أيضاً 15 مقعداً في الكنيست للقائمة المشتركة لا يكفي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • في الأيام الأخيرة ازدادت الدعوات إلى الجمهور العربي - بينها مقال جدعون ليفي، والذي تُرجم إلى العربية وحظي بانتشار واسع وسط الجمهور العربي (راجع المقال في نشرة "مختارات من الصحف العبرية"، 13/2/2020) – للمشاركة الكثيفة في الاقتراع. وقيل إن هذا هو الرد الأفضل على كل الذين يبصقون في وجه العرب.
  • جدعون ليفي وكل أنصار زيادة التمثيل العربي على حق. لم يبق في صندوق الجمهور العربي في دولة إسرائيل كثير من الأدوات. التصويت في انتخابات الكنيست من أجل التأثير في الساحة الداخلية - الإسرائيلية هو تكتيك صحيح. وحتى اليوم لم يجر استغلال الحد الأقصى للقوة الانتخابية للجمهور العربي، وما دام هذا لم يحدث - فإن مدى التأثير سيظل دائماً خاضعاً للنقاش.
  • مع ذلك، القائمة المشتركة مع 13 مقعداً لم تمنع سن قانون القومية، ولم تكبح قانون كمينيتس (الذي يشدد تطبيق العقوبات على مخالفات البناء وموجّه في الأساس ضد العرب). والأعضاء الـ13 كانوا هناك عندما عُرضت صفقة القرن التي تضمنت تبادل مناطق وسكان، نحو 300 ألف مواطن عربي. بناء على ذلك، بالنسبة إلى المؤيدين لمقاطعة الانتخابات، وغير المبالين الذين لا يرون سبباً للمشاركة في الاقتراع، يوجد أساس للادعاء بأنه في جميع الأحوال مدى تأثير أعضاء الكنيست العرب محدود جداً، وسيظل كذلك أيضاً حتى لو ازداد حجم التمثيل العربي.
  • لكن زيادة التمثيل إلى 15 مقعداً وحتى أكثر، يمكن بالتأكيد أن تؤدي إلى تغيير، وإلى فرض واقع جديد، ليس في إمكان بني غانتس ولا بنيامين نتنياهو تجاهُله. عملياً هذا التغيير بدأ، على الأقل في الخطاب الإعلامي. متى حظي أعضاء الكنيست العرب بهذه التغطية الإعلامية في شبكات الإعلام الأساسية في إسرائيل؟ أيمن عودة وأحمد الطيبي يقفزان من استديو إلى آخر ويمرران الرسائل - لا يمر يوم من دون أن نسمع أو نرى مقابلة مع عضو كنيست عربي. صحيح أنهم لا ينقلون دائماً الرسائل الصحيحة، ولا ينجحون دائماً، لكن على الأقل هناك تغطية، وهذا كثير في إسرائيل 2020.
  • هل تكفي زيادة التمثيل في الكنيست لتحقيق فرج المواطنين العرب؟ الجواب هو: كلا. المجتمع العربي ليس مجتمعاً محصناً بصورة خاصة، وإذا غصنا إلى داخله نفهم أنه واقع في أزمة عميقة. التغيير الحقيقي في المجتمع العربي لا يحدثه فقط التمثيل في الكنيست - هذا مدماك مهم، لكنه وحده لا يؤدي إلى أي تحسن.
  • من يعرف المجتمع العربي يدرك أن أحد عناصر التأثير القوي هو السلطة المحلية. رئيس السلطة في كل بلدة هو الذي يظهر ما يحدث عنده، ومن هذه الزاوية، الصورة قاتمة. ما دامت الحمائل والعشائر والطوائف تؤدي دوراً في تحديد جدول الأعمال السياسي في أغلبية البلدات العربية، من الصعب الحديث عن تغيير جوهري.
  • مثل هذا التغيير لن يأتي من الكنيست ولا من الحكومة، على العكس - هناك فقط يغذون الضائقة ويحاولون تدمير أي نموذج إيجابي. لسنا بحاجة إلى أن نكون حكماء كباراً كي نفهم كيف عملت هذه الآلية طوال عشرات السنين: الدولة سيطرت على الجمهور العربي بواسطة سياسة فرّق تسُد، أو سياسة العصا والجزرة، وبذلك أثرت في هوية الزعامات المحلية.
  • يجب الاعتراف أنه في العقد الأخير كان هناك تباشير تغيير في عدة بلدات. زعماء سلطات جدد، شباب ونشيطون، ليسوا مرتبطين فقط بالحبل السري للحمولة والطائفة، نجحوا في بث حياة جديدة وخلق حوار مختلف في مواجهة وزارات الحكومة، وبمساعدة القائمة المشتركة بدت الأمور مختلفة قليلاً.
  • دخلت إلى الصورة منظمات المجتمع المدني التي أيّدت وساعدت. هذا المثلث المؤلف من رؤساء سلطات محلية وسياسيين وجمعيات اجتماعية- طوّر نماذج جيدة للتغيير، لكن كل أجزائه، وفي الأساس الجمعيات، واقعة تحت رحمة آخرين. ليس هناك جمعية في المجتمع العربي قادرة على الصمود وحدها. المساعدة الخارجية، وفي الأساس المال الأوروبي والأميركي (بينه مال يهودي)، هي بحاجة إليه مثل الحاجة إلى الهواء من أجل التنفس. لجنة المتابعة للجمهور العربي التي تشكل مظلة لكل هذه الهيئات، تعمل بميزانية تساوي الصفر. منذ سنوات يجري الحديث عن إنشاء صندوق للمجتمع العربي، لكنها تصريحات فقط. لا يملك المجتمع العربي اليوم أداة ضغط حقيقية على الدولة.
  • هناك مدماك إضافي. الحرم الجامعي في الجامعات وفي الكليات التي يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات العرب. خلال سنوات كان الحرم الجامعي المكان الأساسي لبلورة الهوية السياسية للشبان العرب. أعضاء الكنيست العرب، في أغلبيتهم، اليوم وأيضاً في العقد الماضي، كبروا هناك. الجو الذي أتاح ذلك تبخر تقريباً من حرم الجامعات. الخريجون و الخريجات في مهن مرموقة يعودون إلى بلداتهم مع شهادة جامعية ومع جهل سياسي: دكتور في الطب أو في القانون يتصرف مثل أحد خريجي أيام الحكم العسكري، وجزء منهم ينتخب رؤساء سلطات محلية.
  • لذا، لا يمكن أن نعيش في وهم أن الفرج سيأتي من القائمة المشتركة ومن زيادة التمثيل. في المدى القصير قد يكون ذلك صحيحاً على المستوى التكتيكي، لكن في المدى البعيد هناك حاجة إلى تفكير عميق بشأن كيفية تحقيق تغيير حقيقي. يوجد قدرة على ذلك، لكن مع عدم وجود خطة استراتيجية، سيبقى التغيير مسألة أمنيات وحلماً بعيد المنال. ومع ذلك لم يُفقد الأمل بعد.