33 عاماً على الانتفاضة الأولى: لم نتعلم الدرس
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

 

  • في أسبوع كهذا قبل 33 عاماً ، في 9 كانون الأول/ديسبمر 1987 نشبت الانتفاضة الأولى. كلمة "نشبت" هو وصف دقيق لما حدث: كل مدينة وقرية وحي ومنزل قرر فجأة المشاركة في أعمال شغب جماهيرية والاشتباك مع الجيش الإسرائيلي ومع المستوطنين. قاموس جديد دخل إلى كل وسائل الاعلام في العالم: تظاهرات، رشق حجارة، زجاجات حارقة، عصي، رصاص مطاطي وبلاستيكي، اعتقالات جماعية ومصابين: للتذكير طوال 20 عاماً ساد في "المناطق" هدوء مكبوت بكل معنى الكلمة، فجأة دخلت إلى حياتنا هبة، ثورة شعبية للفلسطينيين مثل بركان ثائر لا تسيطر عليه ولا تعرف متى سيثور من جديد. بمصطلحات اليوم هي اندلعت مثل الكورونا التي لم يتوقع أحد ظهورها، ولأشهر طويلة لم ينجحوا في العثور على العلاج الملائم.
  • الانتفاضة الأولى هي الحادث الأمني الأول الذي لم يشكل عدد الضحايا الذي حصدته (أقل من 100 إسرائيلي وحوالي 2500 فلسطيني) أحد أبرز ميزاتها. قيل الكثير عن الأسباب التي أدت إلى نشوب الانتفاضة: غياب أفق سياسي، بطالة قاسية، شريحة كبيرة من الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل، اطلاق سراح 1150 أسيراً في صفقة جبريل (عام 1985) مقابل ثلاثة أسرى من الجنود الإسرائيليين- الأمر الذي فسّره الفلسطينيون كضعف كبير من قبل إسرائيل- بينما قلما جرى التشديد على تداعيات الانتفاضة التي جزء منها ما يزال يرافقنا حتى اليوم.
  • المساس بقوة الردع الإسرائيلية: هناك خط مباشر يربط بين نتائج حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] وجرأة المنظمات الارهابية في الأردن ولبنان (في السبعينيات)، وبين هبة سكان "المناطق" في نهاية الثمانينيات. دولة إسرائيل المرعبة في حرب الأيام الستة (1967) لم تعد تثير الخوف ومؤسستها الأمنية لم تعد تردع. صورة الولد ابن العشر سنوات يرمي حجراً على دبابة إسرائيلية في نابلس ستبقى محفورة في الوعي إلى الأبد كصورة داوود الفلسطيني الذي هدد جليات الإسرائيلي وتمكن منه. وستمر سنوات كثيرة حتى تتمكن إسرائيل من ترميم قدرتها على الردع.
  • الاضرار التي لحقت بالاقتصاد الإسرائيلي: منذ 1967 احتفظ الجيش الإسرائيلي في أقضية الضفة الغربية بقوة عسكرية صغيرة. على سبيل المثال قضاء جنين كان "مغطى" فقط بسيارتين عسكريتين تابعتين لحرس الحدود. فرضت احداث كانون الأول/ديسبمر 1987 استدعاء فرقة مدرّعة إلى السامرة وأخرى إلى يهودا. عشرات آلاف الجنود الاحتياطيين تركوا أعمالهم واضطروا إلى معالجة أعمال الشغب في مدارس رام الله ونابلس والخليل وغزة ورفح. نشاط الاقتصاد الإسرائيلي تباطأ بصورة كبيرة . تهدئة "المناطق" بالاضافة إلى رغبة إسرائيل في ايجاد روتين حياة مناسب، فرض زيادات في الميزانية بأحجام لم نشهد لها مثيل منذ العودة إلى الحياة الطبيعية في حزيران/يونيو 1967.
  • انخفاض صورة إسرائيل: انظار مُشاهد التلفزيون في الغرب أُتخمت من رؤية مشاهد الانتفاضة. طوال خمس سنوات كانت برامجه المفضلة تُقطع بأخبار عاجلة مثيرة للغضب عن جنود في الاحتياط يأمرون ولدا صغيرا أو والده محو شعارات عن حائط أو انزال علم عن عامود كهرباء. جيل الاحتياطيين في المناطق الذي حظي بلقب "عشرين ثلاث مرات" (كان أكبر من الفلسطيني بـ20 عاماً، وأثقل بـ20 كيلوغراماً، وموجوداً دائماً على بعد 20 متراَ وراءه) أصبح بعيداً عن الصورة التي رسمتها الولايات المتحدة وأوروبا عن الجيش الإسرائيلي القوي قبل 20 عاماً من ذلك.
  • التآكل في مكانة إسرائيل الدولية: لماذا أنتم ضدنا سألت مرة نروجيين، وسويديين ودانماركيين خلال زيارة لي في اسكندينافيا. الدانماركيون أجابو: "حتى 1967 تعاطفنا معكم وارسلنا 50 ألف متطوع إلى الكيبوتسات، ودعمناكم وتضامنا معكم، لكن منذ تمركزكم في المناطق خسرتم تأييدنا. ونقلناه إلى الفلسطينيين".
  • 33 عاماً مرت منذ ذلك الحين، لكن حتى اليوم لم يجر استخلاص الدروس. لم ندرك أنه أيضاَ بعد سنوات "هادئة" يمكن أن يطالب الفلسطينيون في المناطق بدولة مستقلة وبالتحرير، فضّلنا أن نرى المشكلة في منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج ولم نفهم أن هناك منظمة تحرير فلسطينية في الداخل. هناك حادثتان في تاريخ الدولة لم تختفيا من رؤوس المسؤولين عن الاستخبارات: حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] ، والانتفاضة الأولى. التقصير في الحرب المشؤومة تحملنا عنه المسؤولية، في الانتفاضة الأولى اتهمنا سكان "المناطق".