الجيش حقق إنجازاً لكن المعركة الأساسية في غزة ما تزال أمامنا
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • يمكن القول بحذر أنه لأول مرة منذ عملية الجرف الصامد، حققت إسرائيل والجيش في جولة التصعيد الحالية الأهداف التي وُضعت مسبقاً. ومن الطريقة التي طالبت فيها "حماس" والجهاد الإسلامي والتنظيمات الفلسطينية بوقف إطلاق النار طوال 24 ساعة من دون أن يحصلوا عليه، يمكن الاستنتاج أنهم سيتذكرون ذلك قبل أن يقوموا مرة أُخرى بتسخين الحدود بين القطاع وغلاف غزة.
  • هدف الجولة كان ترميم قوة ردع للجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل، ويبدو أن هذا تحقق بشأن كل ما له علاقة بالتنظيمات الغزّية.
  • "حماس" طالبت بوقف إطلاق النار وإنهاء الجولة قبل شهر رمضان. وبدلاً من أن تضغط ذكرى الاستقلال ومهرجان اليوروفيجن على إسرائيل، كان الضغط على الفلسطينيين.
    • قتلنا ناشطين وهدمنا منازل من دون أن نفقد الشرعية الدولية. وذلك لأننا هاجمنا أهدافاً وشخصيات عسكرية فقط.
    • المجلس الوزاري المصغر مع الجيش عملا بتنسيق كامل ومن دون تسريبات - بخلاف ما جرى في الجرف الصامد والجولات السابقة.
  • يمكن فحص قوة الردع فقط مع مرور الوقت. طبعاً الجولة الأخيرة لم تحل المشكلة الغزّية. مَن يمكنه أن يفعل ذلك هو المستوى السياسي بواسطة أدوات اقتصادية ومفاوضات سياسية، لكن الجيش الإسرائيلي نجح، على ما يبدو، في القضاء على رغبة التنظيمات الفلسطينية في البدء بجولة إضافية بعد بضعة أسابيع، كما فعلت في الماضي.
  • يمكن الافتراض بحذر أن الأهداف التي حددها الجيش الإسرائيلي مسبقاً بموافقة المستوى السياسي تحققت في جولة القتال. ليس لأن الأرقام تُظهر ذلك، بل لأن شروط وقف إطلاق النار التي توصل إليها الوسطاء المصريون وموفد الأمم المتحدة قبل الفجر لم تقدم أي إنجاز للفلسطينيين لم يكن لديهم قبل إطلاق القناص التابع للجهاد الإسلامي النار على ضابط وجندية كانا متواجدين في عمق أراضي إسرائيل.
  • إذاً ما الذي تغير في الجولة الحالية؟ أولاً، بعكس الجولات السابقة جاء الجيش مع بنك أهداف غني، متنوع ومعدّ سلفاً. ثانياً، كان لدى الجيش خطة تصعيد بالتدريج سمحت له طوال الوقت بزيادة الضغط على التنظيمات الغزّية وإحباط كل "المفاجآت "التي أعدّتها لنا، بدءاً من الهجمات السيبرانية، مروراً بالطائرات المسيّرة ذاتياً، وحتى صاروخ "رعد" المزوّد برأس حربي ضخم، والذي فشل إطلاقه مرة تلو الأُخرى. وهناك عمليات أُخرى قام بها الجيش الإسرائيلي ولم يُكشف عنها بعد.
  • بصورة عامة يمكن القول إن الجيش سيطر على التصعيد، ويدل التاريخ العسكري على أن من يسيطر على التصعيد ويستخدمه بما يتلاءم مع حاجاته في ساحة القتال، هو المنتصر في النهاية. لكن ما حدث هنا ليس السيطرة فقط على التصعيد بل الاستعداد للتحرك بطريقة أكثر فتكاً، وعدم الارتداع، بل البحث عن المسّ جسدياً بناشطي التنظيمات الإرهابية وبالمحيط المقرّب منهم.
  • في الماضي وُجهت انتقادات محقة إلى الجيش لأنه لم يحقق الردع، ولمهاجمته مباني ومنشآت خالية من الناس من الجو، وفعلاً هذا ما فعله الجيش عندما كان هدف الجولات التي نشبت بعد عملية الجرف الصامد هو "هدوء في مقابل هدوء". لقد كان واضحاً أن كل هجوم فتاك على ناشطي التنظيمات سيؤدي إلى تصعيد من جانب الفلسطينيين، لذلك امتنع الجيش بقدر الممكن من توجيه ضربات قاتلة للناشطين من أجل "احتواء" الجولة وإنهائها.
  • هذه المرة قرّر رئيس الأركان أفيف كوخافي الذي حصل أيضاً على موافقة رئيس الحكومة ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو المسّ عن قصد بناشطي التنظيمات في أثناء تنفيذ عمليات قتالية. ولم يرتدع الجيش أيضاً عن القيام باغتيالات مركزة في القطاع، لأول مرة منذ 6 سنوات. ويمكن القول إن التوجّه الحالي هو أن للحرب منطقها الخاص، وإيقاع خسائر في صفوف مقاتلي العدو هو عامل الردع الرقم واحد في الجولة الحالية.
  • عامل إضافي هو مهاجمة سلاح الجو منازل ناشطي وقادة في تنظيمات المخربين. لقد كان من المهم التوضيح أن الهجوم ليس موجهاً نحو عائلات الناشطين والقادة التي جرى تحذيرها  مسبقاً وفرّت إلى أماكن آمنة، بل المقصود أن المنزل الذي يُستخدم لأهداف عسكرية هو هدف مشروع. قصف الجيش الإسرائيلي المنازل خلق وضعاً وجد فيه قادة "حماس" والجهاد الإسلامي أنفسهم وأبناء عائلاتهم من دون منازل في نهاية الجولة.
  • كذلك كان لتدمير المباني المتعددة الطبقات التي تُستخدم مركزاً لقيادات "حماس" تأثير معنوي مهم على السكان الغزيين. لقد استُخدمت هذه الوسيلة في الجولات السابقة، لكنها لم تكن قادرة على تحقيق الهدف وحدها.
  • تجديد مهم آخر طرأ على قتال الجيش الإسرائيلي هو الهجوم المنهجي على أهداف وأفراد تابعين لحركة الجهاد الإسلامي. حتى الآن حرص الجيش على عدم المسّ بهم كي لا يدفع الجهاد الإسلامي إلى الضغط على "حماس" لتصعيد القتال. في الجولة الأخيرة جرى الهجوم أخيراً على أهداف وناشطي هذا التنظيم الذي توجّهه إيران وتموّله. الثمن الباهظ الذي دفعه الجهاد الإسلامي أوضح  لزعيمه الجديد زياد نخالة أن تحدي إسرائيل والمبادرة إلى شن هجمات عليها سيدفع عناصره ثمنها غالياً.
  • لقد اكتشفت التنظيمات الإرهابية أن ترسانتها الصاروخية ليست ناجحة وفتاكة كما كانت تعتقد، وأن القبة الحديدية جيدة. تماماً مثل سلوك المدنيين في غلاف غزة الذين كان تصرّفهم مثالياً، وامتثالهم للتعليمات العامة التي وضعتها قيادة الجبهة الداخلية أنقذ العديد من الأرواح.
  • مع ذلك يمكنك التقدير أن الجيش ووزير الدفاع ارتكبا خطأ بعدم إجلاء السكان من المدن القريبة من السياج عندما قررا التصعيد التدريجي المقصود في القطاع. ليس هناك حاجة إلى تعريض مدنيين وأولاد لا حاجة إليهم في القتال إلى خطر مباشر. كان يجب أيضاً وقف العمل والحركة في مناطق معينة وفي المدن الكبرى في الجنوب، وخصوصاً في عسقلان وأشدود وكريات غات وبئر السبع.
  • ليس عيباً إجلاء سكان وإعلان منع التجول لبضعة أيام لمنع الخسائر في الأرواح. لو فعلنا ذلك لكان في الإمكان منع إصابة صاروخ مضاد للدبابات مواطناً كان في سيارته على طريق مكشوفة لناشطي "حماس" ، وكان في الإمكان منع الهجوم على مصنع في عسقلان.
  • صحيح أنه يجب المحافظة على وتيرة الحياة والاقتصاد في الجنوب بقدر الإمكان ، لكننا نعرف أنه على الرغم من الدفاع الجيد للقبة الحديدية هناك دائماً انزلاقات فتاكة تودي بأرواح الناس. وهذا يجب أن يأخذه الجيش والسلطات المحلية والحكومة في حسابهم، حتى لو كان يجب التعويض على الناس الذين يتم إجلاؤهم، وعلى المصانع التي تتوقف عن العمل.
  • أخيراً، ليس لدينا ما يكفي من بطاريات القبة الحديدية لمواجهة الإطلاق الكثيف للصواريخ التي تشمل عشرات الصواريخ في آن معاً. يجب على دولة إسرائيل أن تأخذ ذلك في حسابها. وفي حال نشوب حرب على الجبهة الشمالية، هذه المشكلة ستكون أكبر وأكثر أهمية. المستوطنات التي لا تبعد أكثر من 7 كيلومترات عن السياج، في الشمال كما في الجنوب، هي غير محصنة. لذلك يجب إمّا القيام بإخلائها في أوقات الطوارىء، أو تحصينها دفاعياً في خطة سريعة.
  • أخيراً، من المهم التشديد على أن الجيش نجح فعلاً إلى حد ما في ترميم الردع في مواجهة تنظيمات الإرهاب الغزّية في الجولة الحالية، لكن المشكلة الغزّية ما تزال أمامنا وستنفجر في وجوهنا مرة أُخرى عاجلاً أم آجلاً.
  • لذلك من دون تسوية دائمة يجري خلالها استبدال حكم "حماس" في القطاع بحكم آخر مهتم برفاهية سكان غزة وليس بمقاتلة إسرائيل، لن يكون هناك سلام أيضاً في غلاف غزة. لذلك المشكلة الأساسية ما تزال أمامنا ويجب أن نحاول حلها من خلال الجمع بين وسائل اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية تُستخدم بسرعة وبحزم. ومن المحبذ أن يجري ذلك في الصيف الحالي.