حسناً تفعل إسرائيل إذا قامت بمبادرة لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده ليسوا وحدهم الذين يجب أن يقلقوا من موافقة محكمة الجنايات الدولية في لاهاي على فتح تحقيق في شبهة ارتكاب إسرائيل جرائم حرب. في نظري مَن يجب أن يقلق، إذا فُتح تحقيق كهذا فعلاً، هم تحديداً رؤساء المستوى الحكومي والسياسي الذين وافقوا على الاستيطان في الضفة الغربية، ووزراء الدفاع الذين انشغلوا كثيراً في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وكذلك رؤساء الحركات الداعمة للمستوطنين.
  • طوال سنوات شاركت دولة إسرائيل في سن قوانين معاهدة روما بصورة فاعلة، ووقّعتها، لكنها لم تقرّها، بناء على ذلك، فإن دولة إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، ولا صلاحيات فعلية للمحكمة على أعمال وقعت في أراضي دولة إسرائيل، ولا على مواطنيها. تحفّظ دولة إسرائيل ناجم من خوفها من استخدام سياسي لمعاهدة روما ضد دولة إسرائيل ومواطنيها. أساس تخوف دولة إسرائيل نابع من إدخال بند إلى القانون يمنع نقل سكان من أراضي الدولة المحتلة إلى أراضي الدولة التي جرى احتلالها، أي بند المستوطنات. الشبهات التي تبلورت لدى المدعية العامة بشأن الأعمال التي قام بها الجيش الإسرائيلي في عملية الجرف الصامد [2014]، وعلى السياج الحدودي في غزة في سنة 2018، في رأيي، لا تبرر فتح تحقيق في ضوء المبدأ الثابت أن دولة لديها منظومة قضائية مستقلة وعادلة وفعالة ونشطة، هي التي تقوم بالتحقيق بنفسها. موضوع استقلال المنظومة القضائية الإسرائيلية فيما يتعلق بالتحقيق في شبهات جرائم دولية يحظى بالتقدير، سواء من خلال لجنة تيركل في أعقاب قضية سفينة مرمرة [السفينة التركية التي كانت تقل ناشطين وحاولت كسر الحصار على غزة فسيطر عليها الجيش الإسرائيلي بالقوة، وهو ما أدى ألى مقتل عدد من المشاركين]، أو في طواقم تشاحنبور [نسبة إلى القاضي يوسف تشاحنبور] (التي كنت عضواً فيها)، التي عملت على تطبيق دروس لجنة تيركل، لضمان الالتزام بمبادىء القانون الدولي من طرف الجيش والقضاء الإسرائيلييْن.
  • إذا فُتح تحقيق، وبدأت المدعية العامة بجمع الأدلة وبفحص الشبهات في موضوع المستوطنات، من المهم أن تمتنع دولة إسرائيل من القيام بخطوات تواصل فيها الضم الزاحف، وأن تتوقف عن خطوات الضم الزاحف وطرد الفلسطينيين من مناطق ج، والتي تعرقل أي إمكانات للتوصل إلى تسوية وقيام دولة قابلة للحياة. على هذه الخلفية يمكن أن نفهم مخاوف وزير الدفاع الذي توجه إلى إدارة الصندوق الدائم لإسرائيل [هكيرن هكييمت ليسرائيل] وطلب منها تأجيل تنفيذ القرار "الحساس جداً" بشأن شراء أراض خاصة في الضفة الغربية. وبالاستناد إليه سيكون للقرار تداعيات على الصعيد الدولي، وعلى علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة، وعلى علاقات إسرائيل بالشتات، ومن نافل القول إن جهات دولية ستجد صعوبة في التفريق بين دولة إسرائيل وبين الصندوق الدائم لإسرائيل، على الرغم من أن أصحاب الصندوق ليسوا الحكومة الإسرائيلية.
  • حسناً فعلت المحكمة العليا عندما ألغت قانون شرعنة مستوطنات في الضفة الغربية، لأنه يتعارض مع مبدأ السيادة الإقليمية، ومع مبادىء التشريع الإسرائيلي ويمس بحقوق الفلسطينيين. بذلك أزالت عقبة كبيرة كانت تواجه دولة إسرائيل. وحسناً تفعل دولة إسرائيل إذا قامت بمبادرة لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين أو خطوات مستقلة للانفصال مدنياً عن الفلسطينيين، بهدف تعزيز أمن مواطني إسرائيل وخلق واقع سياسي أفضل يتيح القيام بخطوات سياسية في المستقبل، ويمنع خطوات أحادية الجانب تعرقل إمكان التوصل إلى تسوية. بذلك نحضر الأرضية لضغط قانوني وسياسي على المحكمة الدولية في لاهاي لمنع البدء بالتحقيق.

 

 

المزيد ضمن العدد 3507