الاتفاق مع اتحاد الإمارات يصوغ معادلة جديدة في العلاقات مع الدول العربية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • اتفاق التطبيع بين اتحاد الإمارات وإسرائيل لا يزال ينتظر التفصيلات التي ستوضح حجم العلاقات وماهيتها. وهذه التفصيلات ستوضح ما إذا كان المقصود علاقات دبلوماسية كاملة، مثل الأردن ومصر، أو إقامة ممثليات على مستوى منخفض، مثل تلك التي تمثل العلاقة بين إسرائيل والمغرب، وتونس، وقطر، وإضفاء طابع رسمي على العلاقات التجارية والتعاون المتعدد الأوجه، القائم منذ فترة طويلة. في أي حال، هذا الاتفاق مهم للغاية، حتى لو كان إطاره محدوداً في الأساس، لأنه يصوغ معادلة جديدة للعلاقات مع الدول العربية - مفادها التزام إسرائيل بلجم خطوة سياسية مبدئية بالنسبة إليها، مثل ضم المناطق المحتلة أو أجزاء منها، في مقابل علاقات سلام.
  • إسرائيل التي لم تتأثر بالتهديد والتحذيرات الأردنية من أن الضم يمكن أن يخرب اتفاق السلام معها، قررت تقديم التنازل، بالتحديد إلى دولة اتحاد الإمارات التي لا تشكل تهديداً أمنياً لها حتى من دون اتفاق معها. يبدو أن الانتخابات في إسرائيل التي هي على الأبواب، على الرغم من التكذيب المتواصل لنتنياهو، ساهمت مساهمة جوهرية في توقيت هذا السحر، وفي تنازل رئيس الحكومة. على ما يبدو، يقترح اتحاد الإمارات على إسرائيل ثورة في الإدارة التقليدية للمفاوضات. من دون تهديدات، أو مقاطعة، أو عقوبات - إنما علاقات رسمية في مقابل تعهدات سياسية.
  • مع ذلك، فإن هذا الاتفاق سيحوّل اتحاد الإمارات إلى شريك آخر في العملية السياسية عندما تُستأنف، إذا استؤنفت. ويمكنه أن يسجل لنفسه إنجازاً، أولاً في أنه لم يستبعد فقط مسألة الضم عن جدول الأعمال، بل أيضاً رجّح الكفة في الخلاف الذي اندلع في البيت الأبيض بين مؤيدي الضم الفوري، مثل السفير ديفيد فريدمان، ومعارضي الضم الذين يمثلهم جاريد كوشنير. يجب أن نتذكر أن ضم أجزاء من الضفة الغربية هو جزء من خطة السلام للرئيس دونالد ترامب، لكن بشرط أن يكون تنفيذ الضم جزءاً من الرزمة، ولا يكون مكوناً منفصلاً. هذا هو موقف الرئيس ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو اللذين حذّرا نتنياهو من الضم في التاريخ الذي حدده. هذا التحذير كان ضرورياً لمنع ضم أحادي الطرف وغير منسق مع الولايات المتحدة، بخلاف تصريحات نتنياهو التي تعهد فيها دائماً القيام بالضم بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة. إذا فاز ترامب في الانتخابات وقرر التمسك بخطته، فإنه سيكون مكبلاً بالشرط السياسي الذي نشأ عن الاتفاق بين إسرائيل ودولة اتحاد الإمارات ونتنياهو أيضاً.
  • في إمكان رئيس الحكومة الادعاء عن حق أن الاتفاق الجديد لا يلغي مخطط الضم. لكنه إذا أراد احترام الاتفاق مع الإمارات، فإنه لا يستطيع أن يطرح بعد اليوم موضوع الضم بصورة منفصلة عن المفاوضات مع الفلسطينيين. بذلك أوجدت دولة الإمارات علاقة بين خطة ترامب والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ومنعت الضم الأحادي الجانب. من دون مفاوضات لا ضم، وإذا جرى الضم، فإن الاتفاق مع اتحاد الإمارات من الممكن أن ينهار. لكن بينما يوقف الاتفاق الجري الإسرائيلي نحو الضم، فإنه لا يحمل بشرى جديدة للفلسطينيين. شبكة العلاقات المتهاوية بين إسرائيل والفلسطينيين ستبقى أيضاً بعد الاتفاق، ما دام نتنياهو لا يزال رئيساً للحكومة.
  • السؤال الذي طُرح في الأمس في الحديث العام، ماذا تربح إسرائيل من هذا الاتفاق، وما الذي يميزه عن منظومة العلاقات القائمة من تلقاء ذاتها مع إسرائيل. بالإضافة إلى انفتاح دولة هي من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط أمام البضائع الإسرائيلية التي يمكن أن تجد قنوات لها إلى دول عربية وإسلامية أُخرى، اتحاد الإمارات منخرط تقريباً بكل نزاع سياسي وعسكري يجري في المنطقة، بما فيه مع إيران.
  • هذه الدولة فتحت في السنة الحالية ممثلية دبلوماسية في سورية، وتتدخل عسكرياً في الحرب الدائرة في ليبيا، وكانت شريكة السعودية في حرب اليمن، وداعمة كبيرة للنظام في السودان ودولة تدير علاقات نصف طبيعية مع إسرائيل. لكن في الأساس، يعمل في دولة الإمارات أكثر من 3000 شركة إيرانية، ويوجد بين الدولتين اتفاق تعاون عسكري للدفاع عن الملاحة في الخليج الفارسي. إسرائيل وأبو ظبي متفقتان بشأن كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، لكن بينما تفضل دولة الإمارات خطوات دبلوماسية صامتة إزاء إيران، تعمل إسرائيل سياسياً وعسكرياً ضدها. لقد عبّرت إيران عن غضبها على الاتفاق، لكنها تنجح في العيش بسلام مع دول كثيرة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ومعها في آن معاً، من دون أن تطلب منها قطع علاقاتها مع إسرائيل.
  • لقد نجح الحاكم الفعلي في اتحاد الإمارات ولي العهد محمد بن زايد، في الارتقاء ببلاده إلى وضع أفضل بكثير من جارته السعودية التي يحكمها فعلياً محمد بن سلمان الذي تحول إلى شخصية غير مرغوب فيها في واشنطن - ومؤخراً، هو يثير قلقها بسبب توثيق علاقاته مع الصين وروسيا، وتطلُّعه إلى تطوير برنامج نووي. مكانة دولة الإمارات ونفوذها يسمحان لها بإدارة سياسة خارجية مستقلة، غير مرتبطة بموافقة شقيقاتها من دول الخليج، المتحدة ضمن اتفاق تعاون، لكن في الوقت عينه، في إمكانها الدفع قدماً باتفاقات "خاصة" مع إسرائيل. الدول المرشحة الأُخرى هي البحرين، وعمان، وحتى قطر التي سبق أن كان لديها في الماضي ممثلية إسرائيلية رسمية، وتتوسط بين إسرائيل و"حماس"، ويمكن أن تكون حالياً الدولة التالية. نتنياهو لمّح إلى ذلك في مؤتمره الصحفي، ومن الممكن أن نتوقع اتفاقات أُخرى، هي في طور الإعداد السياسي.
 

المزيد ضمن العدد 3376