صمت العرب في إسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أعلن المكتب المركزي للإحصاء مؤخراً أن نسبة العرب الذين يحق لهم الاقتراع تصل إلى 16%. لو صوّت هؤلاء بنسبة تشبه تصويت اليهود فإن ذلك يساوي في حساب تقريبي 19 مقعداً. ولو كانوا "تحركوا بأعداد هائلة "نحو صناديق الاقتراع، كما كذب نتنياهو في سنة 2015، لكان من الصعب عليه جداً تأليف حكومة. ولو كرروا ذلك في 9 نيسان/أبريل، لكان في مقدورهم إسقاطه.
- في ضوء ذلك، بالاستناد إلى استطلاع نشرته هذا الأسبوع "هآرتس"، فإن معدل تصويت العرب في الانتخابات المقبلة يمكن أن ينخفض إلى 50%. وبحسب الاستطلاعات الأخيرة، فإن تمثيل حداش - تعل وراعم - بلد سيكون أقل بمقعد أو مقعدين من 13 معقداً حصلت عليها القائمة المشتركة التي وحدت بينهما. في حال حدوث ما هو أسوأ، وهذا معقول جداً، ولم تفلح راعم - بلد في اجتياز نسبة الحسم، فإن 3-4 ممثلين إضافيين من التمثيل العربي سيختفون، ومعهم ستزول فرص حدوث انقلاب في الحكم.
- طبعاً هناك أسباب كثيرة ومتعددة، وجزء منها مفهوم أيضاً، لنسبة التصويت المنخفضة في القطاع العربي. وبحسب عدة استطلاعات، نحو 10% من الناخبين سيمتنعون من التصويت لأسباب إيديولوجية: التصويت في انتخابات الكنيست هو نوع من الاعتراف بدولة اليهود. وكثيرون خاب أملهم بأداء القائمة المشتركة التي أدى تأليفها إلى ارتفاع معتدل في نسبة التصويت في الانتخابات، وكثر آخرون غاضبون بسبب تفكك القائمة. وبخلاف نسبة التصويت العالية في الانتخابات الماضية، العرب في إسرائيل يشعرون بأنهم معزولون في الكنيست الإسرائيلي، وهم لا يتوقعون منه أن يفكر فيهم أو أن يهتم بحاجاتهم.
- وكما جاء في افتتاحية "هآرتس" في الأمس، لليهود دور مركزي في قمع تصويت العرب. التحريض الذي يمارسه نتنياهو ضد العرب حوّلهم إلى منبوذين، وإقرار قانون القومية عمّق الإحساس بالإقصاء وعدم الانتماء. الأحزاب الصهيونية المؤهلة نظرياً إلى الفوز بمقاعد مهمة من الجمهور العربي - بينها حزب أزرق أبيض لبني غانتس الذي يتنافس على الزعامة - تتجاهل هذا الجمهور، في الأساس بسبب الخوف من لسان نتنياهو الذي يمكن أن يصورهم كمتعاونين. الرد الطبيعي للعرب: لا نريد، لا ضرورة، سنبقى في المنزل.
- دفاعاً عن موقفهم، في إمكان العرب أن يتذكروا الانتخابات التي جرت في العقد الماضي. في انتخابات 1999 التي جرى خلالها انتخاب رئيس الحكومة مباشرة، وصل حينها تصويت العرب إلى 75% وأغلبيتهم صوتت لإيهود باراك. وعلى الرغم من ذلك، أدار باراك ظهره لهم. بعد مرور عام على ذلك، خلال أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000، قتلت الشرطة 13 متظاهراً عربياً، الشرخ تحول إلى صدع، ونتيجة ذلك انخفضت نسبة تصويت العرب - ومنذ ذلك الحين لم تعد إلى ما كانت عليه سابقاً.
- على الرغم من ذلك، امتناع العرب من ممارسة حقهم الديمقراطي وقدرتهم الاقتراعية أمر محير ومخيب للأمل في آن معاً. وبدلاً من تصويت جماهيري للقطاع العربي من شأنه أن يشكل صفعة لنتنياهو ويحول رسائله العنصرية إلى نبوءة تحقق ذاتها، فإن التراجع في نسبة تصويت العرب في الانتخابات القريبة سيحقق أحلامه.
- غياب التصويت العربي هو بمثابة تقديم السلطة إلى نتنياهو على طبق من فضة. ذلك بأن العرب يؤذون أنفسهم بالدرجة الأولى، وأيضاً دولتهم، وبالقدر عينه الجمهور اليهودي الذي يؤمن بإخلاص بقيم الاندماج والمساواة والمصير المشترك التي يحتقرها نتنياهو ويتآمر عليها. بناء على ذلك، ومع كل التفهم لأزمتهم الخاصة، فإن التاريخ لن يسامحهم على ذلك.