نقطة حساسة في العلاقات الألمانية – الإسرائيلية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • القرار الجريء الذي اتخذه قبل أسابيع مجلس النواب الألماني الذي يصنف حركة الـBDS كحركة معادية للسامية، كشف بصورة متناقضة النفاق الذي يميز نظرة أطراف غير قليلة في ألمانيا إلى إسرائيل واليهود.
  • صحيح أن قرار مجلس النواب الألماني بحد ذاته يدل على اتجاه معاكس: فقد خلق المجلس سابقة تاريخية من خلال اعتبار الـBDS  معادية للسامية ودعوته المؤسسات العامة إلى الامتناع من تمويلها أو التعاون معها. على ما يبدو، هو تعبير عن الالتزام بمحاربة العداء للسامية. لكن الذي حدث مباشرة بعد القرار يكشف عن واقع مقلق: شبكة ضغوط إعلامية- عامة- وسياسية منظمة جيداً تهدف إلى إظهار القرار بأنه يمس بحرية التعبير، والضغط على أعضاء البرلمان للعودة عنه، أو على الأقل غض النظر عن تطبيقه.
  • عدد كبير من أفراد النخبة الألمانية - الأكاديمية والثقافية - يشارك في محاربة القرار، لكن الأصوات البارزة أكثر هي تحديداً يهودية وإسرائيلية: أكاديميون وفنانون وحتى دبلوماسيون سابقون. هذا ليس أسلوباً جديداً، لكن النتيجة واضحة: إذا كان إسرائيليون ويهود يدّعون بأنفسهم أن الـBDS هي في نهاية الأمر "انتقاد مشروع لسياسة الاحتلال الإسرائيلية" لماذا على الألمان من دون كل الشعوب الأُخرى، اعتبارها حركة معادية للسامية؟
  • كيف يجري وصف اليهود من مؤيدي إسرائيل؟ المجلة الأسبوعية "دير شبيغل" في الأسابيع الأخيرة تعلمنا درساً مذهلاً في ملاحقة تفوح منها رائحة العداء للسامية: إنها تصفهم كعناصر ظلامية تملي بطرق مشكوك فيها على مندوبي الشعب الألماني تبني سياسة مؤيدة لإسرائيل، هم أنفسهم لا يرغبون فيها. والأخطر من ذلك: هم يلزمون ممثلي الشعب بتعيين مفوض حكومي لمحاربة العداء للسامية من دون حاجة إلى ذلك، فمن الواضح لجميع الذين في ألمانيا أنه لا وجود عداء للسامية. هكذا، مثلاً، المسؤول عن الممثلية الألمانية في السلطة الفلسطينية يسمح لنفسه بالتعبير في الفايسبوك عن إعجابه بتعليقات معينة، والمسؤول عن دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الألمانية يقارن بين يسوع المسيح وبين اللاجئين الفلسطينيين الذين مستقبلهم مهدد بسبب التقليصات في ميزانية الأونروا، وسفيرة ألمانية تدعم تنظيماً لا يعترف بيهودية إسرائيل، وسفير ألمانيا في الأمم المتحدة يقارن بين كوريا الشمالية وإسرائيل. لم لا؟ هذا ليس عداء للسامية، أنه ببساطة "انتقاد لسياسة الحكومة الإسرائيلية".
  • قبل أسبوع قال أحد رؤساء الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا، الأسقف هانز يورغن أبرومايت، إن ألمانيا تتماهى أكثر من اللزوم مع إسرائيل بسبب المحرقة النازية. يكرر الأسقف نظرية متجذرة ترى في العلاقة مع إسرائيل واليهود عبئاً يجب التخلص منه، وأنها تذكير دائم بجرائم الحرب، لا يسمح بمحو هذه الفصول التاريخية "الإشكالية" من التاريخ الألماني من الذاكرة ومن الضمير. بحسب قوله، المزج بين الشعور بالذنب ومشاعر دينية ومواقف سياسية، يجري على حساب الفلسطينيين، لذا على ألمانيا التوقف عن تأييد إسرائيل بصورة أحادية الجانب.

لكن عملياٌ ألمانيا لا تقف بصورة أحادية ومن دون تحفظ إلى جانب إسرائيل. على العكس، في مؤسسات الأمم المتحدة، وفي تمويل منظمات المقاطعة ونزع الشرعية عن إسرائيل، وفي تقديم الرعاية لإنتاج ثقافي معادٍ لإسرائيل، تقوم ألمانيا بعدد غير قليل من النشاطات التي تتعارض مع المصلحة الإسرائيلية. لقد سكتت إسرائيل وقتاً طويلاً عن هذه الظاهرة، لكن الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها واجهت ألمانيا بذلك، فقد نقل نتنياهو خلال اجتماعه الأخير بميركل في تشرين الأول/أكتوبر في القدس قائمة تفصيلية بالمساعدة الألمانية التي تُقدّم إلى تنظيمات ونشاطات معادية لإسرائيل. لا يعني ذلك أن على إسرائيل التخلي عن علاقاتها الجيدة مع ألمانيا، لكن هذه العلاقات يجب أن تكون خالية من المواقف المتناقضة.