الهزّة في لبنان تؤثر أيضاً في إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ترددات دوي الانفجار في مرفأ بيروت مستمرة أيضاً في التسبب بسقوط ضحايا أيضاً في الساحة السياسية. في الأول من أمس أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب استقالة حكومته، لكن ثمة شك في أن هذه الاستقالة ستنهي تداعيات هذه الكارثة المتعددة الأبعاد. يبدو أن الاحتجاج الشعبي الذي يزداد اتساعاً يعبّر عن تطلعات العديد من المواطنين اللبنانيين إلى تغيير قواعد اللعبة السائدة في الدولة. يستند هذا إلى الإدراك أن الكارثة في جزء منها هي أيضاً نتيجة غير مباشرة للشلل السياسي، والأزمة الاقتصادية الخطرة التي تمر بها الدولة في الفترة الأخيرة.
  • الهزّة في لبنان تؤثر أيضاً، وبالتدريج، في مقاربة إسرائيل التي تخفف بتمهل وحذر من مستوى تأهبها على الحدود الشمالية. منذ مقتل عنصر حزب الله في قصف منسوب إلى سلاح الجو الإسرائيلي في مطار دمشق، في 21 تموز/يوليو، أعلن الجيش حالة التأهب القصوى على طول الحدود، في مواجهة تقديرات استخباراتية توقعت رداً محتملاً من حزب الله. لكن كارثة المرفأ في 4 آب/أغسطس غيرت تماماً جدول الأعمال الداخلي في لبنان. يبدو أنه سيكون من الصعب على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن يبرر عملية رد ضد إسرائيل يمكن أن تعقد الوضع في الدولة أكثر فأكثر.
  • هذه هي خلفية القرار الذي اتخذه رئيس الأركان أول من أمس بتخفيف جزء من القوات على الحدود اللبنانية، وإعطاء الجنود إجازات، والسماح مجدداً بسير الآليات العسكرية على الطرقات القريبة من السياج الحدودي. محاولتا الهجوم اللتان سبقتا الكارثة - من خلية تابعة لحزب الله في مزارع شبعا، وخلية يبدو أن من شغلها هو الحرس الثوري الإيراني على الحدود السورية في الجولان - أُحبطتا بنجاح. يأخذ الجيش على عاتقه مخاطرة محسوبة، لكن ليس هناك عودة بصورة كاملة إلى الوضع الذي كان سائداً على الحدود قبل 21 تموز/يوليو.
  • في الخطاب الذي ألقاه نصرالله في نهاية الأسبوع، لم يتطرق كثيراً إلى إسرائيل باستثناء الإدعاء الذي لا أساس له بأن الحزب يعرف جيداً ما يجري في ميناء حيفا أكثر مما يجري في ميناء بيروت. فعلياً حزب الله كان فاعلاً ومتورطاً في أحداث كثيرة في مرفأ لبنان، مثلما هو متورط من وراء الكواليس في مطار بيروت.
  • مع ذلك، من الأفضل أن نقرأ الآن بحذر الادعاءات التي تنتشر في إسرائيل بشأن علاقة الحزب الشيعي بتفجير المخزن الضخم لنيترات الأمونيوم في المرفأ. الكارثة تدل على فساد وإهمال وشلل الحكم اللبناني- كلها ظواهر لها علاقة وثيقة بالأزمة المستمرة في البلد، وحزب الله هو أحد المسؤولين المركزيين عنها. هذا بمثابة لائحة اتهام ضد الحزب الذي يواجه انتقاداً عنيفاً من الرأي العام في بيروت. لكن من أجل ربط الحزب مباشرة بالانفجار، نحن بحاجة إلى أدلة، وهذه حتى الآن لم تقدَّم.
  • على الرغم من الخلاف بين الليكود وحزب أزرق أبيض، والذي يمكن أن يؤدي إلى انتخابات جديدة، يبدو أن جزأيْ الحكومة الإسرائيلية متفقان بشأن السياسة في الشمال. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تحدث أمس هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. نتنياهو يستغل الانفجار للمطالبة بإبعاد المواد الناسفة والصواريخ التي يملكها حزب الله عن التجمعات السكانية المدنية في لبنان. وحذّر حزب الله في رسالة نقلها من خلال ماكرون من محاولة تصعيد الجبهة في مواجهة إسرائيل بهدف التهرب من الأزمة الداخلية.
  • وزير الخارجية غابي أشكنازي الذي جال أمس مع سفراء أجانب على الحدود مع لبنان، دعا المزيد من الدول إلى تصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي. وأضاف أشكنازي رسالة أُخرى قبل بدء النقاش السنوي في الأمم المتحدة لتجديد مهمة قوات الطوارىء الدولية أن قوات الأمم المتحدة غير قادرة على تنفيذ مهمتها في الجنوب اللبناني. وكرر الحجة الإسرائيلية التي يتجاهلها المجتمع الدولي منذ سنة 2006، وهي أن عناصر اليونيفيل يخافون من البحث عن وسائل قتالية في قرى في الجنوب اللبناني، بسبب تهديدات حزب الله.

د.شمعون شابيرا، المتخصص في دراسة حزب الله قال لـ"هآرتس" إن هناك مسألة إضافية يجب أن تصر عليها إسرائيل تتعلق بالمساعدة الدولية التي ستصل إلى لبنان بعد الكارثة. بالاستناد إلى شابيرا، العميد  في الاحتياط  الذي شغل مناصب كبيرة في شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي: "جزء كبير من الأموال التي يحصل عليها لبنان من الخارج يصل في نهاية الأمر إلى يدي حزب الله. يتعين على الأميركيين أن يعرفوا ذلك، وأن يتأكدوا من إبعاد الحزب عن معالجة إعادة الإعمار. من دون ذلك، فإن هذا سيكون تكراراً لإعادة إعمار الجنوب اللبناني بعد حرب لبنان الثانية، حين استغلت إيران الوضع لتعميق نفوذها وتعزيز قوة حزب الله."