إعادة تقييم للمسار: تأثيرات الهجوم الأميركي في العراق
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • الهجمات الأميركية هذا الأسبوع، الموجهة ضد خمس قواعد في العراق وسورية تنشط فيها الميليشيا الشيعية كتائب حزب الله، المدعومة من إيران، كما محاولة الاقتحام العنيفة للسفارة الأميركية في بغداد في يوم الثلاثاء، هما تطوران مهمان يمكن أن يغيّرا قواعد اللعبة المتبعة حتى الآن. جاء هجوم الولايات المتحدة رداً على صواريخ أطلقتها الميليشيا، قبل يومين، على قاعدة توجد فيها قوات أميركية في مدينة كركوك في شمال العراق. أسفر الهجوم عن مقتل متعهد أميركي، وجرح عدد من الجنود الأميركيين والعراقيين.
  • هذه ليست أول مرة تهاجم فيها ميليشيات شيعية قوات أميركية في العراق. منذ أيار/مايو الماضي، وقعت عشرات حوادث إطلاق صواريخ على قواعد ومؤسسات يوجد فيها جنود ومدنيون أميركيون. لكن حتى ذلك الحين، لم يُجرح مدني أو جندي أميركي، واكتفت الولايات المتحدة بتهديدات مبهمة لا غير. من المحتمل أن الرد ضد كتائب حزب الله يؤشر إلى نفاذ صبر الولايات المتحدة، ويمكن التقدير أنه من الآن فصاعداً سيبدأ الأميركيون بالرد على الهجمات التي تشنها ضدهم تنظيمات تدور في فلك إيران، وخصوصاً في أحداث تقع فيها إصابات أو قتلى.
  • للهجوم الأميركي أهمية أيضاً فيما يتعلق بالمواجهة مع إيران نفسها التي استفزت حتى الآن الولايات المتحدة من دون رد. عدم الرد الأميركي على إطلاق صواريخ على قواتها في العراق أضيف إلى احتواء الولايات المتحدة حوادث استفزازية إيرانية أُخرى، مثل إسقاط الطائرة الأميركية من دون طيار فوق مضائق هرمز في الخليج الفارسي من جانب قوات الحرس الثوري الإيراني في حزيران/يونيو الماضي. من الممكن أن يضاف إلى ذلك الهجوم على منشآت النفط السعودية، التي هي حليفة الولايات المتحدة، في أيلول/سبتمبر الماضي، وأيضاً سلسلة تفجيرات إضافية، واستفزازات وعرقلة لحرية الملاحة في الخليج الفارسي، على ما يبدو من جانب إيران.
  • الرسالة في الهجوم الأميركي الأخير موجهة في الأساس إلى طهران. هذا هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة لا تكتفي بالهجوم في العراق - حيث هوجمت قواتها - بل هاجمت أهدافاً أُخرى تتماهى مع إيران في سورية أيضاً، حيث تحاول إيران أن تتمركز. وبذلك هنا تغيير محتمل في قواعد اللعبة، وفرصة لتحقيق تفوّق استراتيجي على إيران. الهجمات الإيرانية غير المباشرة - معظمها بواسطة وكلائها الذين تدعمهم - تكاثرت في السنة الأخيرة، وازدادت قوتها. يأتي ذلك على خلفية رغبة إيران في إعادة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات بشأن موضوع الاتفاق النووي، مع رفع العقوبات، أو تقليص نظام العقوبات الاقتصادية ضدها.
  • اعتقدت إيران أن الهجمات غير المباشرة والمنخفضة القوة نسبياً لن تؤدي إلى ردود أميركية. حالياً، إذا كان الهجوم الأميركي الأخير يدل على تغيير في قواعد اللعبة من جانب الولايات المتحدة، فإن إيران ستضطر إلى إعادة تقييم للمسار.
  • لكن، تغيير الولايات المتحدة لقواعد اللعبة - على الأقل في العراق - ينطوي على مخاطرة وليس على فرصة فقط. على سبيل المثال، تكرار هجمات أميركية في العراق على أهداف ليست ضمن أساس التفويض الذي تعمل بموجبه الولايات المتحدة بدعوة من العراق (أي أهداف لا تنتمي إلى نشطاء وأرصدة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية) يمكن أن يؤدي إلى توترات وخلافات في العلاقات بين العراق والولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، استمرار الهجمات يمكن أن يعرّض للخطر محاولة التغيير الداخلي للنظام السياسي في العراق، الذي هو حتى الآن منقسم بين مؤيدي التدخل الإيراني في العراق وبين معارضيه.
  • في الأشهر الأخيرة، خرجت تظاهرات شعبية كبيرة في العراق، رُفعت فيها يافطات وسُمعت فيها هتافات ضد تدخل إيران وتأثيرها في العراق. لكن حتى الذين يعارضون إيران يعتبرون الهجمات الأميركية اعتداء على السيادة العراقية. إذا استمرت الهجمات الأميركية ضد أهداف إيرانية، هناك تخوف من "رص الصفوف" وتوحيد المعسكر الشيعي في العراق مع تدخّل إيران - وهذه خطوة تتعارض طبعاً مع المصلحة الأميركية ومع مصلحة حلفائها في المنطقة.