نجاح العملية في طهران لا يغيّر موازين القوى: إسرائيل مرتبطة بالولايات المتحدة والرئيس الجديد
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
-
- خط جديد أكثر عدوانية من العادة سُمع في التوجيهات للصحف من القدس منذ اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة. من خلاله تبدو إسرائيل لاعباً مركزياً كلي القدرة تقريباً في الشرق الأوسط. قدراتها الاستخباراتية والعملانية، كما تجلت في العملية التي ينسبها الإيرانيون إلى الموساد، تمكّنها من أن تفرض مسار الأمور. في إمكانها أن تتحرك مجدداً ضد أهداف في إيران، أيضاً لو لم تختَر فعل ذلك، فإنها قادرة على تعطيل استئناف المفاوضات على اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة بعد دخول الرئيس المنتخَب جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير.
- رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نفسه لمّح إلى ضلوع إسرائيلي. "لا استطيع أن أخبركم كل شيء" قال، عندما لخص أعماله الأسبوعية بعد ساعات قليلة على الاغتيال. وراء الكواليس يوجد خلاف في القيادة الإسرائيلية: هل يوجد مبرر لسياسة الغموص، أو من الأفضل تحمّل المسؤولية عن عملية كهذه، على افتراض أن الكل يعرف؟
- [...] الإدارة الأميركية الحالية حرصت على أن تسرّب بسرعة أنها ليست مَن يقف وراء العملية في شرقي طهران، بل إسرائيل. ليس من الواضح أبداً ما يجري بين الثلاثي ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو - الذي زارنا مؤخراً معرباً عن تأييده لنتنياهو بحماسة - والجنرالات. تبعث واشنطن برسائل ملتبسة، بالتأكيد يجد الإيرانيون أيضاً صعوبة في فك رموزها. في الأيام الأخيرة نُشرت تقارير عن انتقال حاملة طائرات وقاذفات ضخمة إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لكن جرى التوضيح أن هذا له علاقة بالإعداد لتنفيذ توجيهات ترامب بإخراج ما بقي من قوات أميركية من العراق وأفغانستان. قبل كل شيء ليس مفهوماً ماذا يريد ترامب نفسه، وما مدى انتباهه لما يجري بين إسرائيل وإيران، بينما هو يحتج على الظلم الذي تعرّض له بالانتخابات، كما يدّعي.
- هل ستختار إيران الرد؟ أغلبية الخبراء تعتقد ذلك. الضربة التي تلقتها خطِيرة بحيث لا يمكن السكوت عنها، خاصة وأنها جاءت بعد عمليتين محرجتين جداً، اغتيال الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير الماضي، وقصف المنشأة النووية في نتانز في تموز/يوليو - الولايات المتحدة أعلنت مسؤوليتها عن العملية الأولى، الثانية نسبتها وسائل الإعلام إلى إسرائيل التي لم تعترف ولم تكذّب. يوجد قيود تكتيكية على الإيرانيين: في الماضي في سنة 2012، وفي 2018، وأيضاً هذه السنة، عندما حاولوا القيام بسرعة بعملية انتقامية ضد إسرائيل، وقعت أخطاء. وهناك مسألة التوقيت - هل رد سريع يبرر، في رأيهم، التورط مع ترامب قبل استلام بايدن منصبه؟
- تصريحات كبار مسؤولي النظام في طهران منذ الاغتيال كانت هجومية وتهديدية للغاية. في إحدى الصحف المقربة من الحرس الثوري نُشرت دعوات إلى مهاجمة ميناء حيفا. في إسرائيل لا يستبعدون أيضاً احتمالات أُخرى، بينها إطلاق صواريخ باليستية، هجوم مسيّرات، أو محاولة تفجير سفارات في الخارج. في الأمس وقّع جميع أعضاء البرلمان في طهران الدعوة إلى استئناف تخصيب اليوارنيوم بما يتجاوز الحدود التي وضعها الاتفاق على درجة أعلى من 20%.
- ويجب ألّا ننسى الهجمات السيبرانية. في أيار/مايو تحدثت تقارير عن محاولة إيرانية مهاجمة منشأة المياه في إسرائيل، وعن رد إسرائيلي، وطوال عدة أيام تعطلت حركة السفن في ميناء في جنوب إيران. في الفترة الأخيرة نُشرت تقارير تحدثت عن المزيد من محاولات هجمات سيبرانية- يبدو أنها أُحبطت بنجاح - ضد منشآت مياه وبنى تحتية للطاقة في إسرائيل.
- ميزة عمليات كهذه - مثل هجمات بواسطة ميليشيات في العراق أو في سورية - هي في المحافظة ظاهرياً على مجال الإنكار. على أية حال، على الأقل يبدو أن هناك لاعباً إقليمياً ليس متحمساً لأن يخدم في هذا الشأن إيران. صحيح أن حزب الله أعرب عن حزنه على موت الأخ في السلاح فخري زادة، لكنه لم يتطوع للمهمة. على العكس حرص كبار مسؤولي حزب الله على الإعلان في نهاية الأسبوع أن أحداً من مقاتلي الحزب لم يُصَب في الهجمات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل في سورية. بكلمات أُخرى، تصفية الحسابات هنا هي مسألة إيرانية، وربما تخص نظام الأسد، ولا تخصّهم.