استطلاعات الرأي تثبت وجود شرخ بين نتنياهو والجمهور من الصعب الخروج منه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في النهاية، الأرقام تتحدث وهي لا تخطىء. تفشّي المرض يُقاس بالأرقام. الوفيات تُقاس بالأرقام. العاطلون من العمل والفقراء الجدد يقاسون بالأرقام. لكن أيضاً عدم الثقة بالحكومة له أرقام: 26 مقعداً لليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، و23 مقعداً لحزب يمينا برئاسة نفتالي بينت. هذا اتجاه ثابت ومستمر لانهيار الزعيم في مواجهة صعود البديل، بينما الموضوع الوحيد على جدول الأعمال هو الوباء.
  • هذه ليست نقطة زمنية خاصة، أو قفزة خارجة عن المألوف تولد وهماً جميلاً لرئيس حزب يمينا. ربما باستثناء تأثير غيلا غمليئيل [الوزيرة التي لم تلتزم بالتقييدات المتعلقة بالكورونا]،  والذي على ما  يبدو لعب دوراً في نتائج استطلاعات الرأي الدراماتيكية التي نشرتها أمس قناة حداشوت 12، لم نر شيئاً مختلفاً تماماً من الطرفين خلال الأسبوع أو الأسبوعين الأخيرين. لا من جهة نتنياهو ولا من جهة بينت. هذا الأخير لم يقم بأي نشاطات خاصة، لم يطلق تصريحاً منمقاً ولم يُخرج مفاجأة من كُمّه. هو يعمل كالمعتاد. يتجول على الأرض، يقترح حلولاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ويجري مقابلات. يبدو كلامه منطقياً للغاية. وهو يلقي آذاناً صاغية.
  • مع هذه الأرقام اتخذ قراراً لا رجعة عنه. لم نعد نسمع منه المزيد من تصريحات الولاء لنتنياهو، ولا مقابل الوعود بالمناوبة (التي من الواضح أنها لن تُحترم). مغزى هذه الأرقام بالنسبة إليه هو رخصة للقتل. طبعاً فقط في صناديق الاقتراع. التفويض الذي يمنحه إياه الجمهور له معنى واحد: فقط لا [يزيد] بيبي.
  • شالوم حانوخ يغني "الجمهور مغفل لذا الجمهور يدفع". وفعلاً الجمهور يدفع ليس لأنه مغفل. نتائج الاستطلاعات تُظهر العكس. الجمهور ذكي. هو يدفع لأن لا خيار لديه، ولأنه أسير. أسير في يد حكومة فاشلة ورئيس حكومة فاسد وخطر، غارق حتى رقبته في اعتبارات سياسية - قانونية، وبذلك يدمر بيديه أي فرصة لمواجهة جدية لأزمة الكورونا. كلما أكثر من خطاباته كلما أصبحت دوافعه مكشوفة أكثر. الإغلاق المتشدد؛ رفض السماح للأعمال الصغيرة، التي لا تستقبل الكثير من الناس، بفتح أبوابها؛ التغريدات المسعورة ضد المتظاهرين في مقابل الصمت المخزي حيال خروقات الحريديم للإغلاق. هذا يتغلغل أيضاً إلى داخل التيار الأساسي في الليكود. الليكوديون أيضاً يعانون، وهم أيضاً يرون مَن المسؤول.
  • ينطبق هذا أيضاً على الأغلبية الحاسمة التي ترغب في إجراء الانتخابات الآن (49% مقابل 30% فقط، يفضلون استمرار بقاء الحكومة الحالية). في وقت حرب، مثل هذه التي تجند فيها كل الشعب، الإسرائيليون عموماً ليسوا مستعدين للسماع بانتخابات. دعونا ننتصر، ثم نحاسب في صناديق الاقتراع مَن يجب محاسبته. حالياً، وبصورة غير مسبوقة، انقلب هذا الوضع. هم يقولون: لنذهب إلى الصناديق الآن.
  • لدى مَن يعتبرون أنفسهم ينتمون إلى الوسط - اليسار، النسب مطلقة. على الرغم من أن أغلبيتهم تقف موقف المتفرج، وبالنسبة إلى المقاعد [في الكنيست] هم لا يستطيعون الإجابة عن سؤال إلى جانب مَن سيصوتون. هذه نقطة أُخرى مثيرة للقلق بالنسبة إلى نتنياهو. هناك عدد لا بأس به من المقاعد لا تكشفه حالياً الاستطلاعات، لكن كل مَن سيأتي في يوم الاقتراع لوضع بطاقة، أي بطاقة، عليه أن يلتزم بإنهاء حكمه الفاشل والمؤذي.
  • علامات الفشل المدوي المستمرة، والتي أُعطيت لنتنياهو في سلسلة استطلاعات في الأشهر الأخيرة، لا تدل على أزمة عدم ثقة، بل على شرخ من الصعب رؤية طريق للخروج منه. ما حدث مع المسؤول عن الكورونا روني غامزو يدل على ذلك بطريقة سلبية. في مرحلة معينة، وبعد عدة تصريحات فيها ادعاء شخصي، ومن دون نتائج على الأرض، الجمهور أعطى علامات متدنية لغامزو. في الأسبوع الماضي، وفي هجوم نموذجي من كيل الاتهامات، شن عليه نتنياهو هجوماً صاعقاً من طرف كبار الليكود. وماذا كانت النتيجة؟ غامزو حصل على اعتماد جديد. إذا كانت الحكومة ضده، حينها يعود الجمهور ليصبح معه.
  • بالعودة إلى بينت. ما ذُكر أعلاه يمكن بالتأكيد أن يدل على أن بيبي هو فعلاً ساحر. من خلال الخطأين اللذين بهما رفع بينت من هاوية النسيان السياسي إلى مكانة عليا. الخطأ الأول عندما حلَّ الكنيست بعد فشل "اليمين الجديد" في تخطي نسبة الحسم، وبذلك أعطاه فرصة كي يجد نفسه مجدداً مع حزب يمينا؛ وفي الثانية، عندما رماه، بضغط من العائلة، خارج البلوك وخارج الحكومة الآخذة في التشكل. ما الذي كان يريده بينت في نهاية الأمر؟ حقيبة الصحة. هذان الخطآن الفادحان يكلفان نتنياهو اليوم أكثر بكثير من وزارة الصحة.