إلى أي حد قوات اليونفيل مهمة في الجنوب اللبناني؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • تتحدث ورقة قوات اليونيفيل، قوة مراقبي الأمم المتحدة في لبنان، عن رزمة مساعدة قدمتها القيادة إلى سكان صور، تتضمن 510 أجهزة فحص للكورونا، وحصلت بلدة كوكبا على ترميم منشآت رياضية بمساعدة جنود القوة الهندية، بالإضافة إلى تقرير طويل يتحدث عن المساهمة المهمة لجنود الوحدة الغانية التي يخدم فيها رجال ونساء في المحافظة على الأمن على طول الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل.
  • تقرير آخر أكثر أهمية ومثير للخلافات، له علاقة بالتقرير الذي نشرته قوات اليونيفيل في بداية حزيران/يونيو، والمتعلق بنجاحاتها وإخفاقاتها في تطبيق القرار 1701 الذي اتُّخذ في نهاية حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، وبموجبه حصلت القوة على صلاحيات تنفيذية عسكرية، هدفها الحرص على نزع السلاح في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، ومنع تهريب السلاح من الحدود السورية، والتبليغ عن خرق القرار من قِبل إسرائيل ولبنان. طُلب من اليونيفيل كتابة التقرير في إثر القرار المتعلق بتجديد تفويض القوات مدة سنة جديدة، وبحسبه يجب على اليونيفيل أن تتحدث بالتفصيل عن مدى نجاحها في مهمتها.
  • لا تقدم قراءة التقرير شيئاً جديداً لمن يتابع نشاطات اليونيفيل في لبنان، لكن تركيز "التحديات" للقوة يثير مجدداً السؤال، هل هذه القوات التي تبلغ تكلفتها نصف مليار دولار سنوياً (ربع المبلغ تدفعه الولايات المتحدة) لا تزال ضرورية؟ في التقرير جرى الحديث عن المصاعب الكثيرة التي تواجهها دوريات قوات اليونيفيل التي تريد الدخول إلى قرى وبلدات في الجنوب اللبناني. المزارعون يقومون بتوسيع أراضي عملهم ويسيجونها، وبذلك يمنعون دخول مركبات اليونيفيل إليها. منظمة للدفاع عن البيئة أقامها حزب الله باسم "أخضر من دون حدود" تغلق مناطق واسعة بحجة أنها محميات طبيعية. هناك قرى تمنع دخول مركبات ثقيلة للخوذات الزرقاء، بحجة أنها تدمر البنى التحتية. كما تمنع القوة من دخول معامل مشبوهة، مثل معمل الأسمنت في كفركلا، الذي استُخدم مدخلاً لأحد الأنفاق التي حفرها حزب الله على الحدود مع إسرائيل.
  • أيضاً لم يفِ لبنان بوعوده بوضع نحو 15 ألف جندي للعمل إلى جانب قوات الأمم المتحدة التي يبلغ عددها نحو 10.200 جندي. وثمة شك في أنه يستطيع القيام بذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الدولة، وبسبب تجميد التجنيد العسكري. ويتحدث التقرير بالتفصيل أيضاً عن الخروقات الإسرائيلية التي تشمل الطلعات الجوية اليومية تقريباً في أجواء لبنان واستخدام مجاله الجوي لمهاجمة سورية ودول مجاورة. كل ذلك بصرف النظر عن لامبالاة إسرائيل حيال مطالبة لبنان بإنهاء المفاوضات بشأن تحفظاته على ترسيم الخط الأزرق.
  • يوصي التقرير بإجراء إصلاحات فيما يتعلق بعمل القوة، من بينها السماح بتخفيض عدد القواعد التي تحتفظ بها، وتقليص عدد المقاتلين، وبدلاً منهم، استخدام عتاد أكثر لجمع المعلومات - مثل مسيّرات، وكاميرات ذكية، تقدر على تغطية مناطق لا تستطيع القوة الدخول إليها اليوم. في المقابل، يسهب التقرير في الحديث عن فعالية القوة في منع حوادث ومواجهات بين إسرائيل وحزب الله، وعن قدرتها على التوسط بين الطرفين، وخصوصاً بواسطة اللجنة الثلاثية التي تجتمع دورياً في رأس الناقورة، والتفاهمات التي نجحت في تحقيقها بين إسرائيل ولبنان.
  • في نهاية آب/أغسطس، سيناقَش تمديد عمل اليونيفيل لمدة سنة، وتوجد تلميحات من واشنطن إلى أنه من المحتمل ألّا يؤيد الرئيس التمديد، أو أنه لن يستمر في تمويل المنظمة من دون تطبيق صارم للقرار 1701 من جانب قوات الأمم المتحدة. هذا التهديد يحوم فوق الحكومة اللبنانية التي سارعت إلى الإعلان قبل نحو شهر أنها توافق على تمديد عمل قوات الطوارىء. تبدي إسرائيل تحفظاتها، وليس من الواضح إلى أي مدى هي فعلية.
  • يتخوف لبنان من أن يؤدي وقف عمل قوات الطوارىء إلى احتكاك مباشر بين إسرائيل وحزب الله، الأمر الذي يمكن أن يتطور إلى مواجهة عنيفة. حزب الله أيضاً يؤيد تمديد عمل اليونيفيل، لأنه نجح حتى الآن في المناورة مع قوات المراقبين، وأيضاً من دون انتشار عسكري علني في الجنوب اللبناني، هو قادر على إدارة المنطقة كما يشاء. التقدير أن حزب الله لم يعد بحاجة إلى نصب صواريخ في الجنوب اللبناني بعد الآن، لأنه يملك ما يكفي من الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى، منتشرة شمالي الليطاني، وقادرة على الوصول إلى أهدافها في إسرائيل - لذلك لا تزعجه رقابة الأمم المتحدة على نقل صواريخ بصورة خاصة.
  • بالاستناد إلى القرار 1701، من المفروض أن تساعد القوات الدولية لبنان على حراسة الحدود مع سورية لمنع تهريب السلاح إذا طلبت الحكومة اللبنانية ذلك. حتى الآن، لم تطلب الحكومة ذلك، ولحزب الله حرية الحصول على حاجاته العسكرية من سورية. فقط الهجمات الإسرائيلية تشكل عقبة في طريقه.
  • على ما يبدو، الحجج المعارضة للتجديد لقوات اليونيفيل أكثر وزناً من الحجج المطالبة بالتمديد، لكن أهمية قوات الأمم المتحدة لا تُقاس فقط بعدد الخروقات التي منعتها، أو بعدم قدرتها على مراقبة مناطق أغلقها حزب الله أمام عناصرها. تمثل قوات اليونيفيل وصلاحياتها اتفاقاً سياسياً بين إسرائيل ولبنان، يسمح بإنشاء آلية تنسيق ونقاش بين الطرفين. ولهذا التنسيق أهمية كبيرة، ليس فقط في الإطار الضيق للدفاع عن الحدود، بل أيضاً في مسائل حيوية أُخرى، مثل ترسيم المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة بين الدولتين. إلغاء التفويض لا يمنح إسرائيل حرية عمل عسكرية أوسع مما لها اليوم، لكنه يمكن أن يلغي إطار العمل المشترك الوحيد الذي لا يزال قائماً بين إسرائيل ولبنان.