تأملت أن تكون حركة ميرتس جسراً إلى الجمهور العربي، وكنت على خطأ
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أثبتت الانتخابات الأخيرة أن الجمهور العربي يريد أن يكون جزءاً من الحياة الإسرائيلية. العرب تدفقوا إلى صناديق الاقتراع بنسب قريبة جداً من نسب الجمهور اليهودي. أغلبيتهم الساحقة اختارت القائمة [العربية] المشتركة، القائمة الوحيدة التي أعطتهم، ليس فقط وعوداً بل أيضاً تمثيلاً.
- موقع القائمة المشتركة وسط الجمهور الإسرائيلي عموماً، وفي المجتمع العربي خصوصاً، مركزي ومهم. إنها وسيلة للتأثير، وبفضل عمل جزء من أعضاء الكنيست من القائمة - هي أيضاً أداة للحصول على دعم وميزانيات. شيء واحد لا تقدمه القائمة المشتركة للمجتمع العربي - إنها لن تشارك في السلطة بحد ذاتها، ولن تكون بين متخذي القرارات.
- طوال 72 عاماً من تاريخ دولة إسرائيل، عرفت حكوماتها وزيراً عربياً واحداً ووزيراً درزياً واحداً. أيضاً تقتصر قائمة المدراء العامين العرب والدروز في وزارات الحكومة على اثنين. ضآلة هذا التمثيل هو ليس فقط نتيجة العنصرية في المجتمع الإسرائيلي؛ بل ناجم أيضاَ عن تخوف الأحزاب المتعددة التي تتألف منها القائمة المشتركة من القيام بدور كامل في اتخاذ القرارات في دولة إسرائيل. الغياب عن طاولة الحكومة وعن عملية اتخاذ القرارات يمنع أيضاً حاجات المجتمع العربي من الوصول إلى مكان مركزي في عملية اتخاذ القرارات في دولة إسرائيل.
- صحيح أنه كان يوجد وزراء حريصون على المجتمع العربي ويريدون مساعدته، لكن فقط حكومة يجلس على طاولتها وزراء عرب ستعرف كيف تضع جدول أولويات جديد، يتعامل مع المجتمع العربي بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع المجتمع اليهودي. حكومة كهذه ستعرف، ليس فقط تحويل ميزانية إلى هنا أو هناك، بل تقديم رد شامل على حاجات المجتمع العربي التي أُهملت وجرى التمييز ضدها طوال 72 عاماً.
- في نهاية الأمر شخص قريب من نفسه، ووزير يعود إلى منزله في بلدة عربية سيكون أكثر إصغاء لحاجات جيرانه من وزير يلتقي بهم في مكتبه. وزير عربي يعرف أكثر كيف يمثل العرب، سواء فيما يتعلق بقرارات وزارته أو في جلسات الحكومة. القائمة المشتركة غير مهتمة بالقيام بهذه المهمة. التنافر القائم بين هوية أعضائها الوطنية وبين مواطنتهم لا يزال حاجزاً أمام أفرادها للاندماج الكامل في عملية اتخاذ القرارات. لكن في المجتمع العربي في إسرائيل يوجد جمهور كبير جداً يهمه ذلك. إنه جمهور يؤمن بأن الهوية الوطنية الفلسطينية يجب ألّا تغلق الطريق أمام الاندماج المدني الكامل في المجتمع الإسرائيلي وأيضاً في قيادته.
- كنت آمل كثيراً بأن تشكل حركة ميرتس جسر المجتمع العربي إلى الحكومة وإلى مراكز اتخاذ القرارات. أكثر من 40 ألف مواطن عربي أيدوا ميرتس في انتخابات نيسان/أبريل هم دليل على أن المجتمع العربي يتوق إلى طرف سياسي، يمكّنه من أن يكون جزءاً من السلطة وليس فقط أن يقف إلى جانبه. لكن أحزاب اليسار اختارت طلب أصوات المواطنين العرب، وامتنعت من إعطائهم تمثيلاً. أغلبيتهم قالت: شكراً، لكن لا نريد.
- فشل اليسار في الانتخابات الأخيرة هو أيضاً فرصة للقيام بانطلاقة جديدة، وإلى بنائه من جديد كيسار يهودي - عربي حقيقي. ليس اليسار الذي يعتمد على حصص تمثيل في أحسن الأحوال، وعلى وعود فارغة، بل يسار يقوم على شراكة ومساواة بين العرب واليهود. يسار يجمع بين أعضائه الإيمان بالإنسان بصفته إنساناً، والسعي للسلام والالتزام العميق بمساواة حقيقية، وليست لفظية أو غيرها. مثل هذا اليسار يمكن أن يكون حزباً أيضاً للعديدين في المجتمع العربي الذين لا تكفيهم وعود القائمة المشتركة بالتأثير في الحكم، بل يريدون أن يكونوا جزءاً منه. الجمهور العربي الكبير المهتم بذلك سيعطي دفعاً قوياً لليسار اليهودي الصغير والمحبط الذي يتضاءل عدده في كل انتخابات.
- هذا هو التحدي الذي يواجهه معسكر اليسار قبيل الانتخابات القادمة وفي أي وقت آخر: إقامة شراكة عربية يهودية متساوية وحقيقية. البديل هو استمرار الاحتضار، وصولاً إلى الاختفاء الكامل من الساحة السياسية الإسرائيلية.