نتائج الانتخابات أثبتت من دون أي شك أن الوسط انتصر والأيديولوجيا ماتت
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أثبتت نتائج أمس (الثلاثاء) بصورة لا ترقى إلى الشك أن إسرائيل هي عبارة عن وسط واحد كبير، مع خلافات في الرأي أقل كثيراً مما تبدو عليه. كلنا شعب واحد. لسنا شعباً مستقطباً، ولا منقسماً، ولا مشرذماً، كما يقولون هنا صباحاً ومساء، بل هناك وحدة آراء واسعة وعميقة أكبر بكثير مما يوصف. وهذه ليست أخبار جيدة على الإطلاق.
- وراء الوحدة في الآراء يختبىء التجانس، والفراغ الفكري، وعدم الجرأة على اتخاذ مواقف واضحة، فما بالك بالدفاع عنها. لا حرب أهلية على الأبواب، بل نشيد كلنا شعب واحد، نشيد الجوقة الوطنية التي تغنّي ترنيمة نوم لكل تغيير، وقداس موت لكل فكرة جديدة. اليمين المتطرف دُحر تماماً، واليسار اليهودي الراديكالي لم يكن موجوداً هنا منذ البداية - ونحن بقينا مع إجماع وطني واحد كبير وجارف فيما يتعلق بأغلبية الأمور.
- في الأمس انتصر الوسط مرة أُخرى، ربما أكثر من أي وقت مضى. الأيديولوجيا ماتت. الفوارق بين الكتلتين طفيفة، ومن الصعب تمييزها بالعين المجردة. "يمينا" مجدداً تلقت ضربة، و"قوة يهودية" مفلسة تماماً، كما تستحق. اليسار الصهيوني أفلت بجلده، بعد أن نسج تحالفاته جيداً: ميرتس توحد مع باراك وستيف شافير، وحزب العمل مع أورالي أبكسيس. والكل توجه نحو الوسط.
- قد يعتقد المرء أن هناك فجوة فكرية تفصل بين بنيامين نتنياهو وبني غانتس. في الأيام الأخيرة ظهرت فرصتان ذهبيتان لإثبات عدم صحة ذلك: نتنياهو اقترح ضم غور الأردن، وغانتس قال إن نتيناهو لن يحقق وعده، بينما هو، أي غانتس، مع البقاء في غور الأردن إلى أبد الآبدين. ما هو الفارق؟ لا يوجد فارق. غانتس الذي يريد حكومة "علمانية"، ذهب ووضع ورقة في حائط المبكى تماماً مثل نتنياهو. هكذا هي العلمانية اليهودية.
- لقد أظهرت النتائج في الأمس أن الإسرائيليين لا يريدون شيئاً مغايراً، لا يريدون يميناً متطرفاً، وبالطبع، لا يساراً متطرفاً، فقط وسط، وسط، وسط. جزء يسمي وسطه "ليكود"، وجزء آخر يسميه "أزرق أبيض"، ابحثوا عن الفوارق. وحدها شخصية نتنياهو تفصل بين المعسكرين، فقط هي وحدها، وهذا طبعاً لا يشكل فارقاً فكرياً حقيقياً. في الأمس ثبت أيضاً أن ليس هناك أنصار للعنصرية الصريحة، الإسرائيليون يريدونها، لكن بجرعات صغيرة، من دون أن يشعروا بها، من تحت الطاولة، وليس علناً. بعد يوم أمس لا يمكن القول إن إسرائيل تتجه نحو اليمين. هي لم تتجه يميناً، وبالتأكيد لم تتجه نحو اليسار، لقد ذهبت إلى النوم.
- مثل هذا المجتمع يستحق بالطبع حكومة وحدة، الوصفة الدقيقة لمزيد من سنوات النوم. عندما لا يكون هناك راديكالية ولا تجديد من الطرفين، لا يوجد نقاش - وعندما لا يوجد نقاش، تستمر الأمور بالطريقة عينها؛ الطريقة التي جعلت إسرائيل مجتمعاً قمعياً كما هي عليه، مجتمعاً يعيش حالة إنكار، ويدير وجهه عن مشكلاته الحقيقية، ويهرب نحو الهامشي والثانوي. لقد أثبتت الانتخابات مجدداً أن الذين يقترحون تغييراً لا فرص لهم في إسرائيل. باستثناء نتنياهو، نعم أو لا، الإسرائيليون لا يريدون أي تغيير. الأفضل بالنسبة إليهم هو ما لديهم، وفي الأساس ما يهربون منه كما يفرون من النار. فقط اعطوهم إجازاتهم ومراكز تسوقهم.
ليس مهماً أي حكومة ستؤلف بعد هذه الانتخابات. لن يظهر أي تغيير حقيقي من أي حكومة محتملة. لذلك تحظى فكرة حكومة وطنية بتأييد كبير في إسرائيل. بعد يوم أمس حكومة وحدة قريبة جداً من أن تتحقق.