الجيش الإسرائيلي وحزب الله يتبادلان رسائل تهديدية في زمن الكورونا
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • أزمة الكورونا دفعت وكلاء إيران العنيفين في شتى أنحاء الشرق الأوسط إلى تخفيض نشاطهم، لكنهم لم يوقفوا عملياتهم بصورة مطلقة. يواصل عناصر الحرس الثوري الإيراني محاولاتهم لإقامة جبهة ضد إسرائيل في سورية، وتواصل الميليشيات الشيعية العراقية إطلاق صواريخ على الجنود الأميركيين في العراق، ويواصل حزب الله نشاطه في الجولان السوري ضمن ما يُطلق عليه اسم "ملف الجولان"، الذي في إطاره يقيم بنية تحتية إرهابية معادية لإسرائيل في القرى المتاخمة للحدود.
  • هذا النشاط لحزب الله هو الذي أدى، على ما يبدو، هذا الأسبوع إلى التوتر في الساحة الإسرائيلية - اللبنانية. حادثتان وقعتا في مكانين مختلفين من لبنان - بعيدين عن بعضهما البعض - رفعتا مستوى التوتر. ظاهرياً، لا علاقة بينهما، لكن من المحتمل جداً أن الحادثة الأولى التي وقعت في منتصف الأسبوع كانت جزءاً من المعركة السرية - المعركة بين الحروب - التي بواسطتها تقوم إسرائيل بإحباط مبادرات حزب الله الإرهابية في سورية. الحادثة الثانية التي وقعت في الأمس كانت، على ما يبدو، رداً من حزب الله.
  • في يوم الأربعاء، تعرضت سيارة لبنانية للقصف في بلدة جديدة - يابوس الموجودة على المعبر الحدودي الأكبر والرئيسي بين سورية ولبنان، على طريق بيروت- دمشق. وذكرت وسائل الإعلام العربية أن ركاب السيارة كانوا قائداً كبيراً في حزب الله وثلاثة من رجاله. بحسب وسائل الإعلام العربية واللبنانية لم يصابوا، لأن الصاروخ الأول الذي أطلقته، على ما يبدو، مسيّرة إسرائيلية أخطأ السيارة، وهرب ركابها قبل أن يدمرها الصاروخ الثاني.
  • الحادثة الثانية وقعت ليل أمس على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، في منطقة كيبوتسي المنارة والمالكية. وبحسب بيان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، التُقطت إشارة إنذار من السياج الممتد على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، ونشأ شك في حدوث محاولة تسلل. بعد مرور وقت ليس طويلاً، وبعد فحص قام به الجيش، استُبعد احتمال التسلل، لكن اكتُشفت ثلاث فتحات خطيرة في السياج جرت، على ما يبدو عن قصد، في ثلاثة أماكن مختلفة.
  • الإشارات بشأن حدوث مسّ بالسياج جرت في أوقات متقاربة جداً. بعد مرور ساعتين ونصف الساعة تقربياً، أصدر الناطق باسم الجيش بياناً جاء فيه: "هذا حادث خطير للغاية... نحن نعتبر الحكومة اللبنانية مسؤولة عمّا يجري في أراضيها."
  • تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية بسبب حادث لا يبدو أنه عرّض سكان الجليل الأعلى لخطر خاص، أو الجنود، هو مؤشر واضح إلى تقدير الجيش بأن تخريب السياج نُفذ عن قصد من جانب طرف معادٍ ومهني. وبحسب المؤشرات، مَن نفّذ هذه الفتحات في السياج هو ثلاث خلايا من عناصر حزب الله عملت في وقت واحد، في ثلاثة أماكن مختلفة، بسرعة ومهارة، وهربت بسرعة.
  • إذا كانت فعلاً حادثة الأمس رداً على إطلاق الصواريخ يوم الأربعاء، فإن المقصود إشارات حذرة ومدروسة، هدفها تبادل رسائل بين حزب الله وإسرائيل، من دون التسبب بتصعيد. هناك مصلحة لإسرائيل ولحزب الله أيضاً بالامتناع من حدوث اشتباكات، وخصوصاً في فترة أزمة الكورونا. لكن في الوقت عينه، يريد الطرفان الدفاع عن مصالحهما.
  • فيما يلي تسلسل الأحداث - كما جرى نشرها في الأسبوع الماضي: في يوم الأربعاء، كان قائداً كبيراً في حزب الله مع ثلاثة من رجاله في سيارة عبرت الأراضي اللبنانية إلى سورية عن طريق معبر جديدة يابوس، وكان في حوزتهم عتاد شخصي وعتاد حربي. ويمكن التقدير أن الأربعة لهم علاقة بإقامة بنية تحتية إرهابية تُسمى "ملف الجولان"، وهذا هو سبب ذهابهم من لبنان إلى سورية.
  • هوية المسؤول الكبير من حزب الله ليست معروفة بصورة أكيدة: صحيفة "القدس العربي" ادّعت أن المقصود هو شخص يسمى "أبو عماد"، لكن قناة "العربية" السعودية قالت إنه مصطفى مغنية، ابن القائد العسكري الأسطوري لحزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في سنة 2008. على ما يبدو، مصطفى مغنية ضالع في "ملف الجولان"، وربما هو يديره تماماً كما فعل شقيقه الأصغر جهاد مغنية الذي اغتيل في مطلع سنة 2015، بينما كان يقود عمليات في سورية من قبل حزب الله على طول الحدود.
  • على أي حال، من الواضح أن الهدف في السيارة اللبنانية كان قائداً كبيراً في حزب الله، له علاقة بتنظيم عمليات ضد إسرائيل من الأراضي السورية.
  • يُظهر شريط الفيديو أن ركاب الجيب غادروه قبل دقيقة من القصف. وبحسب وسائل الإعلام العربية، هم تمكنوا من ذلك، لأن المسيّرة أخطأت الهدف في الصاروخ الأول الذي أطلقته. وبعد نحو دقيقة، عاد الركاب الأربعة إلى الجيب وأخرجوا أغراضهم من داخله وهربوا، وبعد مرور نحو 20 ثانية، أصاب الصاروخ الثاني السيارة.
  • من خلال الفيديو، ومما هو معروف عن تنفيذ المسيّرات للهجمات، يمكن الاستنتاج بوضوح أن المسيّرة أخطأت عن قصد الهدف بالصاروخ الأول، لإعطاء ركاب الجيب فرصة الخروج قبل الهجوم (من نوع "الدق على السيارة"). مرت ثوان طويلة- طويلة بصورة غير منطقية- بين الصاروخ الأول والثاني، وهو ما يسمح بالتقدير أن مَن أطلق الصواريخ قصد إعطاء ركاب السيارة فرصة للهرب.
  • إذا كانت المسيّرة إسرائيلية فعلاً، يمكننا أن نفهم السبب. الهدف كان التلميح إلى حزب الله بأن الجيش يعرف إلى أين كان مسؤوله الكبير ورجاله ذاهبين، وأنه لن يسمح بحدوث ذلك، تماماً مثلما هاجمت إسرائيل خلية قناصين من حزب الله أُرسلت لمهاجمة الجنود الإسرائيليين بالقرب من قرية الخضر السورية في مطلع آذار/مارس.
  • لكن بحسب قواعد اللعبة التي وُضعت في السنوات الأخيرة في الساحة الشمالية، كان من الواضح لمتخذي القرارات في إسرائيل أن اغتيال ناشط وقائد في حزب الله، سيؤدي إلى تصعيد خطير. وكان من الواضح أن حزب الله سيرد، وهذا يتعارض مع مصلحة إسرائيل في الوقت الحالي الذي تواجه خلاله، مثل لبنان أيضاً، وباء الكورونا. لذا من الممكن أن إسرائيل فضلت أن تُرسل إشارة، وألاّ تغتال المسؤول الكبير في حزب الله ورجاله جسدياً.
  • كما ذكرنا، لم يبق الحزب مديناً، وبدوره، ردّ بإشارات على الرسالة الإسرائيلية. نشرُ الفيديو يوم الجمعة هدفه شرح سبب التخريب على السياج الحدودي الإسرائيلي قبل ساعات من ذلك.
  • حزب الله أرسل إلينا رسالة مفادها أننا لن نسكت على مهاجمتكم الجيب، وعلى الرسالة التي تضمنتها، وعلى الخطر الذي تعرضت له حياة رجالنا، لكن سنرد بصورة مدروسة. أنتم تهددوننا بشأن عمليات حزب الله في الجولان من دون أن تقتلوا عناصرنا، ونحن سنمس بالسياج الحدودي من دون التسلل عبره وتنفيذ هجوم. ضرر في الأملاك انتقاماً لضرر في الأملاك. إشارة تحذيرية رداً على إشارة تحذيرية.
  • من الممكن التقدير لو أن المسؤول الكبير في حزب الله في الجيب اغتيل، لكان حزب الله رد بصورة مختلفة، كما فعل في أيلول/سبتمبر الماضي، عندما أطلق صاروخاً على سيارة إسعاف عسكرية إسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية، لكنه لم يتمكن من قتل ركابها.
  • يمكن أن نفهم أن القاعدة القديمة، العين بالعين، لا تزال تطبّق في الشرق الأوسط كما في الماضي، لكن في زمن الكورونا، فإنها تجري بصورة أكثر حذراً وأكثر حكمة.
  • الاستراتيجيا الإسرائيلية هي مواصلة المعركة بين الحروب في سورية كلما دعت الحاجة، لذلك هي تتواصل، لكن بكثافة أقل مقارنة بالفترة التي سبقت تفشي الوباء. يشدد مصدر أمني كبير على أن عمليات انتقامية تكتيكية كهذه وغيرها، كما شهدت الحدود اللبنانية في الأمس، لن تغيّر استراتيجيا الجيش الإسرائيلي.

 

 

 

المزيد ضمن العدد 3301