عباس يلعب بالنار: هل يحاول الانضمام إلى محور تركيا - قطر؟
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • شيء غير جيد يحدث لعلاقات السلطة الفلسطينية و"حماس" مع مصر. بعد أن أبعدت "حماس" قبل شهر الاستخبارات المصرية عن الوساطة بينها وبين إسرائيل للتوصل إلى تفاهمات التهدئة الجديدة ومنحت السفير القطري محمد العمادي هذا الدور، قررت هذه المرة، وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، إجراء محادثات مصالحة بين "فتح" و"حماس" في اسطنبول في تركيا برعاية الرئيس أردوغان، بدلاً من القاهرة التي استضافت هذه المحادثات بصورة تقليدية منذ سنة 2007.
  • سلوك محمود عباس إزاء مصر غير واضح. هو لا يستطيع أن يسمح لنفسه بمخاصمة الرئيس السيسي، فهل يفعل ذلك لأن خصمه السياسي محمد دحلان، مستشار ولي العهد في أبو ظبي محمد بن زايد، محبب إلى الرئيس السيسي؟
  • عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، التي أثمرت حتى الآن اتفاقين، مع البحرين والإمارات، أدت إلى ابتعاد "حماس" والسلطة الفلسطينية عن مصر، واقترابهما من المحور التركي - القطري، المتماهي مع حركة الإخوان المسلمين التي تعمل على تقوية نفوذها في المنطقة.
  • السلطة الفلسطينية تخلت عن صلتها بالمحور العربي المعتدل الذي يشمل مصر والسعودية والإمارات، وهي تغازل محور "الإخوان المسلمين" الذي يشمل تركيا وقطر، و"حماس" تواصل علاقتها بإيران، لكنها تطور أيضاً العلاقة بتركيا وقطر، وهي تريد أن تربح من كل الاتجاهات.

تداعيات اتفاقات التطبيع

  • تسيرعملية التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية على قدم وساق، وأدت إلى تطورين مباشرين: التقارب بين "فتح" و"حماس"، وزيادة تدخل تركيا وقطر في المشكلة الفلسطينية.
  • لأول مرة منذ سنة 2007، بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، تستضيف تركيا على أراضيها لقاء مصالحة كبيراً بين الحركتين. يترأس وفد "فتح" إلى محادثات المصالحة في اسطنبول جبريل الرجوب وروحي الفتوح، ويرأس وفد "حماس" إسماعيل هنية ونائبه صلاح العاروري.
  • هل فقدت السلطة و"حماس" ثقتهما بمصر بعد مباركة الرئيس عبد الفتاح السيسي اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين؟ من الصعب تصديق ذلك، إذ تربط السلطة و"حماس" بمصر مصالح متعددة، ومن الصعب عليهما الانفصال عنها، وهما تريدان الربح من كل الاتجاهات.
  • لقد توصلت السلطة و"حماس" إلى الاتفاق على البدء بـ"مقاومة شعبية" ضد إسرائيل في أراضي الضفة الغربية، واتفقتا على إقامة "قيادة موحدة" لكل الفصائل الفلسطينية. وعملت محادثات اسطنبول على محاولة التوصل إلى اتفاق على مخطط للانتخابات، وانضمام "حماس" والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وإلى مؤسساتها.
  • على الرغم من المعارضة المشتركة لكل من "فتح" و"حماس" لعملية التطبيع و"صفقة القرن" لترامب، والتقارب بينهما، من الصعب رؤيتهما يتوصلان إلى اتفاق كامل على مصالحة وطنية. ولا يزال هناك شكوك متبادلة وعدم ثقة كبيرة بين الطرفين. ففي "حماس" يتخوفون من أن يستخدم عباس محادثات المصالحة لترسيخ شرعيته من دون أن يكون مستعداً عملياً لتقاسم السلطة مع "حماس". من جهة أُخرى يتخوفون في "فتح" من أن "حماس" تسعى لإيجاد موطئ قدم لها على أراضي الضفة لإسقاط حكم السلطة الفلسطينية كما فعلت في قطاع غزة في سنة 2007، وأنها ستزوّر نتائج الانتخابات في القطاع لأنها تسيطر عليه بقوة السلاح.
  • انتهت محادثات إسطنبول ببيان مشترك بشأن التوصل إلى اتفاق على "المشاركة في السلطة" والتفاهم على إجراء انتخابات عامة.
  • محمود عباس يلعب بالنار، حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي مصنفتان كتنظيمين إرهابيين، وانضمامه إليهما يشكل خرقاً لاتفاقات أوسلو التي تنص على منع تنظيمات إرهابية من المشاركة في الانتخابات، إسرائيل خرقت مرة واحدة هذه الاتفاقات وسمحت لـ"حماس" بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، بضغط من الرئيس بوش، وكانت النتيجة كئيبة، فازت "حماس" في الانتخابات، واستغلت ذلك بعد عام للسيطرة بالقوة على قطاع غزة.
  • ثمة شك كبير في أن تقبل إسرائيل إجراء انتخابات في المناطق وفي القدس الشرقية لانتخاب مندوبين يعارضون عملية التطبيع وخطة "صفقة القرن"، وجزء منهم يعارض قيام دولة إسرائيل.
  • جهات أمنية كبيرة في إسرائيل تقدّر، بمعقولية كبيرة، أنه على الرغم من تقرب السلطة الفلسطينية و"حماس" من تركيا، فإنهما لا يجرؤان على الانفصال عن مصر التي لن تسمح بأي نشاط تركي في قطاع غزة.
  • تُعتبر تركيا عدوة في نظر النظام المصري، وغزة هي "الساحة الخلفية" لمصر، ولها أهمية كبيرة من وجهة نظر الأمن القومي المصري. وتستطيع مصر استخدام أدوات ضغط متعددة على "حماس" للرد على سحبها ملف المصالحة منها ونقله إلى تركيا، وفي قطاع غزة يتخوف السكان من إغلاق مصر معبر رفح الذي يشكل أنبوب الأوكسيجين لقطاع غزة، والمنفذ البري الوحيد إلى العالم العربي.
  • ابتعاد الاستخبارات المصرية عن مفاوضات الوساطة بين "فتح" و"حماس" له أيضاً تداعياته على إسرائيل. لقد أبعدت "حماس" مصر وليس واضحاً كيف سيؤثر ذلك في دور مصر في ترسيخ جهود التهدئة في قطاع غزة، وفي الوساطة التي تقوم بها للتوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.