غزة 2020
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- قبل ثمانية أعوام، أصدرت الأمم المتحدة تقريراً عنوانه: "غزة في 2020: هل هي مكان يصلح للعيش؟" الجواب ظهر في داخل التقرير: كلا، إلّا إذا اتُخذت خطوات إنقاذية. لم يَجرِ القيام بأي عملية فعلية، لكن أيضاً نهاية توقعات هذا التقرير لم تصمد في الاختبار: الوضع هو أسوأ مما تنبأ به. في الأمس بدأت نهاية السنة في غزة، ومنذ الأمس لم تعد مكاناً يصلح للحياة البشرية. مليونا شخص يعيشون منذ الأمس في مكان غير صالح للعيش فيه.
- تشيرنوبيل في غزة، على بعد ساعة عن تل أبيب، وفي تل أبيب لا يشعرون بالقلق. والعالم مثلهم. خلاصات العقد الماضي اشتملت على كل شيء، باستثناء الكارثة الإنسانية التي تحدث في الباحة الخلفية لإسرائيل، التي هي قبل كل شيء ذنبها ومسؤوليتها. عندما يحين وقت الحساب، إذا حان، في لاهاي أو في أي مكان آخر، سنضطر إلى أن نتذكر الكارثة الإنسانية التي تسببنا بها لهذا القطاع البائس من الأرض، حيث توجد كثافة سكانية مخيفة، هي في الأساس من اللاجئين وذرية لاجئين فروا من كارثة إنسانية أنزلناها بهم قبل عشرات السنوات.
- بدلاً من أن تتحمل إسرائيل مسؤولية طردهم وإبعادهم إلى غزة في سنة 1948، وتحاول أن تعوّض وتكفّر، وتعيد البناء وتساعد، ها هي تستمر في سياسة 1948 بصورة أُخرى. قفصٌ بدلاً من طرد، سجنٌ بدلاً من تطهير إثني، حصارٌ بدلاً من نهب. ثمة شك في أنه توجد مناطق كوارث في العالم تستمر فيها الكارثة أكثر من 70 عاماً متواصلة، وكلها من صنع إنسان ظالم. ذكرى غزة يجب أن تطاردنا ليلاً ونهاراً. وبدلاً من ذلك، ننسى غزة، وفقط القسام قادرعلى تذكيرنا بوجودها.
- عندما كُتب تقرير الأمم المتحدة كانت نسبة البطالة في غزة 29%. بعد مرور 8 سنوات، وبحسب أرقام البنك الدولي، تصل البطالة حالياً إلى حجوم لم تصل إليها من قبل، 53% إلى 67% وسط الشباب. هل هناك من يدرك معنى ذلك؟ 67 % بطالة؟ هل هناك من يفهم كيف يعيشون هناك، مع أغلبية هائلة من الشباب من دون حاضر ومن دون مستقبل؟ الذنب يقع على "حماس". هي المذنبة في كل شيء. وماذا عن إسرائيل؟ لا شيء. كم يجب أن نحسد الإسرائيليين الذين لا يعذبهم ضميرهم حيال حصار غزة. هم مقتنعون بأن كل شيء هو بسبب "حماس". كم يحتاج ذلك إلى قمع، وغسل دماغ، وأكاذيب، ولاإنسانية، ووحشية. دولة ترسل بعثات إنقاذ إلى نهاية العالم، تتعامل بعدم اكتراث مرَضي مع كارثة هي صنعتها داخل حدودها، وتراكم على ضحاياها كوارث أُخرى.
- نصف سكان غزة تقريباً يعيشون بأقل من 5.5 دولارات في اليوم. في الضفة الغربية المحتلة، على سبيل المقارنة، فقط 9% من السكان يعيشون بهذا المبلغ البائس."حماس" هي المذنبة، هي التي فرضت الحصار، وهي التي تمنع التصدير والاستيراد وإيجاد أماكن عمل، وهي التي تطلق النار على الصيادين، وتمنع مرضى السرطان من المجيء لتلقّي العلاج الطبي، وهي التي تقصف غزة، وتقتل آلاف المدنيين وتدمر آلاف المنازل. واضح!!
- توقّع تقرير 2012 أن تكون غزة في سنة 2020 بحاجة إلى 1000 طبيب إضافي على الأقل. في غزة 2020: 160 طبيباً غادروا في السنوات الثلاث الأخيرة. من يقدر يرحل. الطبيبة الجرّاحة الشابة د. سارة السكري، من مستشفى الشفاء، روت في الأسبوع الماضي لصحيفة "الغارديان" أنها تقبض 300 دولار خلال 40 يوماً. ولولا والدتها المسنة، لكانت هي أيضاً رحلت.
- الأسوأ لا يزال أمامنا: 97% من مياه غزة غير صالح للشرب، كما توقّع التقرير. 100 ألف متر مكعب من مياه المجارير تتدفق يومياً إلى البحر المتوسط، الذي هو بحرنا أيضاً. عسقلان تسبح في مجارير غزة، وهذا أيضاً لا يثير قلق أحد. بعد ثلاث سنوات على صدور التقرير في سنة 2012 ، أصدرت الأمم المتحدة تقريرها في سنة 2015: عملية "الجرف الصامد" اقتلعت نصف مليون شخص من منازلهم، وتركت غزة مدمرة. هذا أيضاً استُقبل بلامبالاة كبيرة. "حماس"، إرهاب، صواريخ، دفاع عن النفس! هل تذكّر أحد أن ما يجري له علاقة بالبشر؟ بعد ذلك جاء تقرير 2018، هذه المرة صادر عن البنك الدولي: اقتصاد غزة في وضع حرج. فليختنقوا!