لا يمكن أن تكون إسرائيل وراء قضية التجسس في الولايات المتحدة وإذا كان الأمر صحيحاً فهذا زلزال
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • الاستخبارات الإسرائيلية – أي في هذه الحالة الموساد - لا تتجسس على أراضي الولايات المتحدة ولا على أهداف أميركية في الخارج. لا يمكن أن يكون ما نشرته "بوليتيكا" صحيحاً. لكن إذا كان هناك قدر ولو ضئيل من الصدقية بشأن العثور على أجهزة تنصت بالقرب من البيت الأبيض، كما تدعي مصادر مجهولة، ربما عناصر سابقة من مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، فإن ما جرى يُعدُّ زلزالاً لا مثيل له في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، وحتى أكثر خطورة من قضية جوناثان بولارد [الجاسوس الإسرائيلي الذي اعتقلته الولايات المتحدة سنة 1987 وحكم عليه بالسجن المؤبد] والتي تسببت حينها بزعزعة كبيرة في العلاقات، وخصوصاً في العلاقات الاستخباراتية بين الدولتين.
  • إذا كانت إسرائيل وضعت فعلاً أجهزة تنصت بالقرب من البيت الأبيض، فإن رئيس الموساد ورئيس الحكومة الذي صادق على هذه العملية سيضطران إلى تحمل المسؤولية - لكن كما قلنا فإن إمكان حدوث ذلك يوازي الصفر. حتى حدوث قضية بولارد، كانت إسرائيل تتجسس من وقت إلى آخر على الولايات المتحدة، وعملت على أراضيها في الأساس في مجالين: الأول، مجال التجسس التكنولوجي والحصول على عتاد ومواد للجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى الصناعة الأمنية ومشروعها النووي؛ والثاني، ضد أهداف عربية زارت الولايات المتحدة - في الأساس في محاولة لتجنيدها. لكن قضية بولارد شكلت حدّاً فاصلاً في هذا الموضوع. فليس صدفة أن بولارد عمل في وحدة استخبارات صغيرة وسرية غير معروفة لدى الجمهور الواسع اسمها "لجنة العلاقات العلمية" التي كان رئيسها آنذاك رافي إيتان، وليس الموساد الذي هو المسؤول عن تجنيد عملاء من خارج حدود الدولة.
  • تكليف بولارد بمهمة التجسس وُضع على عاتق لجنة العلاقات العلمية، لأن الموساد رفض القيام بذلك. فقد كان هناك اتفاق بين الموساد ووكالة المخابرات المركزية (CIA) منذ الخمسينيات، وعرفت كافة الأجهزة الاستخباراتية جيداً أن العمل في الولايات المتحدة ممنوع، وأي عملية من هذا القبيل ضررها أكثر من نفعها. منذ قضية بولارد، هناك تعليمات قاطعة لجميع الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل بعدم العمل داخل أراضي الولايات المتحدة، أو التجسس على أهداف أميركية في العالم.
  • التقرير الذي نشرته "بوليتيكا" مثير للدهشة، لكنه ليس مفاجئاً، وخصوصاً فيما يتعلق بمصادر المعلومات الواردة فيه. إذا كان صحيحاً أن المقصود هو الـ "إف بي آي" فهذا يعني أنه بعد مرور عشرات الأعوام على قضية بولارد، إسرائيل مشبوهة بمواصلة العمل على أراضي الولايات المتحدة. وبالتالي شكوك الـ "إف بي آي" مبررة لأنها هي الجهة المسؤولة عن إحباط عمليات التجسس في الولايات المتحدة.
  • يجب أن نأخذ في الحسبان احتمالاً آخر، وهو أن تكون الأجهزة التي عُثر عليها صناعة إسرائيلية. بعيداً عن القضية الراهنة، تعتبر شركات إسرائيلية (مثل شركة NSO) بين الشركات الأكثر تقدماً في الحرب السيبرانية، إذ تحدث أكثر من مصدر عن أن هذه الشركات تبيع بموافقة وزارة الدفاع أجهزة إلى حكومات ومنظمات في شتى أنحاء العالم. واشنطن هي هدف مهم للتجسس بالنسبة إلى عدد غير قليل من الدول، بينها العدوة والمعادية والمنافسة أو حتى الصديقة للولايات المتحدة. وعلى الرغم من توجيه أصابع الاتهام تلقائياً نحو إسرائيل، فإن هناك دولاً كثيرة يمكن أن تكون مسؤولة عن مثل هذه العملية.