"هدوء مقابل هدوء" شعار جميل، لكن لا أحد يصدقه
تاريخ المقال
المصدر
- مع انتهاء يومين متوترين يبدو أن شيئاً لم يتغير. حركة "حماس" لم تحصل على شيء لم يكن لديها قبل المعركة؛ ولم يحصل المصريون على مديح استثنائي لقدرتهم على دفع الطرفين إلى "تسوية"، لكنهم إلى حد ما حافظوا على مكانتهم كوسيط نزيه نسبياً في ظل غياب بديل آخر؛ وكالعادة دفع سكان الجنوب ثمن التهدئة؛ وتتواصل معاناة سكان القطاع؛ وبقيت قطر التي في نهاية الأمر ستقدم البضاعة على شكل أوراق نقدية خضراء [دولارات] لـ"حماس"؛ وحتى موفد الأمم المتحدة البلغاري المحبوب، نيكولاي ملادنوف، حافظ على مكانته العالية في نظر العالم كـخبير في القصة المعقدة المسماة "قطاع غزة- إلى أين".
- لكن مع ذلك، أدت هذه الحرب القصيرة إلى خسارة أربع عائلات لأشخاص أعزاء عليها، بينما ازداد معدل القلق والإحباط لدى سكان الجنوب. ليس واضحاً عدد الجولات التي سيكون في إمكانهم احتوائها، مع ازدياد شعورهم بأنهم لا قيمة لهم. منذ الآن ينمو عندنا جيل كامل سيحتاج إلى معالجة سيكولوجية طوال سنوات.
- والأسوأ من كل شيء: بينما كان الرد العسكري الإسرائيلي لا بأس به، إذا به يتوقف – مجدداً - من دون "أفق استراتيجي" وتقريباً من دون شروط، بطلب من المخربين. لذلك، الردع الإسرائيلي تضرر أكثر، وتعززت وجهة نظر العدو - سواء الموجود في الجنوب أو ذلك الذي ينتظر ويستخلص الدروس في الشمال - بأن إسرائيل تستجيب فقط للقوة. "هدوء مقابل هدوء" هو شعار جميل، لكن لم يعد أحد يصدقه. المعادلة، على الأقل في نظر أعدائنا، هي فعلاً "هدوء نسبي مقابل دولارات قطرية".
- وكأن ذلك لا يكفي، بدأ في يوم أمس شهر رمضان. بالنسبة إلى المسلمين هذا الشهر هو شهر التأمل والرحمة ونكران الذات والهدوء. لكن تدل التجربة على أن معظم الهجمات وقعت في هذه الفترة. ليس من السهل الصوم ساعات طويلة يوماً تلو الآخر في هذا الحر المرهق للشرق الأوسط. الصوم لا يجعل الناس أكثر وداً.
- من الواضح للجميع أن المعركة المقبلة في انتظارنا، والسؤال ليس "إذا" بل "متى". ليس من المفيد أن نستبعد تماماً إمكانية وقوع المعركة المقبلة قبل نهاية رمضان.
- يبدو أن الحكومة الحالية ليس لديها استراتيجية لمواجهة ما ذُكر سابقاً. لكن أيضاً عدم وجود استراتيجية لزمن طويل هو استراتيجية. من المحتمل في ميزان الاعتبارات أن الهدوء الموقت والنسبي في نظر القيادة الإسرائيلية الحالية يتغلب على الفائدة السياسية المتعلقة بتوجيه ضربة قاسية جداً إلى قيادتي "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي.
- ذلك بالإضافة إلى إيجاد أفق سياسي واقتصادي، مهما كان جزئياً ونسبياً، يوفر حياة طبيعية لسكان الجنوب، ويسمح لسكان غزة البائسين بالتقاط أنفاسهم، الذين يحتفظ بهم زعماؤهم كرهائن.
وكما قال لي صحافي من غزة بالأمس: "في حماس يتحدثون عن القدس، لكن نحن نريد أن نعيش".