هل يمكن القيام بمهاجمة إيران تحت غطاء أزمة الكورونا؟
تاريخ المقال
المصدر
- هل تخطط حكومة إسرائيل لشن هجوم على إيران تحت غطاء أزمة الكورونا؟ مَن يفحص سلوك الحكومة في الأسابيع الأخيرة، يمكن أن يلاحظ ما يبدو إعداداً لحرب مع إيران تحت غطاء الإعداد لمواجهة الوباء. تكثيف الجهاز الطبي، تحضير الجبهة الداخلية لحالة طوارىء، حجر عشرات الآلاف من المواطنين في منازل قريبة من أماكن آمنة، مغادرة مواطنين أجانب الدولة، إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي في وجه الرحلات التجارية، والتحضير لإعلان حالة طوارىء مدنية أو عسكرية قريباً. كل هذه العمليات التي جرت تحت غطاء الاستعداد لمواجهة فيروس الكورونا، يمكن أن تستخدمها حكومة إسرائيل للتغطية على هجوم على إيران.
- الحوافز؟ ثلاث معارك انتخابية انتهت من دون حسم، واحتمال أن ينتهي مسار الائتلاف القائم لمصلحة حكومة تشارك فيها القائمة [العربية] المشتركة. حافز آخر هو اعتقاد القدس أن إيران تملك موارد ومعرفة لتركيب قنبلة [نووية]، وخروجها من الاتفاقات النووية يقرّبها من ذلك. في ضوء ذلك، تستطيع الحكومة الحالية استغلال الوضع والقيام بالتحضيرات المطلوبة لشن هجوم جوي على إيران تحت غطاء المواجهة مع الكورونا كتضليل.
- على الرغم من الفرصة، على ما يبدو، هناك عدة مسائل عملياتية تخطر بالبال. إحداها قدرة الجيش الإسرائيلي على تجنيد احتياطيين في ظل فيروس الكورونا. هناك عشرات الآلاف في الحجر، بالإضافة إلى الذين يشعرون بالقلق من إصابتهم بالعدوى، والدولة تمنع رسمياً التجمعات العامة التي تتعدى 5000 شخص. وفي حال حرب مع إيران، من المتوقع أن يضطر الجيش الإسرائيلي إلى احتلال مناطق في لبنان وغزة، ويمكن أن تشكل مناطق تجميع القوات على الحدود قبل عملية احتلال برّي تهديداً قد يؤدي إلى حدوث إصابات جماعية بالفيروس بين الجنود.
- هناك من ناحية أُخرى وجود الكورونا في لبنان وغزة. احتلال مناطق في تلك الدول في ظل فيروس كورونا، سيلحق ضرراً كبيراً في قدرات الجيش الإسرائيلي على إدارة أمور السكان المدنيين في المناطق المحتلة (انظروا ماذا جرى في بيت لحم قبل أيام). الجيش الإسرائيلي، بصفته السيد المسؤول عن المناطق التي احتُلت، سيضطر إلى تقديم خدمات مدنية إلى السكان المحليين، وهذه مهمة معقدة في الأيام العادية، فكم بالحريّ في ظل وباء. علاوة على ذلك، حرب استباقية إسرائيلية الآن ضد إيران ولبنان أو غزة، من المتوقع أن يستقبلها العالم بصورة سلبية، في الوقت الذي تحاول القيادات المحلية تزويد مواطنيها بخدمات طبية لمحاربة فيروس الكورونا. وفي الأساس إيران التي تعاني جرّاء نسبة وفيات مرتفعة نسبياً مقارنة بدول أُخرى بسبب إخفاق الجهاز الطبي نتيجة العقوبات الأميركية.
- ختاماً، في العقد الأخير، وضع نتنياهو القنبلة النووية في رأس قائمة التهديدات لدولة إسرائيل، مع انشغال لم يتوقف لإدخال سردية التهديد الإيراني إلى مركز الاهتمام العام. هذا الجهد دفع جزءاً من وسائل الإعلام في البلد إلى تسميته "تشرشل الإسرائيلي"، بمعنى أنه يصف بصورة صحيحة التهديد ويعمل ضده. مع ذلك، أذكر أنه بعد انتهاء معارك الحرب العالمية الثانية، اعتبر تشرشل الاتحاد السوفياتي كعدو جديد في خطوة أدت إلى تلاشيه سياسياً.
- من دون الدخول في نقاش سياسي، حالة الطوارىء في إسرائيل لمعالجة الكورونا يمكن أن تشكل أساساً لتمويه هدف مهاجمة إيران. في الماضي كان رئيس الموساد السابق مئير داغان هو الذي خرج إلى الإعلام لكبح هجوم، في رأيه، لا قيمة فعلية له. الافتراض الذي كان ولا يزال اليوم لدى جزء من الخبراء، هو أن هجوماً إسرائيلياً من الجو من دون دعم من الولايات المتحدة لن يؤدي إلى إبطاء المشروع النووي العسكري الإيراني أو وقفه. مثل هذا الهجوم، في حال جرى الآن، من المتوقع، مع أرجحية كبيرة، أن يُدخل إسرائيل في مواجهة متعددة الجبهات (إيران، لبنان وغزة)، بموازاة معالجة فيروس كورونا في الجبهة الداخلية. فهل إسرائيل مستعدة لذلك؟