قانون القومية فعل فعله
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بغض النظر عن النتائج النهائية للانتخابات: هناك نتيجة واحدة واضحة هي التراجع الكبير في نسبة التصويت في القطاع العربي. يمكن الافتراض بصورة قاطعة أن جزءاً من الناخبين العرب اختاروا عدم المشاركة في الانتخابات، وأن قرارهم هذا ناجم عن تشريع قانون القومية. قانون أساس يعتبره الجمهور العربي، عن حق، قانوناً يُقصيهم ويُنكر حقهم في المساواة في المواطنة.
- يجب القول إن قانون القومية ليس قانوناً نظرياً فحسب، بل هو بالتأكيد يستطيع المس فعلاً بحقوق الأقليات في إسرائيل. ولكن حتى لو افترضنا أنه على المستوى القانوني لن يمس بحقوق الفرد، وأن كل أهمية القانون هي على مستوى الرسالة والتصريحات. فإن للرسائل والتصريحات دلالات مهمة بالتأكيد عندما تكون على المستوى القانوني. وبالتأكيد عندما تكون على مستوى تعريف الدولة في قانون أساس مخصص ليُستخدم كمقدمة للتشريع. عندما يبعث قانون أساس كهذا إلى الأقلية رسالة إقصاء، رسالة تتعارض مع وثيقة الاستقلال، مفادها أن التعريف الصحيح والصائب لإسرائيل كدولة قومية يهودية لا يتناسب مع المساواة في الحقوق، وكدولة يعيش فيها مواطنون ليست هي دولتهم، فإن لهذه الرسالة دلالة صعبة ومؤلمة.
- بناء على ذلك، فإن المفهوم الوحيد تقريباً الذي يحترم مواطنية العرب كمواطنية متساوية يتجلى في جوهر حقهم في المشاركة في انتخاب الكنيست. وليس من المفاجىء في مثل هذا الوضع أن يشعر جزء من الناخبين بعدم رغبتهم في المشاركة في اللعبة الديمقراطية التي هي ليست سوى واجهة ديمقراطية في نظرهم.
- عندما نضيف إلى ذلك الكلام القبيح الذي أحاط بهذه الانتخابات والقائل إن كل اعتماد على أصوات العرب، حتى كـ"كتلة حسم" (وهذه ببساطة نتيجة محتملة للانتخابات وليست أمراً يجب إنشاؤه) أو تشكيل ائتلاف معهم هو أمر مرفوض، فإن ذلك رسالة عنصرية في جوهرها - كأن أصوات العرب لا تُحتسب أبداً في الحديث عن "الكتل" ولا يحتسبون في تعداد "حسم الأغلبية". وذلك في ارتباط مباشر بالشرعية التي منحها الخطاب الإسرائيلي لحزب "قوة يهودية" العنصري، بمباركة رئيس الحكومة.
- فعلاً، إن قسماً من الذين بادروا إلى طرح قانون القومية سيرون في ذلك نتيجة جيدة ومحمودة، وربما هناك من سيفرح برؤية العرب يقاطعون الانتخابات، ورؤية كنيست "نظيف" من العرب. وذلك ربما انطلاقاً من عدم فهم الانعكاسات التي لا لبس فيها لمثل هذا الوضع على تعريف إسرائيل كدولة ديمقراطية. إن الرد النهائي المضاد على كل الذين يشتمون إسرائيل ويطاردونها في العالم هو أن ما نتحدث عنه هو دولة ديمقراطية حيوية، تشارك الأقلية فيها في الانتخابات ولديها تمثيل جيد في البرلمان. قيام وضع في المستقبل لا يوجد فيه تمثيل للعرب في الكنيست سيطرح علامة سؤال كبيرة، على الداخل وأيضاً على الخارج، هو هل إسرائيل دولة ديمقراطية حقيقية.
- يجب الامتناع من تعميق هذه الرسالة الإقصائية الناجمة عن قانون القومية. يجب إلغاء القانون أو تعديله جذرياً بحيث يتضمن تعريفاً متوازناً ويوضح عدم وجود تعارض بين تعريف الدولة كدولة قومية وبين كونها دولة لجميع الأقليات التي تعيش فيها، مع المساواة المطلقة في الحقوق. إمكانية أُخرى هي تشريع وثيقة الاستقلال كقانون أساس: كمقدمة للدستور.