ليس واضحاً مَن يهدد أبو مازن
تاريخ المقال
المصدر
- خطاب رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، تضمن، كعادته، هجوماً حاداً على إسرائيل، وهذه المرة على حليفتها الولايات المتحدة، لتأييدها إسرائيل من دون تحفظ، واعترافها بالقدس عاصمة لها. في خطابه هدد أيضاً أبو مازن بأنه إذا نفّذت حكومة إسرائيل نيتها ضم وادي الأردن، فإنه سينسحب من الاتفاقات التي وقّعتها السلطة مع إسرائيل، وأعلن أنه سيواصل دفع الرواتب والمخصصات لعائلات المخربين الذين قُتلوا، أو للمعتقلين في السجون الإسرائيلية.
- لكن بالإضافة إلى هذا كله، فاجأنا أبو مازن عندما ذكر أنه ينوي إعلان إجراء انتخابات لرئاسة السلطة والبرلمان الفلسطيني فور عودته إلى رام الله. للتذكير، الانتخابات السابقة التي أوصلت أبو مازن إلى كرسي الرئاسة جرت في كانون الثاني/يناير 2005، قبل نحو 15 عاماً، بينما جرت الانتخابات للبرلمان الذي حلّه أبو مازن في هذه الأثناء، في كانون الثاني/يناير 2006.
- هذه ليست أول مرة يَعد فيها أبو مازن بإجراء انتخابات، لكنه استبدل "تهديد الانتخابات" في السنوات الأخيرة بتهديد "إعادة المفاتيح"، وبحلّ السلطة الفلسطينية، إذا لم تستجب إسرائيل لمطالبه.
- غني عن القول إن هذه الوعود والتهديدات فارغة. ففي النهاية، ليس من العبث امتناع أبو مازن نحو 15 عاماً من إجراء انتخابات. هو يعرف بالتأكيد، وتدل استطلاعات الرأي في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، على أن التأييد له ولسلطته هو في أدنى درجاته، وأنه يمكن أن يخسر الانتخابات في مواجهة حركة "حماس".
- مع ذلك، يواصل أبو مازن التهديد. تهديده بالاستقالة من منصبه وبحلّ السلطة الفلسطينية، وأيضاً التعهد بإجراء انتخابات ستؤدي بالتأكيد في هذه الظروف إلى خسارته السلطة، وهذان في الحقيقة وجهان لنفس العملة. إنهما تعبير عن ضائقة وأيضاً عن فقدان للتوجّه والدرب، والغرض منها محاولة للخروج من النفق المسدود الذي يجد أبو مازن كشخص نفسه فيه، ومعه منظمة التحرير الفلسطينية التي يترأسها، والسلطة الفلسطينية، وسيكون هناك من سيقول الحركة الوطنية الفلسطينية أيضاً.
كلام أبو مازن ليس موجهاً إلى شعبه الذي لم يعد منذ وقت طويل يثق به وبالسلطة التي يتزعمها. لذلك هو يوجه كلامه إلى المجتمع الدولي على أمل بأن يقف إلى جانبه ويفرض على إسرائيل قبول مطالبه. لكن هذا لم يحدث في الماضي ولن يجري في المستقبل. لقد سئم العالم من النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، لذلك ما حدث في الماضي هو ما سيحدث حتى خطاب "الاستقالة" أو "الانتخابات" المقبلة لأبو مازن.