أزمة كورونا ستؤدي إلى تقليص الميزانية الأمنية لكل من إسرائيل وإيران
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
–
The Marker
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يراقب المسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن كثب حركة انخفاض أسعار النفط وارتفاعها، بسبب التداعيات التي يمكن أن تترتب على انهيار هذه الأسعار بالنسبة إلى العنصر المركزي في سيناريوهات التهديد التي يرى الجيش الإسرائيلي أنها ماثلة أمامه، وهو إيران. وفي رأي هؤلاء المسؤولين، فإن انهيار أسعار النفط بالنسبة إلى دولة مثل إيران كانت في بداية سنة 2018 تنتج 2.5 مليون برميل يومياً، هو بمثابة ضربة قاضية تنضم إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من طرف الولايات المتحدة، وإلى أضرار أزمة فيروس كورونا.
- ووصل تأثير هذه العوامل الثلاثة إلى ذروته في الشهرين الأخيرين. ولفهم التداعيات يجب تذكّر أنه قبل فرض العقوبات الأميركية كانت أرباح هذه الدولة [إيران] من النفط تصل إلى نسبة 15% من الناتج القومي الخام لها. كما أن 55% من الصادرات الإيرانية كانت تعتمد على النفط ومنتوجاته، وبناء على ذلك، تسبب خفض الإنتاج بإلحاق أضرار كبيرة بهذه الصادرات وانخفاض الطلب عليها. وجاءت أزمة فيروس كورونا فأدت إلى تعطيل عشرات المصانع. ووفقاً للمعطيات الرسمية، أصيب 85.000 شخص من سكان إيران بالفيروس توفي منهم 5000 شخص. وبسبب عدم شفافية نظام الحكم هناك، ثمة احتمال بأن تكون الأرقام أكبر من هذه بكثير.
- وإذا كانت مداخيل إيران من النفط قبل هذه الضربات تشكل 30% من مداخيلها الإجمالية، فإن تقديرات الحكومة الإيرانية في الميزانية العامة للسنة الحالية (السنة الفارسية تبدأ في آذار/مارس) تستند إلى الافتراض أن 10% فقط من مداخيلها العامة ستأتي من النفط. ولا بد من القول إن هذه الفرضية غير واقعية كونها تستند إلى توقعات بأن تقوم إيران ببيع مليون برميل من النفط يومياً بسعر 50 دولار للبرميل الواحد، مع العلم أنه بسبب العقوبات الأميركية فهي تضطر إلى البيع بسعر أقل بكثير. كما أن قدرة إيران على زيادة حجم دينها القومي العام بواسطة البنوك الأجنبية محدودة جداً بسبب العقوبات الأميركية التي تم فرضها عليها. وبناء على ذلك، فستكون مضطرة إلى أن تحسم هذه السنة المجالات التي ستقلص الصرف عليها. ويتعين عليها أن تختار بين تقليص مخصصات الدعم للأغذية والوقود التي تمنحها للسكان، وبين تقليص الميزانية الأمنية. ويمكن القول إنها ستواجه صعوبات في اللجوء إلى الخيار الأول [تقليص مخصصات الدعم للأغذية والوقود] في ضوء حملة الاحتجاج التي شهدتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، في إثر تقليص مخصصات الدعم للوقود.
- ويمكن التقدير أنه في ضوء ذلك، ستنخفض في الفترة القليلة المقبلة الأموال التي في حوزة إيران والمخصصة للصرف من أجل تمويل حزب الله في لبنان، وتقديم مساعدات مالية إلى حركة "حماس" في قطاع غزة، ولاستمرار الصرف على تدخلها العسكري في سورية. وبسبب ذلك نلاحظ أن تداعيات الأزمة الاقتصادية في إيران بدأت تنعكس أيضاً على الجدل الدائر بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووزارة المال في كل ما يتعلق بالميزانية الأمنية الإسرائيلية. ومع أن قيادة الجيش الإسرائيلي تحذّر من احتمال قيام إيران بإثارة مواجهة مع إسرائيل كي تبث إشارات قوة أو كي تمتص الضغوط الداخلية التي تتعرض لها من جانب السكان، ففي الواقع العملي لا يمتلك النظام الإيراني موارد لتمويل مواجهة مع إسرائيل، كما أن الدخول في مواجهة مباشرة كهذه يشكل مخاطرة هائلة بالنسبة إليه. وفي غضون ذلك تقوم طواقم تفكير في الجيش الإسرائيلي هذه الأيام بتحديث السيناريوهات المحتملة لاندلاع مواجهة مع إيران، وما هي الميزانيات المطلوبة للاستعداد لمواجهة كل سيناريو منها.
- وبطبيعة الحال، من المتوقع في إثر أزمة فيروس كورونا أن تتقلص الميزانيات الأمنية، ليس في إسرائيل وإيران فحسب، إنما أيضاً في العالم كله. وتقوم وزارة المال الإسرائيلية في الوقت الحالي بدرس الأضرار التي يمكن أن تترتب على هذه الأزمة أيضاً بالنسبة إلى مختلف الشركات الحكومية العاملة في المجالات الأمنية، وفي مقدمها الصناعات الجوية وسلطة تطوير الوسائل القتالية (رفائيل). وهناك توقعات بأن تؤدي هذه الأضرار إلى مساس كبير بالمداخيل التي تدرّها هذه الشركات على خزينة الدولة.