إسرائيل بعد كل شيء - غانتس دخل تحت نقالة الضم
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- فيروس الكورونا يثير أزمة وطنية، طبية، اجتماعية، اقتصادية، وإنسانية في أغلبية دول العالم، من بينها إسرائيل: كبار في السن يموتون، المستشفيات مزدحمة بالمرضى، القطاع الخاص يتداعى، العاطلون عن العمل يزدادون، الاقتصاد متوقف، واليأس يزحف إلى كل بيت. ما يجري هو أخطر حالة طوارىء عرفتها الدولة، وهي تتطلب توحيد الصفوف وتركيز الجهود وإبعاد موضوعات غير حيوية إلى الهامش.
- لكن ما هو الأمر الأكثر إلحاحاً لبنيامين نتنياهو وكتلة اليمين في ساعة الطوارىء غير المسبوقة هذه؟ إنه الضم الذي يأتي في مقدمة اهتماماتهم، وعليه يمكن أن يقوم أو ينهار كل شيء، تغيير الوضع القائم (الستاتيكو) القانوني في غور الأردن وكتل المستوطنات، بالتحديد الآن.
- المطلب النهائي الذي عرقل حتى الآن تأليف حكومة طوارىء وطنية، هو شديد العبثية ومؤذ إلى حد أنه يغذي الشك في أن ما يجري هو عملية خداع، وسيلة فعالة لإحباط تأليف حكومة يقول عنها نتنياهو إنها ضرورية جداً، لكنه لا يرغب فيها أبداً. يعتقد نتنياهو أن مسألة الضم ستمنع إقامة حكومة وتمنحه أيضاً وسيلة فتاكة لضرب خصومه في المعركة الانتخابية الرابعة التي نوى التوجه إليها طوال الوقت.
- التفسير البديل مثير أكثر للغضب: يدّعي المقربون من نتنياهو أن نواياه صادقة، هو يريد بلورة "إرثه"، واستغلال نافذة فرصة نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب التي يمكن أن تكون الأخيرة، بحسب مؤشرات كثيرة. هكذا هم يريدون إنقاذ أرض إسرائيل: مع رئيس مكروه ومنبوذ، وتحت حماية مرض مخيف يغزو العالم. يقولون في اليمين إنه يجب استغلال الفرصة المناسبة، بينما الأغيار – وربما أيضاً الرأي العام الإسرائيلي - مشغولون بمصائب أُخرى.
- بعبارة أُخرى: في وقت تحتاج إسرائيل إلى كل مساعدة وإرادة حسنة يمكن أن يقدمها لها العالم، ستبصق في وجهه. قبل أشهر من الدخول المحتمل لرئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض، ستوجه إليه إهانة. وتحديداً عندما يبدأ الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، بالتعافي والتفكير في خطواته من جديد، إسرائيل ستتجاهله. وعندما يبدأ المجتمع الدولي ومؤسساته بالعودة إلى العمل، ستقدم له إسرائيل قضية مغلقة ومحكمة من انتهاك للقانون الدولي.
- بينما إسرائيل بحاجة إلى استقرار إقليمي مثل حاجتها إلى الهواء للتنفس، ستخنق السلام مع الأردن. وفي الوقت الذي تعيد فيه الكورونا تشكيل الواقع، وربما أيضاً العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين - يضع اليمين عبوة ناسفة. وبينما إسرائيل بحاجة أكثر من أي وقت آخر إلى التضامن والضمانات المتبادلة، يقوم نتنياهو وجماعته بتقسيم الشعب، ويثيرون الشقاق، ويوجهون الطاقة المطلوبة لمحاربة الوباء نحو تأجيج مواجهات داخلية، والتحدث عن العالم المعادي للسامية المعارض للخطوة.
- ضم غور الأردن وكتل المستوطنات إلى إسرائيل مفيد لمحاربة الكورونا بقدر فائدة انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان - هو مثل إجراء حجامة لميت. يتضح أن أرض إسرائيل أهم، ليس فقط من دولة إسرائيل، بل أهم أيضاً من سكانها الذين ستتم التضحية بسلامتهم وحصانتهم لملك المستوطنات، وللسيطرة الدائمة على الفلسطينيين.
- مَن يساعد في تحقيق هذه الخطوة - وقبل كل شيء بني غانتس نفسه - لا يضع إسرائيل قبل كل شيء، بل يضعها بعد كل شيء. الزعماء الوطنيون الذين يحبون بلدهم ووطنهم بصدق لا يتصرفون بهذه الطريقة، بل هكذا يتصرف عبّاد الأوثان الذي يقدسون الكلمات والحجارة، ويفضلونها على البشر، ويسيرون بيننا كأنهم أتقياء هذا الجيل.