مَن قتل 9 مدنيين أبرياء نائمين في أسرّتهم هو مجرم حرب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مَن يقصف منزلاً في منتصف الليل من دون أن يتحقق ممن في داخله، هو مجرم حرب. من يدّعي أنه لم يقصد قتل 9 أفراد من عائلة السواركة يحاول التضليل وغسل يديه: يداه ليستا نظيفتين. هما ملطختان بدماء أبرياء. ربما لم يقصد قتل 9 أشخاص خلال نومهم، خمسة منهم أطفال، واثنان منهم رضيعان - لكنه بالتأكيد لم يبذل أقصى جهده كي لا يمس بهم. لا توجد هنا أي أعذار يمكن أن يقدمها الجيش الإسرائيلي والاستخبارات، وطبعاً ، طيارو سلاح الجو.
  • أيضاً، التصريحات الوقحة لقائد المنطقة الجنوبية، هرتسي هليفي، هي دليل على البلادة وعدم الإحساس الإنساني، فقد قال: "أمور كهذه يمكن أن تحدث". من دون كلمة عن إحساس بالذنب، ولا عبارة ندم، لا شيء عن تحمّل المسؤولية، ولا اعتذار. طبعاً، لا مجال للحديث عن تعويضات، لماذا، مَن الذي مات؟ الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، و"حماس" والجهاد الإسلامي هما تنظيمان إرهابيان. وماذا عن الذي قتل تسعة مدنيين أبرياء في منازلهم وفي أسرّتهم - ماذا هو بالضبط؟
  • ما الذي يجب أن يحدث أكثر كي يبدأ الإسرائيليون يفهمون أن الجيش الإسرائيلي الحبيب والعزيزعليهم، هو جيش متوحش لا شي يكبحه. وأن غزة ليست بنكاً للأهداف. وأن جيشاً يخترع مطلوباً لا وجود له، ليبرر مقتل عائلة، هو جيش مريض. وأنه من المستحيل مهاجمة غزة بالطائرات من دون قتل أبرياء. وأنه لا يوجد في غزة المكتظة بالسكان مكان واحد لا يوجد فيه مدنيون ليس لديهم ملاذ آمن، ولا لون أحمر أو قبة حديدية. وأن غزة ليست فقط وكراً للدبابير وقواعد للمخربين- غزة هي قبل كل شيء البيت المزدحم إلى حد مريع، والذي يسكنه أتعس تعساء الاحتلال الإسرائيلي الذي لم ينته قط في غزة، لاجئون من الجيل الرابع والخامس صنعتهم إسرائيل بيديها، وسجنتهم قبل 13 عاماً في أكبر سجن في العالم، وتتوقع منهم منذ ذلك الحين أن يبقوا هادئين، وأن يخضعوا ويرموا الأرز على الطائرات التي تقصفهم، وعلى السياج الذي يسجنهم.
  • ما كشفه يانيف كوفوفيتس اليوم (الخميس)، يضاف إلى ما كشفه في "هآرتس" في 15/11، يرسم الصورة الكاملة للأحداث التي وقعت في دير البلح: حقيقة مذهلة عن جيش يقصف أهدافاً من دون أن يتحقق مما فيها، وفي الأساس، من يوجد في داخلها. الآن، ما جرى ليس حادثة، الآن يتضح أن ما جرى هو روتين- هم لا يتحققون من أهدافهم.
  • استخبارات تعرف ما هو لون الملابس الداخلية لكل عالم نووي إيراني في فوردو، لا تعرف كيف تتحقق ممن يسكن داخل بيت من الصفيح في دير البلح قبل قصفه؟ هذا بالتأكيد مهزلة. لو أراد الجيش لكان قادراً على أن يعرف بالضبط مَن يوجد هناك في البيت البائس. لكن ببساطة، هذا لم يكن هذا مهماً بالنسبة إلى الجيش. في البداية نقصف، ثم نتحقق.
  • بالحقيقة، اتضح أن هذه حادثة منسية، وغير مهمة، ولا تثير الاهتمام. فالإسرائيليون، في أغلبيتهم، لم يسمعوا ما حدث باسمهم في دير البلح. هذا أيضاً لا يهمهم. باستثناء "هآرتس"، لم تنقل وسائل الإعلام الإسرائيلية ما جرى في اليوم الذي تلا الهجوم. قرّاء صحيفة "يسرائيل هَيوم" لم يسمعوا أن الجيش قتل 9 أشخاص، وقرّاء "يديعوت أحرونوت" كان عليهم أن يبذلوا جهداً للعثور على الخبر.
  • "هذا كان هدفاً بسيطاً، ولم يكن من المفروض وجود مدنيين فيه"، هكذا برر جهاز الدعاية في الجيش الإسرائيلي ما جرى. مرة أُخرى العرب هم مسؤولون عن موتهم. لم يكن من المفروض أن يوجدوا هناك. أين كان يجب أن يكونوا؟ في البحر؟ في الجو؟ "نحن نتصرف بدقة"، قال قائد المنطقة. لقد أطلقوا على العملية اسم "الحزام الأسود"، اسم جريء للغاية، علم أسود يرفرف فوقها.
  • ماذا سيجري لنيرمين؟ من يهمه أمر نيرمين؟ نيرمين السواركة ابنة العاشرة التي لم يعد لها حاضر ولا مستقبل. في ليل 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، قتل سلاح الجو أمها ووالدها وأخوتها الثلاثة، وعمها وعمتها وطفليهما الصغيرين. نيرمين بقيت وحيدة في العالم. قائد المنطقة يقول إن مثل هذه الأمور يمكن يحدث. مثل هذه الأمور يجب أن يصل إلى محكمة العدل العليا في لاهاي.