نعم هذا أبرتهايد، وفقط موقف دولي سيقهره
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- هذا الأسبوع حاولت أن أشرح هنا أن استمرار الاحتلال وتحوّله من وضع موقت إلى وضع دائم مع انمحاء الخط الأخضر، أنشأ وضعاً جديداً: لا يمكن بعد الآن الحديث فقط عن "أبرتهايد في المناطق" [المحتلة]. مصير أكثر من 6 ملايين فلسطيني– إسرائيلي، من سكان القدس الشرقية والضفة الغربية وسكان غزة - تحسمه الحكومة اليهودية في القدس ورئيس الأركان اليهودي في تل أبيب.
- النظام الذي يمارَس إزاءهم هو من دون شك نظام تمييز وقمع ونهب وفصل على أساس قومي، لذلك هو نظام أبرتهايد. ديمقراطية لليهود فقط هي طبعاً مزحة للديمقراطية. لذلك إذا كانت إسرائيل نظاماً استبدادياً في جزء من أراضيها وحيال جزء من رعاياها - فإن إسرائيل كلها استبدادية. إذا كان هناك أبرتهايد في جزء من أراضيها وإزاء جزء من سكانها - فإنها دولة أبرتهايد. لا توجد دولة فيها استبداد مناطقي أو أبرتهايد جغرافي.
- عندما كنت هذا الأسبوع في قرية راس كركر [قرية فلسطينية تقع على بعد 11 كيلومتر شمالي غرب رام الله] والمحاطة من كل الجهات بمستوطنات، كان من الصعب عدم التفكير بالأبرتهايد. من شرفة المنزل الذي زرته يمكن أن يرى المرء البحر في يوم صاف: فقط اليهود مسموح لهم الذهاب إليه. الانتخابات في الكنيست التي تحدد أيضاً مصير هذه القرية هي لليهود فقط. قرى مجاورة لديها حقوق كاملة والأُخرى ليس لديها أي حقوق - أبرتهايد. حتى اللقاحات التي تتباهى بها إسرائيل - تُعطى هنا أيضاً لليهود فقط. مواطن هنا حصل على اللقاح، وجاره لم يحصل عليه بسبب انتمائه القومي - أليس هذا أبرتهايد؟
- هذا الأبرتهايد يبلوره الإسرائيليون اليهود. هم وحدهم قرروه، بطريقة غير ديمقراطية طبعاً. لذا دولتهم، دولتنا، هي دولة أبرتهايد، حتى لو كان تسفي برئيل يعتقد بأنه "لا يوجد أبرتهايد هنا" ("هآرتس"، 20/1)
- هذه ليست ألاعيب كلامية. من هذا التعريف الصعب تبرز استنتاجات عملية صعبة ولا تقل إيلاماً. إذا كانت هذه دولة أبرتهايد، فإنه يتعين على المجتمع الدولي التعامل معها كما تعامل مع الدولة التي سبقتها. إسرائيل التي تميل إلى الشكوى من المعاملة التمييزية في حقها، ومن ازدواجية المعايير والنفاق، ناهيك بالعداء للسامية، هي على الأرجح الدولة الأكثر تدليلاً في الكرة الأرضية. لا توجد دولة أنفق عليها العالم، ليس فقط الموارد والدعم الكبير طوال عشرات السنوات، بل أيضاً حظيت بتسامح لا يصدَّق حيالها. دولة أبرتهايد حبيبة الغرب وابنته المدللة، لم يطلب منها قط تحمّل مسؤولية حقيقية عن أعمالها ودفع ثمن جرائمها.
- التعريف الجديد لإسرائيل كدولة أبرتهايد يمكن أن يجبر العالم على تغيير موقفه، وأن يتخلى عن تسامحه وتجاهله. لم يعد في إمكانه الاستمرار في الاعتقاد أن الاحتلال زائل، وأن هناك "عملية سلام" هي فقط "مجمدة"، وتنتظر "شريكاً" فلسطينياً، والحل قريب ينتظر فقط الوقت الملائم.
- هذا لن يحدث أبداً. الإسرائيليون لن يستيقظوا ذات صباح ويعترفوا بأن الاحتلال ليس جيداً أو محقاً ويجب العمل على إنهائه. هذا ببساطة لن يحدث. لم يحدث خلال 53 عاماً. وما من سبب لكي يحدث الآن. السبب يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي فقط: المطالبة بتحمل المسؤولية والعقاب. هذا من حق المجتمع الدولي وواجبه.
- هذا الواجب يتضاعف لأن ما يجري لم يعد انتهاكات موقتة للقانون الدولي، وجرائم حرب عابرة، أو احتلالاً عسكرياً مثل كل الاحتلالات. عندما يتحول الاحتلال إلى أبرتهايد ويحدد هوية الدولة وصورتها، المطلوب تحرك دولي. تماماً كما حدث في أفريقيا الجنوبية. ما نجح هناك يمكن أن ينجح أيضاً هنا. لننتظر ماذا سيحدث عندما يبدأ الإسرائيليون بدفع ثمن خطايا دولتهم. المواطن الحقيقي يجب أن يتمنى مجيء هذا اليوم. من هنا الأهمية الكبيرة للنقاش الدائر بشأن إسرائيل كدولة أبرتهايد.