تحالف المحتاليْن: المتهم بالرشوة يريد التهرب من المحاكمة، ولص الأصوات يريد التشريفات
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في الأمس وقّع بني غانتس وثيقة التبرئة العلنية لبنيامين نتنياهو. هذا هو مغزى الاتفاق الائتلافي بين أزرق أبيض والليكود. بموافقته على أن يكون ولي العهد لنتنياهو، أوضح غانتس للجمهور أنه غير معني بتهم الفساد الخطيرة الموجهة ضد رئيس الحكومة. وليس لديه أي تحفظات أخلاقية أو مبدئية أو غيرها على الشراكة السياسية مع متهم بالفساد والخداع وخيانة الثقة يسعى لتدمير الديمقراطية وصفه غانتس نفسه في حملته الانتخابية الأخيرة بأنه النسخة الإسرائيلية عن الزعيم التركي رجب طيب أردوغان.
- بالنسبة إلى غانتس، الصورة مناقضة: لوائح الاتهام الموجهة ضد نتنياهو ليست مشكلة، بل فرصة تمنحه ليرتقي إلى العمل وقيادة الدولة بعد سنة ونصف السنة، وربما قبل، إذا مرض نتنياهو أو استقال. لم يأت غانتس إلى السياسة من أجل الدفع قدماً بمبادىء وقيم، بل كمسار للتقدم: من جندي إلى رئيس أركان للجيش، وحالياً وزير للدفاع، ورئيس حكومة مقبل. هذا ما يضمنه له الاتفاق، وهو يفضل توقيع اتفاق مع نتنياهو على معركة انتخابية رابعة - في فترة الكورونا. لقد قدّر أنه حتى لو كانت فرصة المناوبة ضعيفة، فإنها على ما يبدو أكبر من فرص أزرق أبيض في تأليف حكومة من دون نتنياهو.
- يعتقد غانتس بالتأكيد أنه أمسك نتنياهو وهو في حالة ضعف، واستطاع أن يحصل منه على صفقة أحلامه: مجلس وزاري مصغر، فيتو متبادل على كل قرار، مناوبة من دون تصويت إضافي في الكنيست، مغانم وزارية ومواقع في السلطة. تأليف اللجنة لتعيين قضاة لا يشغله كما يشغل أعضاء اليمين، وهو لم يجد صعوبة في بيع مواقع القوة القضائية وإعطائها إلى نتنياهو في مقابل مناصب ولجان. هذا هو جوهر الصفقة: نتنياهو يريد التهرب من محاكمته، وغانتس يريد تشريفات وتدليل رسمي.
- شعار غانتس "إسرائيل قبل كل شيء" يجب استبداله بـ"إسرائيل بعد كل شيء". بدلاً من خطة إنعاش ضرورية لدولة في أزمة، حصلنا على وثيقة من انتهازيين مشغولين بتوزيع المغانم السياسية، من لجان الكنيست، وصولاً إلى منصب السفير في أستراليا. الموضوعات الأساسية: الأزمة الاقتصادية، والمواجهة مع الكورونا، ومشاكل اجتماعية، وصولاً إلى العلاقات الخارجية، كل هذا سينتقل إلى لجان أو طواقم صياغة. فترة الطوارىء ستمدَّد نصف عام، ثم سيصار إلى تمديدها أيضاً وأيضاً، بما يريح الحكام. أيضاً الضم في الضفة الغربية، جوهر أيديولوجيا كتلة اليمين، مذكور عرضاً، ويبدو كلغم أدخله نتنياهو إلى الاتفاق كعذر للخروج منه وليس كتعهد ملزم. لذا وأصلاً توقيت الضم وحدوده سيُحددان بما يتلاءم مع مصالح الرئيس دونالد ترامب وحملة إعادة انتخابه من جديد، وليس في نقاشات بين ممثلي الليكود وأزرق أبيض.
- لم يخطر على بال الذين انتخبوا غانتس أنهم أعطوا أصواتهم إلى قوة إنقاذ ستُبقي نتنياهو في الحكم، وتمنح صلاحية لأعماله الفاسدة وتهديداته للديمقراطية. لكن هذا كان خيار غانتس. وليس ما جرى وقوع في الحب بل حلف بين محتاليْن، متهم بالرشوة ولص الأصوات، وهكذا سيبدو أيضاً العمل المشترك بينهما. كل طرف سيحاول اصطياد منشقين في معسكر الثاني كي يحقق أغلبية في التصويت، وكل طرف سيغرد ويسرب بقدر استطاعته ضد شريكه - خصمه، وكل طرف سيحاول تفكيك الاتفاق من موقع تفوق. الخصومة بين نتنياهو وغانتس لم تنتهِ مع توقيع الاتفاق، هي فقط اتخذت صورة جديدة.