ولا تكتفي بما هي عليه.
  • تسببت جولات التصعيد خلال السنوات الأخيرة بإلحاق أضرار بأسلحة نوعية لدى "حماس". ولا شك في أن فترة الهدوء تقيّد إلى حد كبير قدرة الجيش الإسرائيلي على القيام بعمليات، وفي هذه الأثناء يعملون في "حماس" على تطوير قدرات الصواريخ، وتدريب المقاتلين، وحفر الأنفاق. كذلك يتم استثمار موارد في القدرات العسكرية البحرية، وحادثة تدمير سفينة قبالة شواطئ غزة هذا الأسبوع زودتنا بمعلومة بسيطة بشأن محاولات "حماس" الرامية إلى تعاظُم قوتها في هذا المجال. والبيان الموجز الذي وصف فيه الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي تدمير تلك السفينة التي اقتربت من قوات سلاح البحر لا يعكس الصورة الكاملة.
  • يمكن التقدير أن "حماس" لم تتطلع هذا الأسبوع إلى تنفيذ عملية عسكرية بحرية. وفي صفوف الجيش الإسرائيلي تعاملوا مع سفينة "حماس" باعتبارها تهديداً محتملاً. وما أتاح لإسرائيل إمكان تدمير السفينة هو تجاوزها الحد المسموح به، وجرى ذلك بهدوء ومن دون ردة فعل من جانب "حماس"، وفي ظل تغطية إعلامية محدودة.
  • في مقابل معضلة الخيار بين تعاظُم قوة "حماس" وسائر المنظمات "الإرهابية" [في قطاع غزة] وبين الهدوء الأمني، تختار إسرائيل الحفاظ على الاستقرار، لكنها في الوقت عينه تواصل مراقبة التعاظُم المقلق لقوة "حماس" التي لا تكف للحظة عن التخطيط للمواجهة العسكرية المقبلة.

 

 

المزيد ضمن العدد 3509