ائتلافات إقليمية، من دون تأثير الدول العظمى: تقيم نظاماً في "شرق أوسط جديد"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

(القسم الثاني)

[عرض القسم الأول من المقال نشوء 3 ائتلافات إقليمية في منطقة الشرق الأوسط هي المحور الشيعي - الراديكالي بقيادة إيران، ومعسكر الدول السنية المعتدلة الموالية للغرب بقيادة السعودية، والكتلة المؤلفة من تركيا وقطر وحكومة الوفاق في غرب ليبيا، والتي تمثل ما يسميه الكاتب الإسلام السياسي. فيما يلي تتمة المقال]:

الصين تقترب والولايات المتحدة تبتعد

  • الولايات المتحدة في مرحلة انسحاب من المنطقة منذ حققت استقلالها في مجال الطاقة. وقد انتقل مركز اهتمام واشنطن الاستراتيجي وتوظيف جهودها العسكرية والدبلوماسية منذ ولاية الرئيس أوباما إلى شرق آسيا. يعبّر ترامب عن عدم اهتمامه الواضح بالمنطقة ويحاول، على الرغم من معارضة البنتاغون، إنهاء التدخل العسكري في دول المنطقة.
  • الولايات المتحدة لا تزال تتدخل بما يجري في الشرق الأوسط الجديد كي لا تخسر تماماً مكانتها كقوة عظمى عالمية، وبسبب التزامها بأمن إسرائيل وأمن دول الخليج العربية - السنية، في مواجهة جهود إيران للحصول على سلاح نووي، بالإضافة إلى رغبتها في بيع سلاح وبضائع لدول المنطقة.
  • تؤيد الولايات المتحدة أيضاً الكتلة العربية السنية المعتدلة وتركيا. لكن غياب سياسة شرق أوسطية واضحة، وأحياناً ظهور ضعف من جانب أوباما وترامب، دفع دول المنطقة العربية إلى البحث عن سبل لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. التطبيع مع إسرائيل هو أحد القنوات التي تأمل من خلالها دول الخليج بأن تعوض تخلي الأميركيين عنها.
  • تعبير واضح لضعف وتدني مكانة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم كان الهزيمة المهينة التي مُنيت بها هذا الأسبوع في مجلس الأمن، عندما طالبت بتمديد حظر بيع السلاح لإيران. وحدها جمهورية الدومينيكان أيدت طلب ترامب. كل الدول الأُخرى امتنعت من التصويت، وروسيا والصين عارضتا. التأثير الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة هو غير مباشر. دول المنطقة، بما فيها إيران، تؤجل خطواتها وبلورة سياساتها في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
  • تدخّل روسيا في المنطقة يهدف في الأساس إلى تموضعها، كدولة عالمية عظمى مؤثرة ومساوية للولايات المتحدة، وقد تنجح في المكان الذي فشلت فيه الولايات المتحدة. التدخل في سورية يهدف إلى ابتزاز تنازلات فيما يتعلق بالعقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا بسبب تدخلها واحتلالها [شبه جزيرة القرم] في أوكرانيا، ومن أجل محاربة الإسلام المتطرف وإبعاده عن حدود روسيا.
  • يريد الروس أيضاً الدفع قدماً بمصالح اقتصادية، مثل بيع السلاح لدول المنطقة، ومشاريع تتعلق بترميم اقتصاد سورية. تدعم روسيا سورية وتحرص على الامتناع من الدخول في مواجهات مع إيران ووكلائها، وتحرص على الامتناع من المواجهة مع إسرائيل.
  • صحيح أن بوتين أنقذ الأسد وباعه الكثير من السلاح، لكن إعادة إعمار سورية لا يلوح في الأفق. في ليبيا الجنرال حفتر المدعوم من القوات الجوية ومرتزقة روس، تلقى مؤخراً هزائم مهينة. في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، عندما سترفع الأمم المتحدة الحظر عن بيع السلاح لإيران، تأمل روسيا بأن تحقق أرباحاً من عمليات بيع كبيرة للسلاح لطهران.
  • الصين هي الوحيدة التي تنجح في استغلال الشرق الأوسط الجديد للدفع قدماً، خطوة تلو الخطوة، بمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. الجزء الشرق الأوسطي من مشروع "الحزام والطريق" الذي يهدف إلى تقريب الصين إلى أوروبا والحصول على وجود اقتصادي واستراتيجي في المنطقة يتقدم بصورة ليست سيئة، وإذا تحقق اتفاق الاستثمارات الضخم الذي تريد إيران توقيعه معها، ستتحول الصين إلى عنصر إقليمي مؤثر. حتى الآن هي ليست كذلك.

إسرائيل في الطريق إلى كتلة الإمارات – السعودية

  • منظومة التكتلات في الشرق الأوسط تغيّر نحو الأحسن، وبصورة واضحة، الوضع الاستراتيجي لإسرائيل، على الرغم من أن بقاء الكتلة الشيعية - الراديكالية معادية وخطرة كما كانت، والمواجهة مع تركيا أيضاً تتفاقم. أيضاً نوايا التخلي والضعف التي تظهرها حالياً الولايات المتحدة لا تساعد أمن إسرائيل، لكن اتفاق التطبيع مع الإمارات هو "تغيير في قواعد اللعبة" [game changer] حقيقي تقريباً من جميع النواحي.
  • عندما سيوقَّع هذا الاتفاق، ستبدأ إسرائيل سيرها على طريق الحصول على مكانة أمر واقع كعضوة أُخرى في كتلة الدول العربية السنية المعتدلة. من المعقول الافتراض أن اتفاقاً مشابهاً للاتفاق الموقَّع مع الإمارات يمكن أن يوقَّع مع البحرين، وربما مع السعودية والكويت، بعد الانتخابات في الولايات المتحدة. قطر لدينا علاقات طبيعية معها، على الرغم من عدم وجود اعتراف دبلوماسي.
  • الاتفاق مع الإمارات يحررنا من الحصول على الأهلية التي من المفترض أن يعطينا إياها الفلسطينيون في هذا السياق، ويمنحنا أيضاً قناة تعاون اقتصادي مضمونه أكبر. هو يحسّن أيضاً قدرتنا على مواجهة التهديد النووي الإيراني وسائر التهديدات التي تحيط بنا من المحور الشيعي - الراديكالي. حتى لو جرى بيع طائرات أف-35 وسلاح متطور للإمارات، فإن خطرها على الدولة في حال "انقلبت علينا" سيكون محدوداً.
  • في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من القادة والمقاتلين ومشغّلي منظومات السلاح في القوات المسلحة الإماراتية هم أجانب. ليس فقط باكستانيون وبنغاليون، بل أيضاً أميركيون وأوروبيون وكولومبيون بأعداد كبيرة.
  • هذا الواقع يقلص كثيراً من الخطر على إسرائيل في حال حدوث انقلاب إسلامي متطرف في اتحاد الإمارات. وإذا قررت الولايات المتحدة - ويبدو أن هذا سيحدث قريباً - بيع طائرات أف-35 لاتحاد الإمارات، فإنها ستصبح عملانية فقط بعد مرور نحو ثماني سنوات.
  • لا تملك هذه الطائرات مدى بعيد للطيران مثل طائرات الشبح التي تملكها إسرائيل، وهي ستحتاج إلى الانطلاق من الأردن أو الهبوط فيه قبل أو بعد أي هجوم على إسرائيل، أو القيام بعملية تزود بالوقود جواً. كل هذا سيجعل من الصعب جداً على طائرات أف-35 الإماراتية مفاجأتنا، أو التغلب على منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية.
  • بيع الطائرات يكسر عملياً مبدأ المحافظة على التفوق النوعي لإسرائيل الذي تحول إلى قانون في الكونغرس الأميركي، لكن هذا المبدأ كُسر منذ زمن. طائرات أف-15 التي باعت الولايات المتحدة العشرات منها للسعودية، والتي تعمل من أراضيها حالياً، تشكل خطراً أكبر علينا من بضع طائرات أف-35 ستنتقل إلى سلاح الجو الإماراتي. مَن يجب أن يخاف هم الأميركيون - أهدافهم على الساحل وأسطولهم موجود على مسافة بضعة عشرات من الكيلومترات من شاطىء أبو ظبي.
  • من الممكن، ويجب التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين، على مكونات وأجهزة تكون - أو لا تكون - في الطائرات التي سيحصل عليها محمد بن زايد زعيم الإمارات.
  • من المهم الإشارة إلى الأسلوب الفضائحي الذي سمح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لنفسه بإدارة المفاوضات بصورة حصرية على اتفاق تطبيع العلاقات. يجب على مراقب الدولة أن يفحص هذه القضية في العمق وإشراك الجمهور في النتائج التي توصل إليها بأسرع وقت ممكن. لكن الاتفاق يساعدنا على الاندماج في مكان جيد في وسط الشرق الأوسط الجديد.