بايدن جيد للإسرائيليين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • كما في حملته الانتخابية، انتقال الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض يجري بتواضع. وباء الكورونا خرج عن السيطرة في الولايات المتحدة؛ وما يستحوذ على أغلبية الاهتمام العام والإعلامي هو المشهد الصبياني المريع لدونالد ترامب الذي يجد صعوبة في الإقرار بهزيمته. من جهة ثانية، الانشغال المفرط بالشهرين المتبقيين لترامب يبعد الأضواء عن الانقلاب الدراماتيكي المتوقع في السنوات الأربع المقبلة لبايدن كرئيس، والذي لن يتجاوز أيضاً إسرائيل.
  • الخضة القوية في تبادُل السلطة هي نتيجة مباشرة للاستقطاب العميق الذي تشهده السياسة الأميركية، والذي يتضاعف أضعاف الأضعاف بسبب حقيقة أن ترامب وبايدن هما الأمر ونقيضه - أيديولوجياً، وأخلاقياً، وشخصياً. ترامب ماكر ومحتال وأناني جداً، بينما بايدن عاطفي، عائلي، وفي الأساس إنساني. بايدن شخص طيب القلب في أعماقه، بينما ترامب هو شر مطلق، بحسب الأدلة  والشهادات وما هو بادٍ للعيان.
  • ترامب شخص فرداني، شعبوي، نرجسي، حلم بأميركا قديمة بيضاء تهتم في الأساس بنفسها. بايدن هو بطل المؤسسة ونصير التسويات والاتفاقات والعمل الجماعي، يحلم بأميركا المساواة والقيم، وحصناً للديمقراطية، ومنارة للحريات. ترامب الذي لم يُظهر قط اهتماماً خاصاً بإسرائيل، تحول إلى المنقذ والمخلص، بحسب المستفيدين منه في اليمين الإسرائيلي. بايدن الذي عرف إسرائيل وأحبها طوال عشرات السنوات التي كان خلالها في الكونغرس، يثير في نفوسهم جزعاً وتخوفاً، وربما هم محقون.
  • يدعم بايدن حل الدولتين، ويعارض الضم والاستيطان. وهو يعتقد أن التخلي عن الاتفاق مع إيران كان خطأ قاتلاً سرّع ركضها للوصول إلى سلاح نووي ولم يلجمه. هو يريد رأب التصدعات مع أوروبا، وترميم العلاقات مع الأمم المتحدة، و تحقيق المساواة للأقليات والنساء، وقيادة حرب البقاء العالمية ضد الاحتباس الحراري. في تصنيفات بنيامين نتنياهو، بايدن هو يساري ساذج، حساس، ويصنّف خطراً.
  • دخول بايدن إلى البيت الأبيض، على افتراض أن الساكن الحالي سيغادر ذات يوم، سيحرم بنيامين نتنياهو من حصانة مطلقة تقريباً من انتقادات دولية أو أميركية منحه إياها ترامب. رحيل ترامب سيمزق غطاء الشرعية الذي قدمه لخطوات نتنياهو المعادية للديمقراطية.
  • المقارنة بالعنصري والقومجي والمهووس في البيت الأبيض سهّل الأمر على نتنياهو. سيكون من الصعب عليه أن يشن حرباً شعواء على الديمقراطية وسلطة القانون في ظل رئيس يمثل قيماً معاكسة تماماً. علاوة على أنه طوال عمله لسنوات عديدة في مجلس الشيوخ، وخبير في الشؤون الخارجية عموماً وإسرائيل خصوصاً، معروف عن بايدن أنه يقول الحقيقة في وجه أصدقائه وخصومه من دون تزويق. هذا ليس الكلام المباشر والمبتذل والكاذب لترامب الذي يعجب الكثيرين من الإسرائيليين، بل حقيقة بسيطة، حتى لو أنها من الصعب استيعابها، يجب أن تقال "كما في العائلة"، مثلما اعتاد بايدن على قوله أمام جماهير مؤيدة لإسرائيل.
  • أيضاً حتى لو أجّل الاهتمام بعملية السلام لأسباب تكتيكية، من الجيد أن يعود بايدن ويوضح للإسرائيليين أن إسرائيل، من دون حل مع الفلسطينيين، ستصبح إمّا دولة غير يهودية وإمّا غير ديمقراطية. من المهم أن ينشر مبادىء خطاب فوزه بشأن "الحرب لاستعادة روح أميركا"، بما في ذلك "إحلال النزاهة والدفاع عن الديمقراطية". بعد فوزه على ترامب وإنقاذه الديمقراطية الأميركية، يستطيع الرئيس الأميركي أن يدل الإسرائيليين على الطريق من دون أن يتدخل مباشرة في شؤونهم. هو سيُغضب نتنياهو ومناصري ترامب من اليمين اليهودي، لكنه سيثبت أن بايدن جيد للإسرائيليين.