الحزب اليهودي - العربي موجود واسمه ميرتس
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
النقاش المحتدم مؤخراً في أوساط اليسار بشأن الحاجة إلى إقامة كيان سياسي على مبدأ شراكة يهودية - عربية تفوته حقيقة سياسية مهمة ربما ليست ظاهرة للعيان، مع أنها موجودة أمام بصرهم: الحزب اليهودي - العربي في إسرائيل موجود واسمه ميرتس.
- الطابع الفكري والاجتماعي - السياسي لميرتس في إطار واضح لحوار داخلي إسرائيلي يهودي – عربي نما وتبلور بصورة حثيثة ومذهلة في السنوات الأخيرة، انطلاقاً من مبادئه الداعية إلى حوار مدني إنساني شامل، وشكّل علامة فارقة وواضحة للحزب خلال فترة تولّي زهافا غالؤون رئاسة الحزب، وتعزز في الفترة الحالية برئاسة زندبرغ. الثمار الملموسة لهذا التطور، والتي تشهد على أن مصطلح "شراكة يهودية - عربية" ليس كلمة فارغة المضمون عندما يتعلق الأمر بميرتس، رأيناها في الانتخابات الأخيرة: بينما حصل ميرتس في انتخابات 2015 على 13 ألف صوت في البلدات العربية، وعلى 2000 الى 3000 صوت في المدن المختلطة، فقد حصل الحزب هذه المرة على 35 ألف صوت في البلدات العربية، ونحو 5000 صوت في المدن المختلطة.
- وبخلاف الادعاءات المتسرعة التي طُرحت هنا وهناك بعد الانتخابات بأن الزيادة المذهلة في تأييد المواطنين العرب لميرتس ناجمة عن الجهود التي بذلها كبار مسؤولي الحزب في اللحظة الأخيرة، فإن هذا الإنجاز غير المسبوق هو حصيلة عمل متفرع ومكثف على الأرض. تحدث عن ذلك بالتفصيل في الشهر الماضي الناطق بلسان ميرتس إلعاد وولف ("هآرتس" 21/5) الذي وصف سلسلة طويلة من زيارات قام بها زعماء ومرشحو ميرتس إلى البلدات العربية. هذا العمل الميداني الذي جرى من خلال حوار مباشر مع المواطنين العرب، كان استمراراً طبيعياً ومترسخاً لعملية إعادة بلورة ميرتس كحزب عربي- يهودي إسرائيلي.
- لا شك في أن عملية بلورة الشراكة اليهودية - العربية ضمن كيان حزبي قديم أفضل عشرات المرات من محاولات سياسية طويلة الأمد، ومن زعزعة إطارات موجودة، مثل تشكيل قائمة عابرة للأحزاب تجمع بين ميرتس وحداش. إذ على الرغم من الإرادة الحسنة للتعاون التي يؤمن بها بالتأكيد ممثلو الحزبين، فإنه لو نشأ مثل هذا الاندماج، سيكون من الصعب منع حدوث احتكاكات وتوترات بين كيانات سياسية نشأت وتصرفت خلال سنوات طويلة كإطار مؤسساتي منفرد. في مقابل ذلك، فإن صعود وتبلور الشراكة اليهودية - العربية في ميرتس ليس وليد اندماج مصطنع لكيانات متعددة، بل هو نتيجة تطورات تنظيمية داخلية، نمت على الأرض على خلفية تعزيز الطابع اليهودي - العربي لجمهور مؤيدي الحزب.
- في ضوء ذلك، فإن الخطوة السياسية الرائعة لكل من عضو الكنيست عيساوي فريج وعضو الكنيست السابق موسي راز، اللذين من المنتظر أن يترشحا معاً في انتخابات رئاسة ميرتس، هي استكمال منطقي ومتماسك للتوجهات العميقة الفكرية والاجتماعية والعامة التي شكلت من جديد ميرتس كحزب يهودي - عربي. صحيح أن صلاحية نموذج خارج عن المألوف لرئيسين لحزب واحد يفرض ثورة في وجهة النظر السائدة بشأن طابع القيادة الحزبية. لكن هذه الثورة المؤسساتية سترسي بصدق الثورة الاجتماعية - الديموغرافية العربية - اليهودية التي حدثت في أسس التأييد للحزب - ثورة يجب ألّا نضع لها حداً.
- من أجل ذلك، يجب تشجيع لجنة الانتخابات في ميرتس ومحكمة الحزب لإعطاء موافقتهما القانونية على هذه الثورة المنتظرة. وإذا لم يجرِ السماح لرئاسة مشتركة بين فريج وراز لأسباب قانونية – إجرائية، فإن هذا الأمر يمكن أن يتسبب بضرر انتخابي خطِر لميرتس، سواء وسط ناخبيه العرب أوبين كثير من ناخبيه اليهود، المتشوقين لرؤية ميرتس كحزب يهودي -عربي بكل معنى الكلمة.