على الرغم من كل التوتر مع إيران الحرب ليست على الأبواب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من المغري جمع كل النقاط معاً ضمن خط واحد مباشر وأكيد: رئيس الحكومة يدعو إلى حكومة وحدة وطنية ويلمّح إلى تصعيد متوقع مع إيران؛ رئيس الدولة يتحدث عن "حاجة اقتصادية - أمنية لم نعرف مثلها منذ سنوات عديدة"؛ إيران تدّعي أنها أحبطت محاولة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني؛ وفي الخلفية تزداد التقديرات بشأن حرب مقبلة، بينما يوم الغفران على الأبواب.
  • ومع ذلك، ثمة شك في أن الأمور مرتبطة ببعضها البعض بهذه البساطة والوضوح. بالفعل هناك توتر متصاعد بين إسرائيل وإيران، لكنه قائم منذ زمن طويل ولا علاقة له بالضرورة بمحاولة الاغتيال التي ليس من الواضح إذا كانت قد حدثت ومن يقف وراءها. إلى جانب ذلك تتواصل محاولات ريفلين إقناع الليكود وأزرق أبيض بالموافقة على صيغة حكومة وحدة وطنية. ريفلين استعان لهذه الغاية بحجة أمنية، لكنه لم يتطرق إلى تطور عسكري مباشر، بل يركز على مشكلات في ميزانية الجيش الإسرائيلي لها علاقة بصعوبة تحقيق الخطة المتعددة السنوات. الوضع في الشرق الأوسط معقد بصورة خاصة، ويمكن القول إنه يزداد تعقيداً، لكن بحسب ما هو معروف، لا توجد في الأفق ملامح خطر نشوب حرب مباشرة، تقلب كل الحسابات السياسية.
  • إعلان الحرس الثوري الإيراني اليوم هو استثنائي في طبيعته. هو ليس تسريباً مجهول المصدر بل بيان رسمي صادر عن رئيس جهاز الاستخبارات للحرس الثوري، يدّعي أن إيران اكتشفت مؤامرة إسرائيلية - عربية لاغتيال الجنرال سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري. وتضمن البيان تفصيلات كثيرة  زعمت أن الإيرانيين نجحوا في اعتقال خلية الاغتيال التي سعت لطمر نحو 500 كيلوغرام من المواد الناسفة تحت مسجد جرى تشييده إحياء لذكرى والد سليماني، وكانت معدة للتفجير في أثناء احتفال ديني.
  • الخطة في خطوطها العامة تُذكّر بمحاولة الاغتيال الإسرائيلية للرئيس العراقي صدام حسين التي تعرقلت في أعقاب حادثة التدريبات التي وقعت في سنة 1992، المعروفة بـ" كارثة تساليم ب" [حادثة وقعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 في قاعدة تساليم في النقب قُتل فيها خمسة جنود من فرقة سييريت متكال في أثناء تدربهم على محاولة لاغتيال الرئيس العراقي صدام حسين]. من الصعب تقدير مدى موثوقية المزاعم. هناك كثير من الأطراف التي ترغب في موت سليماني، بينهم السعوديون أيضاً. بحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام أجنبية نجا سليماني من الموت مرتين - في حرب لبنان الثانية في سنة 2006، وفي عملية منسوبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة قُتل فيها رئيس أركان حزب الله عماد مغنية في دمشق في سنة 2008.
  • البيان الحالي، ومثله المقابلة الاستثنائية والمفصلة مع الجنرال التي بُثت هذا الأسبوع في موقع للإنترنت متضامن مع زعيم إيران، يبدوان كجزء من محاولة لمواصلة بناء أسطورة حول صورة سليماني. في الخلفية هناك حسابات يريد الإيرانيون تصفيتها: فقد نُسبت إلى إسرائيل عشرات الهجمات ضد أهداف إيرانية في سورية، ومؤخراً في العراق أيضاً، وفي لبنان في حالة واحدة. حتى الآن المحاولات الإيرانية للانتقام أُحبطت.
  • في هذه الأثناء، في مقابل ذلك، أحرزت إيران نجاحاً مقنعاً في هجومها على منشآت النفط السعودية في منتصف أيلول/سبتمبر، وهو إنجاز لم تدفع أي ثمن في مقابله. على العكس، منذ وقوع الهجوم تزيد الإدارة الأميركية محاولات مغازلتها بهدف التوصل إلى مفاوضات مباشرة بين الدولتين، وتحاول فرنسا التوسط بين الطرفين، وتحاذر السعودية القيام بأي عملية انتقام عسكرية. النجاح العملياتي يمكن أن يغري إيران للقيام بعملية مشابهة ضد إسرائيل، ربما من أراضي العراق، كما حذر هذا الأسبوع رئيس شعبة التخطيط في الاستخبارات العسكرية العميد درور شالوم في مقابلة مع "يسرائيل هَيوم". فقد ذكر شالوم إمكان استخدام إيران صواريخ مثل تلك التي استُخدمت في الهجوم على السعودية، والاستعداد لمواجهتها يتطلب ميزانيات كبيرة.
  • كل ذلك، يتطلب يقظة خاصة في إسرائيل، عندما يكون في الخلفية تطورات محتملة للمسألة النووية. في خطاب رئيس الحكومة في الكنيست اليوم كان يمكن أن نشعر بين السطور بخيبة أمله من الخطوات التي قام بها دونالد ترامب في الأشهر الأخيرة وشكلت منعطفاً دراماتيكياً في علاقته بالإيرانيين.
  • الشرق الأوسط لا يزال بعيداً جداً عن أن يصبح منطقة مستقرة. روبرت مالي، من موظفي الإدارة الأميركية السابقين أيام بيل كلينتون وباراك أوباما واليوم رئيس منظمة تحمل اسم "المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات"، ادعى هذا الأسبوع في مقال له في مجلة "فورين أفيرز" أن الظروف لنشوب حرب إقليمية ناضجة الآن أكثر من أي وقت مضى في السنوات الأخيرة. وهذا كلام قاس، لكنه لا يُترجم إلى خطر حرب فورية تشمل إسرائيل.
  • في خلفية هذا كله تجري اتصالات لتأليف حكومة وحدة. عندما يتحدث ريفلين عن تحد اقتصادي - أمني فهو يقصد القلق المتصاعد لدى كبار مسؤولي الجيش. لا يكفي أن الخطة المتعددة السنوات لرئيس الأركان أفيف كوخافي تفتقر إلى مصادر تمويل - أيضاً تمويل السنة الأخيرة من خطة "جدعون" المتعددة السنوات التي بلورها رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت، تفتقر أيضاً إلى مصادر تمويل. الفجوات تقدر بعشرة وحتى 15 مليار شيكل للسنة القادمة. وفي أي سيناريو حكومة ضيقة (لا يبدو حالياً ممكناً) طلبات الأحزاب الصغيرة ستجعل سد هذه الفجوات أمراً مستحيلاً. لذلك يلوح نتنياهو في خطابه أنه إذا قامت حكومة وحدة سيكون هناك حاجة إلى زيادة الضرائب.
  • هل هذا الكلام لنتنياهو وريفلين، مع خلفية ازدياد التوتر مع إيران، سيكون كافياً لإقناع أزرق أبيض بقبول نتنياهو شريكاً؟ لو كان هذا متعلقاً ببِني غانتس وحده، ربما كان هذا سيتحقق. لغة الجسد لرئيس الأركان السابق توحي بعدم حماسة واضحة لإمكان أن يُعيّن رئيساً للحكومة. لكن شركاءه في قيادة الحزب يتحفظون بشدة على ذلك في هذه الأثناء. ويبدو أنه حتى الضائقة الاقتصادية التي يوحي بها رئيس الأركان بمساعدة رئيس الدولة، لا تدفعهم إلى تغيير موقفهم.
 

المزيد ضمن العدد 3178