حدود الأمن التي يريدها الإسرائيليون
تاريخ المقال
المصدر
- في محادثاته في إسرائيل سيعالج وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أيضاً موضوع فرض القانون الإسرائيلي على أجزاء من الضفة الغربية ضمن إطار تطبيق خطة الرئيس ترامب للسلام. يجب التشديد على أن فرض القانون على غور الأردن ليس نزوة من جانب اليمين، بل هو تحقيق لخطة استراتيجية من مدرسة حزب العمل (خطة آلون) آمن بها أيضاً يتسحاق رابين؛ المستوطنات في غور الأردن أقامتها حركة العمل. أغلبية الجمهور في إسرائيل (أكثر من 70%) تعتبر أن الغور هو حدود أمن إسرائيل الوحيدة والممكنة في شرق البلد.
- السيطرة على المعابر القليلة من منطقة الغور إلى الغرب يمكنها أن تمنع غزو إسرائيل. الغور قريب من قلب الدولة - مثلث القدس – الخضيرة - حيفا، الذي يسكنه نحو 70% من سكان إسرائيل، وتتركز فيه نحو 80% من بنيتها التحتية الاقتصادية، والمجال الجوي بين نهر الأردن والقدس هو 30 كيلومتراً فقط. هذه الميزة الاستراتيجية تستكملها وجهة نظر ديموغرافية؛ العدد القليل من العرب الذين يعيشون في غور الأردن لا يشكل عبئاً ديموغرافياً على الدولة اليهودية.
- الادعاء أن إسرائيل ليست بحاجة إلى غور الأردن كحدود آمنة في الشرق بعد اتفاق السلام مع الأردن يتجاهل احتمالاً كبيراً لحدوث تحولات سياسية في الشرق الأوسط. تزعزع الاستقرار في المملكة الهاشمية والسعودية، وعودة سورية إلى المعسكر الراديكالي بعد تعافيها من الحرب الأهلية، يمكن أن يحيي الجبهة الشرقية. الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط يسمح بحرية عمل أكبر للإسلاميين ضد حلفاء الغرب.
- المؤيدون لإعطاء الفلسطينيين الغور يستخفون بأهميته الأمنية ويعطون الاهتمام للقدرات التكنولوجية القادرة على كشف وتحييد التهديدات عن بعد، بصورة تجعل الحاجة إلى السيطرة على الغور لا فائدة منها. لكن هذا تجاهل لتاريخ التكنولوجيا العسكرية التي تُظهر تأرجحاً بين تفوق القدرات الدفاعية والقدرات الهجومية. إذا أرادت إسرائيل المحافظة على حدود قابلة للدفاع عنها في الغور، فهي مضطرة أيضاً إلى الحرص على السيطرة على الطريق من الساحل إلى غور الأردن، مروراً بالقدس الموحدة ومعاليه أدوميم. هذا هو المحور الوحيد من الغرب إلى الشرق الذي توجد على امتداده أغلبية يهودية، ومن الآمن نقل قوات عبر منطقة الساحل إلى الغور في زمن الطوارىء. معاليه أدوميم التي أقامتها حكومة رابين الأولى هي محطة مهمة في هذا المحور. لذا، من المهم ربطها بالقدس عن طريق فرض القانون الإسرائيلي على المنطقة E-1 (خمسة كيلومترات من الصحراء) والبناء فيها. للقدس أيضاً أهمية استراتيجية.
- أغلبية الدول العربية ستعبّر عن معارضتها، لكنها احتوت انتقال السفارة الأميركية إلى القدس. كذلك فإن احتمال انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط سيحول إسرائيل إلى الحاجز الوحيد تقريباً في وجه طموحات الهيمنة الإيرانية. أيضاً من المتوقع حدوث معارضة فلسطينية. على خلفية المفاوضات المستمرة التي لم تؤدِّ إلى شيء، والعنف المستمر، تبلور إجماع جارف تقريباً في إسرائيل على أن الفلسطينيين لم ينضجوا لتسوية تاريخية مع الدولة اليهودية. ربما فرض القانون اليهودي على الغور يوضح لهم أن الزمن ليس إلى جانبهم.
- في كل الأحوال، فرض القانون الإسرائيلي على الغور من جانب حكومة الوحدة الوطنية يدل على إجماع إسرائيلي واسع، وعلى إصرار إسرائيلي على إبقاء هذه المنطقة ضمن حدود الدولة. في إطار خطة ترامب، الأميركيون مستعدون لمنح الدعم لهذه الخطوة التي من الخطأ وصفها بالأحادية. هذه فرصة مناسبة يجب استغلالها.