ما لم تفعله الملفات والتحريض ضد نتنياهو سيفعله وباء الكورونا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من دون تغيير جوهري في معالجة أزمة الكورونا، يمكن أن تنشب في إسرائيل ثورة مدنية لم نشهد مثيلاً لها. هذا لن يكون مثل احتجاج صيف 2011، مع خيام وغضب موجّه ضد عدم القدرة على شراء منزل في تل أبيب، أو مجرد تظاهرة كراهية ضد بنيامين نتنياهو. هذا سيكون احتجاج أشخاص جرحى ومسحوقين نُهبت كرامتهم الشخصية، وأولادهم يواجهون الجوع. وهو سيجري على خلفية انهيار الطبقة الوسطى، وفي الأساس على خلفية القطيعة المرضية للحكومة التي تضم وزراء ونواباً للوزراء أكثر من المرضى الموصولين بأجهزة تنفس اصطناعي في المستشفيات.
  • الجميع هاجم بغضب تسحي هنغباي بعد تصريحاته في برنامج "أوفيرا وباكو" [التي قال فيها إن القول إن الناس على أبواب مجاعة جنون، ثم اعتذر لاحقاً عن كلامه]. الحقيقة هي أن هنغابي هو فتات ضئيل موجود على السطح. مَن ينشغل بالضم ولجان تحقيق مع القضاة بينما القطاع الخاص ينهار، وأكثر من مليون شخص من دون عمل، ونحو مليون إضافي يعيشون رعب الصرف من العمل - هو نموذج عن انفصال عن الواقع.
  • هذه الأزمة ليست كالأزمة المالية في سنة 2008، ولا السنوات الأكثر صعوبة في بداية الألفية. الذين يتجادلون بشأن مدى خطورة الوباء يتسلحون بحجج ورسوم بيانية من هنا وهناك، لكن الحقيقة هي أن عدم اليقين لن يتضح في المدى القريب. الإنسانية كلها تواجه وباء غير معروف، وتحاول أن تتعرف على طبيعته وتداعياته. وتحديداً في الوقت المطلوب فيه قيادة شجاعة جداً، تتصرف الحكومة بمستوى متدن جداً.
  • لم يختر مقرّرو السياسات مساراً واضحاً لمواجهة عدم اليقين. هم يثيرون جنون رجال الأعمال بأنظمة طوارىء نزقة منفصلة عن الواقع، ويثيرون الاضطراب لدى الرأي العام بتهويلات دراماتيكية. في خضم كل هذه الفوضى، هناك معادلة واحدة يجب أن تكون واضحة وبسيطة: إذا قرروا أن هناك حاجة إلى إغلاق أعمال تخوفاً من المرض، أو خوفاً من عدم اليقين، يجب على الدولة التعويض على أصحاب الأعمال، وعلى العاملين لديهم فوراً، وبصورة كاملة.
  • كارهو نتنياهو معجبون به من دون أن يدركوا ذلك، لأنهم ينسبون إليه قوى شيطانية، وهم يعتقدون أنه سيستغل الأزمة لمصلحته، مثل إيجاد سبيل لتأجيل محاكمته، أو ربما سيغير أسلوب الحكم لتحصين سلطته. صحيح أنه توجد مقالات تتنبأ بنهاية بنيامين نتنياهو أكثر من عدد العاطلين من العمل، لكن الحقيقة هي أن أزمة الكورونا هي أكبر خطر جوهري يواجهه حكمه في السنوات الطويلة التي هو فيها زعيم لإسرائيل. ما لم تفعله جرائم التحريض والاستفزاز والملفات الجنائية والكراهية الحقيقية التي يشعر بها تجاه نتنياهو جزء من هذا الشعب - سيفعله الوباء الذي يكشف قطيعة نتنياهو مع الواقع حتى في نظر أكبر أنصاره. الأزمة تكشف الحقيقة البسيطة أن رئيس الحكومة لا يعرف كيف يعيش الإنسان العادي، ولا الخوف على مصدر الرزق.
  • مناصرو بنيامين نتنياهو لا يزالون يمسكون بالليكود، ومنذ وقت قريب استوطنوا جيداً في اليمين، الذي لم يكن يثق قط بنتنياهو، لكنه قدم له دعماً واسعاً، وكان مسروراً بدعمه في مواجهة الجهاز القضائي المكروه من قبلهم. لكن للجائعين سلّم أولويات مختلف. من دون انعطافة في معالجة الموضوع الاقتصادي، فإن نتنياهو سيدفع الثمن من حكمه. وهذا سيؤدي إلى نهايته.