هذا الصيف قد يكون حاراً جداً: الضغوط على إيران تتصاعد وإسرائيل تستعد
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • منذ بداية السنة الحالية أشارت تقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن هذا الصيف قد يكون حاراً، بل حاراً جداً. وكان من الواضح أن الضغط الاقتصادي الأميركي على إيران سيبلغ ذروته في حزيران/يونيو - تموز/يوليو، وأن هذا الضغط قد يدفع باقتصاد الجمهورية الإسلامية إلى وضع صعب للغاية تخرج من جرائه وعلى خلفيته جماهير واسعة من الشعب الإيراني إلى الشوارع فتهدد وجود نظام الملالي.
  • كان من الواضح أن القيادة في طهران وقوات الحرس الثوري لن تجلسا مكتوفتي الأيدي حيال هذا، بل ستستخدم أي قناة يمكن أن تكون متاحة للالتفاف على العقوبات وتمييعها، وستستخدم أي رافعة يمكنها بواسطتها ممارسة الضغط على الولايات المتحدة لإلغاء العقوبات.
  • لم يدرك الإسرائيليون أن إحدى هذه الرافعات التي يفحص الإيرانيون إمكان استخدامها للضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب هي الصدام الفاعل، لكن المحدود المدى، مع إسرائيل، من خلال مبعوثي إيران وبواسطتهم: حزب الله في لبنان، الميليشيات الشيعية ومقاتلي الحرس الثوري في سورية وفي العراق، بالإضافة إلى الجهاد الإسلامي الفلسطيني و"حماس" في قطاع غزة. ولا تتوفر، حتى اللحظة، معلومات تفيد بأن هذا سيحصل وشيكاً، لكن إسرائيل مستعدة لذلك.
  • لن يجد الإيرانيون مشكلة في تنفيذ التهديد، إذ حتى لو تطور إلى حرب شاملة، تبقى أغلبية الاحتمالات أنه لن يورط إيران في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أو مع إسرائيل. ستدور هذه المواجهة بعيداً عن الأراضي الإيرانية وستكون خسائرها في الأرواح، من الجنود والمواطنين، في الحد الأدنى.
  • في المقابل، ستتكبد إسرائيل خسائر كثيرة في الأرواح وأضراراً مادية جسيمة، نتيجة وابل الصواريخ والقذائف الكثيفة والمدمرة التي ستُطلق من لبنان، وسورية وقطاع غزة على المناطق الداخلية في إسرائيل. كما ستُشن، في موازاة ذلك أيضاً، هجمات برية على البلدات الإسرائيلية الحدودية، برعاية "زبائن" إيران. وإذا ما ردت إسرائيل على ذلك بشن حرب دفاعية ـ وهذه لن تكون مصيبة ـ فسيدفع الثمن مبعوثو إيران، في لبنان وسورية وقطاع غزة.
  • منذ صعوده إلى سدة الحكم سنة 1979، أثبت نظام الملالي في طهران أن رجاله فنانون في الدمج بين رافعات الضغط العسكرية والسياسية، المباشرة وغير المباشرة، على نحو يخدم أهداف إيران الاستراتيجية. طبقاً لهذا النهج، قرر الإيرانيون مؤخراً أن دول الاتحاد الأوروبي هي الحلقة الأضعف في المعسكر الغربي، ولذا فهي تشكل الرافعة الأساسية التي ستقوم إيران بتشغيلها من أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في رفع العقوبات الأميركية عنها، من دون التنازل عن البنود المهمة بالنسبة إليها في الاتفاق النووي مع الدول العظمى، ومن دون التوقف عن تطوير صواريخ بعيدة المدى.

"خوارزمية" تحقيق الهدف

  • ثمة خلاف في إيران بين "الصقور" (الحرس الثوري ورجال الدين المحافظون المدعومون من المرشد الأعلى، علي خامنئي) وبين المعتدلين (الرئيس حسن روحاني، وزير الخارجية محمد ظريف وآخرون) بشأن السؤال: ما هو الدمج الصحيح بين الوسائل العنيفة والدبلوماسية العامة والسرية من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي. وتتألف "خوارزمية" تحقيق الهدف التي اختارها المرشد الأعلى في نهاية المطاف من المراحل التالية [الخوارزميةهي مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما. وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى العالم محمد بن موسى الخوارزمي الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي]:  
  • في المرحلة الأولى، حددت إيران مهلة أخيرة للأوروبيين لتعويضها عن الأضرار الاقتصادية التي تسببها لها العقوبات التي فرضها عليها ترامب. حاول الاتحاد الأوروبي الاستجابة إلى الطلب، لكنه فشل فشلاً ذريعاً، لأن الشركات الأوروبية خضعت للضغوط الأميركية وأوقفت المعاملات التجارية مع إيران. لذا انتقل الإيرانيون إلى المرحلة التالية.
  • في المرحلة الثانية التي بدأت قبل ثلاثة أسابيع، نفذت عناصر مرتبطة بإيران، وضمنها القوة البحرية التابعة للحرس الثوري والمتمردون الحوثيون في اليمن، عمليات تفجيرية استهدفت ناقلات النفط التي كانت تنقل النفط من السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى أوروبا وآسيا. وفجّر الحوثيون، عبر طائرات من دون طيار، منشآت نفطية سعودية. كان الهدف زعزعة الاستقرار الأمني في منطقة الخليج وتهديد عمليات تصدير النفط من دول الخليج العربية.
  • هكذا يشكل الإيرانيون تهديداً للسعودية، حليفة الولايات المتحدة التي تحتاج إلى النفط الآن أكثر من أي وقت مضى، فيما هم يسببون، من جهة أُخرى، ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، الأمر الذي يؤدي إلى ضخ أموال إلى الخزينة الحكومية التي تفرغ بسرعة في طهران.
  • في المقابل، تهدد إيران بالتوقف عن الوفاء بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي. لا يدور الحديث هنا حول خروقات جدية، أو حول تحقيق اختراق مباشر نحو السلاح النووي، وهو ما قد يثير غضب الأوروبيين والروس عليها، وإنما يدور حول انحرافات بسيطة لا يمكن اعتبارها خرقاً جوهرياً، لكن فيها ما يكفي لجعل الأوروبيين يتخوفون من مغبة اضطرارهم، هم أيضاً، إلى فرض عقوبات ضد طهران خلال الوقت القريب، وهو ما سيعود بالضرر غير المباشر على اقتصادياتها هي أيضاً، وربما تدفع الولايات المتحدة، وإسرائيل والسعودية أيضاً إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد المشروع النووي الإيراني.
  • في المرحلة الثالثة من هذه الخوارزمية، يأتي دورنا نحن. التصعيد المحسوب الذي تفحص إيران إمكان إشعاله بواسطة مبعوثيها من شمال إسرائيل ومن جنوبها الغربي، يهدف في نهاية الطريق إلى دب الخوف بين الأوروبيين خصوصاً، وفي الحلبة الدولية عموماً، من مغبة اندلاع حرب شاملة وشيكة في الشرق الأوسط. الأوروبيون وعمالقة الصناعة الآسيويون مقتنعون بأن حرباً شاملة في الشرق الأوسط ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز في السوق العالمية بصورة جنونية، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى حصول انهيار اقتصادي عالمي يعود بالضرر على الاقتصاد الأوروبي وعلى الدول الأُخرى الحليفة للولايات المتحدة وشريكاتها التجارية الأساسية، ثم على اقتصاد الولايات المتحدة نفسها أيضاً.

ترامب لا يريد جنوداً أميركيين في توابيت

  • الأوروبيون، غير الراضين أصلاً عن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران الذي وقّعوه هم أيضاً، سوف يلجؤون إلى هذه الحجة، تحديداً بهدف ممارسة الضغط على الرئيس الأميركي للتخفيف من وطأة الحصار والعقوبات الاقتصادية على إيران. وقد يستجيب ترامب إليهم، لأنه هو أيضاً - كما يعلن جهراً - لا يريد حرباً مع إيران بل في الشرق الأوسط كله، لا تكون الولايات المتحدة شريكة فيها بصورة مباشرة.
  • في الإمكان تفهمه. إنه يريد دفع الإيرانيين إلى طاولة مفاوضات يجري من خلالها تعديل الاتفاق النووي وتصحيحه، ولا يريد إعادة جنود أميركيين أٌرسلوا لحماية ناقلات نفط سعودية في مضيق هرمز إلى البيت في توابيت. إن صور الجنود الأميركيين المصابين خلال تأدية مهماتهم في الخليج الفارسي لن تفيد ترامب، بأقل تعبير، في معركته الانتخابية لفترة رئاسية ثانية.
  • إذاً، ثمة مصلحة حقيقية في الوقت الراهن لإيران في المبادرة إلى احتكاك حربي مع إسرائيل يُشعر الأوروبيين بالضغط، فيتحركون لممارسة الضغط على الرئيس ترامب من أجل تخفيف العقوبات على طهران التي ستبدي نوعاً من الرضى وتعود إلى مائدة المفاوضات وهي تمسك في يدها، مسبقاً، تعهداً بعدم مطالبتها التنازل عن مطالبها بشأن تخصيب اليورانيوم بكميات كبيرة وتطوير صواريخ بالستية.
  • إن الاستنتاج المتوجب من هذا التحليل هو أن على إسرائيل أن تكون مستعدة لمواجهات على نطاق واسع هذا الصيف، في الشمال وفي الجنوب، سواء أكانت نتيجة مبادرة إيرانية أو تطورات نتيجة حدث ما، أو سلسلة أحداث، في المنطقة لم يكن أحد يتوقعها أو قادراً على التنبؤ بها مسبقاً.
  • لهذا، وفور تسلُّم مهمات منصبه، حدّد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، أنه حتى نهاية حزيران/يونيو، بداية تموز/يوليو، كحدّ أقصى، يتعين على الجيش أن يكون على أتم الاستعداد للحرب على جبهتين ونصف الجبهة وعلى أربع جبهات: لبنان وسورية في الجبهة الشمالية، قطاع غزة في الجبهة الجنوبية ويهودا والسامرة [الضفة الغربية] كجبهة قتال ثانوية إن حدث فيها تصعيد سيكون على الجيش كبحه بمساعدة جهاز الأمن العام ["الشاباك"] وبعدد قوات مصغر يستند إلى جنود الاحتياط بصورة أساسية.
  • خلال التدريبات المتعددة الأذرع التي أُجريت هذا الأسبوع، اختبر الجيش الإسرائيلي الرد العسكري المحدَّث، الاستراتيجي والتكتيكي، كما أعدته هيئة الأركان، لمواجهة احتمال لجوء الإيرانيين ومبعوثيهم إلى تنفيذ ما يخططون له ضدنا ـ عمليات عنيفة في الشمال وفي الجنوب. كان هذا تدريباً تلخيصياً واختباراً عملياً لمدى الكفاءة العملانية ومدى جهوزية الجيش لخوض حرب على الجبهات الشمالية.
  • وكان الجيش قد تدرب على مفهوم التشغيل والكفاءة العملانية على الجبهة الغزّية في بداية فصل الربيع مؤخراً واختبره. وقد وجهت إسرائيل، بواسطة هذا التدريب، رسالة رادعة إلى الإيرانيين.
  • "لا تجرّبونا"، قال رئيس الحكومة ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو، بعد أن سمع تلخيص التمرين، وبينما كان رئيس هيئة الأركان، كوخافي، يقف إلى جانبه. لم تكن هذه - بحسب تقديري - مناورة انتخابية وفي الإمكان الافتراض، بالتأكيد، أن ثمة تغطية عملية للشيك البلاغي هذه المرة.
  • وثمة شيء آخر إضافي: في هذا التمرين، وهو الأكبر الذي يجريه الجيش الإسرائيلي منذ إنشائه، والذي استمرت التحضيرات له سنة كاملة، أثبتت القيادة العليا للجيش، بقيادة رئيس هيئة الأركان كوخافي، أنها تعرف كيف تضع، بسرعة وخلال فترة قصيرة، عقيدة عملانية محدَّثة، وكيف تنشرها بين قادة الوحدات، وكيف تضع لنفسها هدفاً يمكن قياسه لمدى الجهوزية، ثم كيف تلتزم بالجدول الزمني لتحقيقه. إنها ظاهرة إيجابية تستحق الإشادة.
  • الأمر الأكثر أهمية هو: المناورة البرية السريعة والفتاكة، بإسناد جميع القوات النارية وفي مقدمها سلاح الجو، تشكل صلب عقيدة العمل في الجيش الإسرائيلي، وقد تم اختبارها هذا الأسبوع - من مستوى السرِية فصاعداً. منذ حرب لبنان الأولى [1982] لم يجرِ الجيش الإسرائيلي مناورة برية على نطاق واسع كهذا، ولم يتدرب عليها حتى. كان هنالك ادعاءات، في داخل الجيش وخارجه، أن الدبابة والمدرعة لم تعودا تشكلان مركّباً أساسياً في الحرب البرية، وبأن النيران الدقيقة قد احتلت مكانهما. وهكذا، حدث تكلس في قدرة المناورة البرية في الجيش الإسرائيلي، وتم تقليص أسطول الدبابات إلى حجم صغير، إلى حد الخطر الحقيقي. خلال حرب لبنان الثانية [2006] اتضح مدى افتقار الجيش الإسرائيلي إلى هذه القدرة التي تشكل في نهاية المطاف طريقة القتال الأكثر فاعلية في مواجهة مقاتلي العصابات أيضاً الذين يتخفون ويطلقون القذائف وصواريخ أرض ـ أرض من مخابئهم.

التشديد على "فتك" المناورة البرية

  • عمل رئيس هيئة الأركان السابق، غادي أيزنكوت، الكثير، كما فعل سابقه غابي أشكنازي أيضاً، من أجل استعادة القوات البرية في الجيش الإسرائيلي قدرتها على المناورة، بقوة وبسرعة. وقد أضاف كوخافي الآن بعداً مفهومياً في غاية الأهمية حين اختار، فور تسلمه مهمات منصبه، التشديد على "فتك" المناورة البرية. أقر بأن هدف المناورة البرية ليس احتلال منطقة والاحتفاظ بها كما كان في السابق، بل إبادة قدرات القتال لدى العدو بالجملة، وهو ما يضمن تحقيق الحسم والانتصار على "جيوش الإرهاب" التي يعمل مقاتلوها بطرق حرب العصابات، تحت حماية سكان مدنيين.
  • إن تعبير "فتك" قد يكون مضلِّلاً. ليس الهدف هو قتل مقاتلي العدو بصورة جماعية (بالجملة)، ذلك بأن عدد الجثث ليس مقياساً للنجاح، لكن الهدف هو كشف أغلبية المقاتلين وتحديدهم، قبل المعركة وخلالها، وكذلك كشف منظومات الأسلحة التي بحوزتهم (بما في ذلك الصواريخ والقذائف) والبنى التحتية المهمة لدى العدو وتحديدها، ثم ضربها بالجملة قبل أن يستطيعوا إصابتنا، وقبل أن ينجحوا في الفرار والاختفاء بين السكان المدنيين.
  • من شأن وتيرة ونجاعة إبادة أهداف العدو، من أي نوع كانت، أن تؤدي، بالتأكيد، إلى حسم المعركة وهزم العدو. لكن هذا الهدف ليس سهل التحقيق. فثمة حاجة، أولاً وقبل أي شيء آخر، إلى منظومة استخباراتية كبيرة ومحكمة جداً في ميدان القتال وخارجه - بما في ذلك القدرات السيبرانية - على أن تتيح إمكانات الكشف عن مئات الأهداف التي تُعتبر بمثابة "ثروات" للعدو، في مساحة جغرافية معطاة، والوصول إليها، ثم جعلها معالم دقيقة خلال فترة زمنية قصيرة.
  • بعد ذلك، يجب الوصول على وجه السرعة، والتواجد في عمق منطقة العدو، مع منظومات السلاح والنيران المتاحة والجاهزة للاستخدام، بغية ضرب هذه الأهداف في غضون دقائق معدودة، قبل اختفائها تماماً. التقنيات العسكرية تتيح هذا اليوم، لكن ليس بما يسمح باستخدامها بشكل جدي. ويبقى السؤال ما إذا كان الجيش الإسرائيلي سينجح في إدخال هذه التقنيات وتطبيقها خلال الحرب "الطاحنة الخاطفة" التي يصبو كوخافي إلى إدارتها في المرة المقبلة؟

نصرٌ فعّال

  • ثمة أمران ضروريان لتحقيق نصر عسكري فعّال: تدمير قدرة العدو على استئناف القتال فترة زمنية طويلة، وتوجيه ضربة قاسية وبعيدة الأثر إلى دافعيته إلى القيام بذلك. ولذا، لم تعد حرب الوعي التي تشكل النيران الدقيقة، في المقابل، وسيلتها الأساسية وتضرب دافعية العدو بصورة موقتة، وإنما حركة سريعة ومتواصلة نحو أهداف تم تحديدها مسبقاً وتدمير صناعي لقدرات العدو القتالية.
  • إذا لم يحاول المستوى السياسي إدارة القتال، مثلما فعل المجلس الوزاري المصغر خلال حرب "الجرف الصامد"، وإنما تحديد الأهداف التكتيكية والاستراتيجية وإفساح المجال للجيش كي يقوم بالعمل ـ ثمة احتمال كبير بأن يستطيع الجيش تحقيق الحسم والانتصار الواضحين في المرة المقبلة. احتمال تحقيق الانتصار وتقصير الفترة الزمنية التي تتساقط فيها الصواريخ على الجبهة الداخلية سيكون مضاعفاً إذا ما تلقى الجيش تخويلاً من القيادة السياسية لإنزال ضربة استباقية على العدو، منذ بداية الحرب. لكن في فترة ما قبل الحرب ينبغي لدولة إسرائيل أن تحظى بما يكفي من الشرعية الدولية التي تتيح للمستوى السياسي إصدار الأوامر للجيش لأخذ زمام المبادرة وإنزال الضربة القاصمة في مستهل الحرب.
  • لا تزال القدرة على الكشف عن آلاف الأهداف، تحديدها وامتلاكها غير مكتملة. حتى منظومات السلاح القادرة على الرد خلال دقائق قليلة، من كشف الهدف إلى إبادته قبل اختفائه، لا تزال خارج دائرة استعمال الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي. لذا يجدر الحذر وعدم الانجرار والوقوع في تقييم مُبالغ فيه للأفضلية الفتاكة التي يدفع كوخافي نحوها بكل قوته، من خلال المناورة البرية. ومع ذلك، ثمة أهمية كبيرة لهذه الثقة التي ينشرها كوخافي لدى القيادة السياسية بشأن قدرة الجيش الإسرائيلي على الدخول في مناورة برية مكثفة، سريعة وفتاكة في لبنان، في سورية وفي قطاع غزة ـ بالتزامن والتوازي، إذا اقتضت الضرورة.

ويبقى السؤال ما إذا كان المجلس الوزاري المصغر ورئيس الحكومة سيبديان هذه الدرجة ذاتها من الإصرار والثقة بقدرات الجيش، في الحرب المقبلة أيضاً.