صفقة القرن الروسية في سورية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • بينما يُعتبر الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في حالة إدارة نزاع مستمر، ومستقبل "صفقة القرن" ليس واضحاً، تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة، وإذا أثمرت تسوية على الأرض فإنها ستحظى بالتأكيد بلقب "صفقة القرن". يجري ذلك على خلفية انسحاب القوات الأميركية من شمال سورية، والعملية العسكرية التركية ضد الأكراد.
  • المقصود قبل كل شيء الإعلان الكردي الدراماتيكي عن تغيير نسق التحالفات والتفاهمات بين القوات الكردية ونظام الأسد بشأن التعاون، ودخول الجيش السوري مجدداً إلى المناطق الكردية في شمال سورية. وقد أعلن قائد القوات الكردية الديمقراطية أن الأكراد يعلمون جيداً بأن عليهم أن يتصالحوا مع روسيا والأسد، وإذا كان الخيار بين تسوية مؤلمة وبين قتل الشعب الكردي، فإن الخيار سيكون للحياة.
  • قبل يوم من هذا الإعلان، وبعد تقدّم الأتراك، كرر الرئيس الروسي الإعلان أن وحدة الأراضي السورية أمر جوهري، وأنها يجب أن تكون خالية من الوجود العسكري لدول أُخرى. في الكرملين يدركون الحاجة إلى احتواء الطموحات التركية، لكن ثمة شك في أن توافق روسيا على أن تتخطى العملية التركية حدود المنطقة الأمنية في سورية. في حديثه مع أردوغان أوضح بوتين أنه يأمل بأن يكون الهجوم محدوداً في المدة والحجم.
  • مع ذلك، المصلحة التركية في شمال سورية تتخطى كثيراً المنطقة الأمنية. وقد حذر وزير الدفاع الأميركي مارك أسبر من أن الأتراك ينوون التقدم نحو جنوب سورية وغربها. مثل هذه الخطوة تخرب الجهد الروسي لترسيخ سيطرة الأسد على كل أرجاء الدولة. على نحو نادر نشأ تضافر تاريخي لمصالح مشتركة غربية - روسية للحد من الهجوم التركي. بريطانيا وألمانيا وفرنسا سبق أن طلبت من تركيا وقف هجومها، واشنطن فرضت عقوبات. على الرغم من ذلك يمكن الافتراض أن ما سيدفع أردوغان إلى التفكير مرتين في مواصلة عمليته سيكون في الأساس المساعدة الروسية لنظام الأسد، والانعكاسات المحتملة لعملية تتعارض مع المصلحة الروسية.
  • الدعم الروسي ليس كلامياً فقط. الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الأكراد ونظام الأسد تم صوغه بواسطة تدخّل روسي فاعل، وفي الخلفية استعداد موسكو لدعم الأسد بقوات روسية. لذلك، إذا واصلت تركيا عمليتها العسكرية وتخطت الخط المتفق عليه، هناك احتمال كبير أن تشتبك قواتها مع القوات الروسية التي تساعد السوريين.
  • لكن روسيا ليست معنية بتاتاً في الوقت الحالي بالدخول في مواجهة جبهوية مع تركيا، وإذا كانت ترغب في استقرار سيطرة الأسد على كل الأراضي، فإنها ستفضل أن تقلص بقدر الإمكان الاشتباك بين القوات السورية والتركية. لذلك بالإضافة إلى الاتفاق الكردي - السوري، يلوح احتمال كان يبدو في الماضي لا أساس له، وهو أن تنجح روسيا في التوصل إلى تفاهمات بين تركيا ودمشق.
  • في نهاية الأمر، التوصل إلى تسوية تشمل انتشار قوات الأسد في معظم أرجاء الأراضي السورية بعد الاتفاق مع الأكراد، واستعداد تركي لقبول تفاهمات ترسم خطاً للسيطرة متفقاً عليه، كل ذلك سيساعد في ترسيخ صورة روسيا كوسيطة في النزاعات الدولية. في حال التوصل إلى مثل هذه التسوية، من المتوقع أن تطالب روسيا بالاعتراف بها بأنها نجحت في خلق "صفقة القرن".
  • لإسرائيل مصلحة واضحة واحدة: التأكد من أن هذه الصفقة لا تمهد الطريق لإيران لاستخدام شمال سورية كجسر استراتيجي إلى البحر الأبيض المتوسط. تتوافق هذه المصلحة مع المصلحة الروسية، لأن أهداف روسيا بشأن ما يتعلق بمستقبل سورية في المدى البعيد تختلف اختلافاً كبيراً عن أهداف إيران.