البعد الاقتصادي - الاستراتيجي لاتفاقات أبراهام
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

اقتصاد الإمارات والبحرين

  • اقتصاد الإمارات واقتصاد البحرين ليسا كتلة متجانسة. اقتصاد الإمارات أكبر بكثير من اقتصاد البحرين. وبحسب تقدير صندوق النقد الدولي، اقتصاد الإمارات هو الثاني من حيث الحجم في الشرق الأوسط بعد السعودية. في سنة 2019 بلغ الناتج المحلي الإجمالي للإمارات 405 مليارات دولار - يقترب في حجمه من الناتج المحلي الإسرائيلي، وأكثر بنحو عشر مرات من الناتج في البحرين (38 مليار). ونتيجة أزمة الكورونا، وفي تقدير لشهر نيسان/أبريل توقّع  صندوق النقد الدولي - في كل دولة من الدولتين - انكماشاً في الناتج المحلي بمعدل 3.5% في سنة 2020.
  • يشكل النفط في الدولتين جزءاً أساسياً في اقتصادهما. مع ذلك، نجحت الإمارات في تخفيض اعتمادها على النفط وتطوير مسارب مداخيل إضافية، بما في ذلك تجارة الجملة والمفرّق، والسياحة، والتأمين، والمجال المالي. بالمقارنة واجهت البحرين صعوبة في تنويع اقتصادها الذي لا يزال يعتمد على مواردها الطبيعية الآخذة في الضمور. مخزونات النفط في الإمارات كبيرة، وهي تحتل المركز السابع في العالم، بينما تأتي البحرين في المركز الـ67 في التصنيف العالمي.
  • في السنوات الأخيرة، واصلت الإمارات التركيز على تعميق التنوع الاقتصادي لتقليص المخاطر الاقتصادية، وفي الأساس من أجل أن تقلص أكثر اعتماد اقتصادها على النفط ومشتقاته. تتجلى هذه السياسة في الجهد للدفع قدماً بالدولة كمركز تجاري وسياحي عالمي، وفي تطوير صناعة متقدمة مع التركيز على المنتوجات المرتبطة بتكنولوجيا الكومبيوتر، وتطوير التعليم للمواطنين، والتعمق في البحث العلمي والتكنولوجيا - أيضاً في مجال الفضاء والذرّة. في البحرين في المقابل، يحاولون في السنوات الأخيرة بلورة موقعهم كمركز تجاري عبر الإنترنت ومركز عالمي للتكنولوجيا المالية. وتحاول البحرين أن تفعل ذلك من خلال جذب مستثمرين أجانب بواسطة ضريبة صفر على الشركات، ومن خلال تسهيل أعمال الأجانب في المملكة. نتيجة الفارق الكبير بين الدولتين، فإن الإمكانات الاقتصادية والفرص التي ينطوي عليها الاتفاق مع الإمارات أهم بكثير من تلك التي ينطوي عليها الاتفاق مع البحرين.
  • تبرز فوارق لا بأس بها أيضاً بين الإمارات السبع التي يتشكل منها اتحاد الإمارات. أبو ظبي (العاصمة السياسية التي تحوي معظم مخزون النفط)، ودبي (العاصمة الاقتصادية - التجارية) هما الأغنى والأكثر تمكّناً مؤخراً، وتتركز فيهما معظم النشاطات الاقتصادية، بينما النشاطات الاقتصادية والاهتمام الدولي في بقية الإمارات أقل. جزء من الإمارات الصغيرة هو أكثر محافظة ويُظهر تعاطفاً أقل إزاء دولة إسرائيل.
  • اقتصاد الإمارات هو اقتصاد مركّز يسيطر عليه عدد قليل من العائلات التي تستحوذ على مجموعة شركات ضخمة، وجزء كبير منها له نشاطات دولية متنوعة. هذه الشركات، في معظمها، يملكها أفراد ولا يجري تداول أسهمها في البورصة المحلية أو في الخارج. أصحابها من سكان الإمارات ولهم أيضاً السيطرة الأولى في الإدارة، بينما الجزء الأكبر من العمال (أغلبية السكان في الدولة) يتألف في الأساس من مهاجرين من دول آسيوية.
  • شركات غربية كثيرة أقامت مجالس إدارتها في دبي - 90% من شركات فورتشن 500 موجود في الإمارات، ويدير من هناك منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا من هناك. في السنوات الأخيرة تعرقلَ جزء من خطط النمو الاقتصادي الإماراتي بسبب التوترات الإقليمية (في مواجهة إيران والتدخل العسكري للإمارات في ليبيا وفي اليمن)، وأيضاً بسبب المستويات المنخفضة نسبياً لأسعار النفط، وأزمة الكورونا. على الرغم من ذلك، يُعتبر اقتصاد الإمارات اقتصاداً مستقراً وواعداً.

تداعيات اقتصادية - استراتيجية لاتفاق أبراهام

  • توجد في أساس اتفاقات أبراهام اعتبارات الأمن الوطني، وفي الخلفية التهديد الإيراني المشترك والحليفة المشتركة – الولايات المتحدة. هناك مصلحة للإمارات في تعزيز الصلة بينها وبين الولايات المتحدة، بما في ذلك الوصول إلى وسائل قتال أميركية متقدمة. تسعى الإمارات أيضاً لتسجيل نقاط مع الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالنزاع بينها وبين قطر، وتثبيت مكانتها كلاعب إقليمي مؤثر. مع ذلك، من الواضح أن وقوف الدولتين إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة ينطوي أيضاً على مخاطر بالنسبة إليهما من جانب معارضي السلام، وعلى رأسهم إيران ووكلاؤها.
  • لاتفاقات أبراهام مزايا اقتصادية مهمة. من الطبيعي أن الاتفاقات مع دول الخليج تسمح بالكشف عن نشاطات اقتصادية كانت تجري حتى الآن مع إسرائيل في الخفاء، أو بصورة غير مباشرة، وفي الأساس، تسمح بتطوير وترسيخ العلاقات الاقتصادية في مجالات كثيرة: تجارة، مواصلات، سياحة، أمن، اتصالات، تكنولوجيا، طاقة، في مجال المال، الصحة، والدفاع عن البيئة. على سبيل المثال، في ضوء المعطيات المناخية (مناطق صحراوية ودرجات حرارة مرتفعة)، قد يكون الطرفان مهتمين كثيراً بالتعاون في موضوع مواجهة التغييرات المناخية، بما فيها تحلية مياه البحر، والزراعة المتقدمة. في مجال الطاقة من الممكن التعاون في مجالات الطاقة المتجددة وتصدير النفط إلى الغرب بواسطة خط أنابيب إيلات - عسقلان. وتستطيع إسرائيل أن ترى في الإمارات والبحرين أيضاً مصدراً إضافياً للنفط ومشتقاته.
  • إيجاد موطىء قدم إسرائيلية في الخليج يمكن أن يستخدم باباً للقيام بصفقات مع دول عربية أُخرى، لا تربطها بها علاقات سياسية رسمية أو علاقات عموماً، وأيضاً باباً لتوسيع علاقات إسرائيل الاقتصادية في آسيا. أحد تداعيات اتفاقات أبراهام أيضاً تقصير مسار الطيران إلى شرق آسيا للرحلات السياحية والتجارية والشحن.
  • الإمارات يمكن أن تُستخدم كمصدر وهدف للاستثمارات في مجموعة مجالات واسعة. ويمكن أن تقدم قيمة إضافية لاستثمارات مبادرين في مشاريع تشمل الفلسطينيين، ومصر، والأردن، وتسمح لهم بالاستفادة من ثمار السلام. وبذلك تستفيد منها الإمارات لتحسين صورتها، بالإضافة إلى مكاسب سياسية، بعد أن اعتبر الفلسطينيون أنها تخلت عنهم. ما يجري الكلام عنه هو، بين أمور أُخرى، إقامة مناطق تجارية مشتركة، والاستثمار في محطات تكرير المياه، وفي منشآت للطاقة، وحتى إقامة جزر اصطناعية في مواجهة قطاع غزة. تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقات بين إسرائيل وأطراف عربية لم تحقق حتى الآن التطلعات الاقتصادية التي علقتها عليها الأطراف العربية، ويبدو أن هذا أحد أسباب البرودة حتى الآن إزاء اتفاقات السلام مع مصر والأردن.
  • الشركاء العرب في اتفاقات أبراهام يتوقعون أن يثمر التطبيع مع إسرائيل ثماراً اقتصادية - هذا التوقع ازداد على ما يبدو بسبب الأزمة الاقتصادية التي سبّبها وباء الكورونا. إسرائيل، من جهتها، لها مصلحة في أن تتحقق هذه التوقعات، وأن يشعر بها الشارع العربي الخليجي، كتجسيد لفوائد السلام معها. من هنا يتعين على إسرائيل المبادرة إلى التعاون والرد بصورة إيجابية على الاقتراحات التي تأتي من الخليج في هذا الاتجاه، لكن يجب عدم الإفراط في الحماسة، وعدم الانقضاض على اقتصادات الخليج. مواطنو دولة إسرائيل العرب الذين لديهم ميزة اللغة يمكن أن يجدوا في اتفاقات أبراهام فرصاً. يتعين على حكومة إسرائيل دمجهم في العلاقات التي تتطور، مثلاً في وفود اقتصادية (وغيرها) إلى الخليج، وأيضاً من أجل توجيه الاستثمارات من الخليج نحو مناطق صناعية في بلدات عربية.
  • على أية حال، يتعين على المستثمرين الإسرائيليين إثبات صدقيتهم والامتثال للقوانين المحلية على أساس تعلّم القواعد الثقافية - التجارية المحلية. بالإضافة إلى ذلك يجب أن نتذكر أن سوق الخليج مفتوحة أيضاً أمام عناصر معادية لإسرائيل، الأمر الذي يفرض حذراً في موضوع تسويق التكنولوجيا الحساسة.