الأسبوع الفائت، إسرائيل لم تعش في ظل الديمقراطية
تاريخ المقال
المصدر
- عندما تنتهي أزمة فيروس كورونا، ستكون إسرائيل بحاجة إلى دستور. وبطبيعة الحال لا يمكن الاستخفاف بالأزمة الصحية والاقتصادية، لكن الأزمة الدستورية التي نجد أنفسنا في خضمها وتتفاقم من يوم إلى آخر لا تقل خطورة.
- في الأسبوع الفائت، نجح شخصان بمفردهما في تعطيل سلطتين أساسيتين في الدولة. وكلاهما عملا من دون دعم أكثرية ديمقراطية وفي تناقض مع المصلحة العامة. الأول، هو رئيس الكنيست المنتهية ولايته يولي إدلشتاين [الليكود] الذي عطّل الكنيست الإسرائيلي، السلطة التمثيلية للشعب، من أجل منع أكثرية أعضاء الكنيست من انتخاب رئيس جديد وبدء عمل البرلمان بصورة منظمة. والثاني، هو وزير العدل في الحكومة الانتقالية أمير أوحانا [الليكود] الذي عُيّن من دون مصادقة الكنيست، وقام بتعطيل نشاط المحاكم، باستثناء المحكمة العليا، قبل يومين من الموعد المقرر لعقد أولى جلسات محاكمة رئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو الذي عينه، بشبهة ارتكاب مخالفات فساد.
- في أي دولة سوية، لا يجوز تعطيل عمل السلطتين التشريعية والقضائية اللتين تعتبران من رموز الحكم الرشيد. ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبول منح شخص ما مهما يكن القوة لتعطيل عمل سلطة أساسية. وهذا ما يجب أن يضمنه الدستور.
- في الأسبوع الفائت، حدث أيضاً أمر خطر آخر. فقد أقرت الحكومة الانتقالية غير المنتخبة اللجوء إلى أنظمة الطوارئ من أجل فرض إغلاق جزئي والقيام بتعقب إلكتروني للمواطنين. وفعلت الحكومة ذلك من خلال الالتفاف على الكنيست. ويُشار إلى أن أنظمة الطوارئ هذه اعتُمدت من طرف الانتداب البريطاني [في فلسطين]، كي يتحكم في رعاياه، وذلك قبل إقامة دولة إسرائيل. غير أن حكومتنا غير المنتخبة لم تتردد في تطبيقها علينا، نحن المواطنون.
- ووفقاً لتقارير نُشرت في وسائل إعلام ولم يتم نفيها، ففي الاجتماع الذي عقدته الحكومة قبل أسبوع، اقترح وزراء (غير منتخبين) استخدام أنظمة الطوارئ هذه لمنع نشاط الكنيست وحظر حق التظاهر. كما أن الحكومة لم تقم بتنفيذ الحد الأدنى من المطلوب منها في مثل هذه الحالة بموجب قانون أساس الحكومة، وهو عرض قرار اعتماد هذه الأنظمة على لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بحجة عدم إقامة لجنة كهذه في الكنيست الجديد المنتخب الذي منعه رئيس الكنيست من الانعقاد وإقامة لجانه المتعددة.
- إن أي دولة سوية بحاجة إلى دستور يضمن الحريات الأساسية للفرد: المساواة، حرية التعبير، حرية التظاهر، حرية التنقل، حرية الحياة، الخصوصية، حرية التملك، حرية الانتخاب والترشح وغيرها. والدفاع عن هذه الحريات الأساسية يجب أن يكون في عهدة محكمة مستقلة وقوية من أجل منع قيام دكتاتورية.
- إن الدكتاتورية هي سلطة فردية وشمولية. ويبدو أننا نسير في اتجاهها بخطوات متسارعة. فرئيس الحكومة غير المنتخب يقوم بتعيين وزراء وإقالة آخرين من دون مصادقة الكنيست، ووزراء الحكومة غير المنتخبين يدعون على رؤوس الأشهاد إلى عدم تطبيق قرارات المحكمة العليا، ورئيس الكنيست يقوم، على نحو خطر وغير مسبوق، بتحقير قرار صادر عن المحكمة العليا. وفوق ذلك كله، فإن ما يجري هذه الأيام في مجالات الصحة والأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام عرض لشخص واحد. وهذا أمر لا يجوز السماح به على الإطلاق.
- في الدول السوية لا يجيز الدستور ولاية غير محدودة للمناصب الرئاسية، وذلك من منطلق الفهم بأن عدم تحديد الولاية يشجع الإدمان على التمسك بالمنصب، وعلى الاحتفاظ بفائض قوة، بما يتيح إمكان الفساد الشخصي والدوس على قيم مهمة وإلغاء سلطات أساسية والسيطرة على وسائل إعلام حرة وإدانة الجهاز القضائي وتشويه سمعة المعارضة ووصم أعضائها كخونة.
- لأول مرة في تاريخنا، لم نعش الأسبوع الفائت في ظل الديمقراطية. وإذا ما كنا نريد فعلاً عدم الاستسلام لمثل هذا التطور الخطر، يتعين علينا أن نخوض كفاحاً من أجل اعتماد دستور لإسرائيل.