الأحزاب العربية مضطرة الآن إلى مواجهة أزمة ثقة مع جمهور ناخبيها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • منذ هذا الصباح (الجمعة) ستضطر الأحزاب الأربعة التي ستتمثل في قائمة مشتركة إلى مواجهة انعدام ثقة الناخبين الآخذه في الازدياد، عدم الثقة الذي ازداد في الأسبوع الأخير، في ضوء التصرفات وطريقة المفاوضات التي دارت بين الأطراف من أجل بلورة قائمة مشتركة لخوض الانتخابات القريبة.
  • تواصلت الاتصالات يوم أمس حتى الساعة الأخيرة من موعد إغلاق تقديم القوائم. وكانت الأحزاب مستعدة أيضاً لخوض الانتخابات في قائمتين، قائمة حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير]، وقائمة التحالف بين الحركة الإسلامية - الجناح الجنوبي راعم، وبلد [التجمع الوطني الديمقراطيٍ]. في كلا الحالتين، الضرر والشرخ الناشىء إزاء الجمهور العربي - حدث.
  • الآن ستضطر الأحزاب الأربعة إلى تقديم إجابات على الأسئلة الصعبة التي طُرحت خلال هذا الأسبوع في محاولة لإعادة بناء الثقة وسط جمهور الناخبين، وإقناع غير المبالين منهم بالخروج من منازلهم والتوجه إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات. في الفترة الأخيرة تحدث جميع زعماء الأحزاب بصوت عال جداً عن مسؤولية وطنية، وعن الحاجة إلى لجم اليمين المتطرف، والحاجة إلى إسقاط حكومة نتنياهو الذي أقر قانون القومية، وينوي إدخال ممثلي كهانا إلى الكنيست. ظاهرياً، ما جرى الحديث عنه ينطوي على رسائل مهمة، من المفترض أن تلقى آذاناً صاغية وسط جمهور كبير من الناخبين. لكن عملياً تعرّض هذا الجمهور حتى يوم أمس لصراع على الأنا وحرب لا لزوم لها على توزيع المقاعد والمناصب وتبادل الاتهامات، مسرحية لا يمكن وصفها سوى  بالمخجلة، ومن شأنها فقط أن تزيد من اشمئزاز العديد من الناخبين وأن تدفعهم إلى مقاطعة الانتخابات. 
  • يعترفون في الأحزاب الأربعة أن أساس الخلاف في نهاية المفاوضات تركّز على تحديد المقاعد في المراكز 11-14. في حداش وفي رعام أصروا على تمثيل حقيقي لأربعة مرشحين لكل قائمة حتى المركز الـ12، بينما طالب بلد وتعل بثلاثة مقاعد، بذلك تركز الخلاف على المرشحين الذين سيأتون في المركز الأخير لكل حزب.
  • يوضح هذا الأمر إلى أي حدّ تفهم هذه الأحزاب حجم خيبة الأمل بها وسط الجمهور العربي، والتي سوف تترجم في انخفاض نسبة الاقتراع، وفي التسرب نحو أحزاب صهيونية. يقدرون في الحسابات الداخلية للأحزاب أن المركز الـ13 في القائمة والمركز الـ14 يعتبران مركزين غير واقعيين وفرصهما قليلة في الوصول إلى الكنيست. وهذا دليل واضح على عدم الاطمئنان. في أي حالة أخرى، كان بوسع الأحزاب أن تحدد هدفاً واضحاً هو 15 مقعداً على الأقل، نتيجة في الأساس كان يمكن أن تكون منطقية وحقيقية بالنسبة إلى أربعة أحزاب متجذرة جيداً في المجتمع العربي، وتطمح إلى تمثيل ملائم وإنجازات كثيرة.
  • في الانتخابات الأخيرة بلغت نسبة الاقتراع في المجتمع العربي 63%، أكثر بـ9% من انتخابات 2013. زخم القائمة المشتركة أدى إلى ارتفاع مهم في عدد الناخبين، وكان مرتبطاً بالأمل الذي شعر به الجمهور وبالجو الجيد الذي ساد بين الأحزاب والناشطين. حالياً، أيضاً لو كان هناك قائمة مشتركة، وأيضاً لو تنافست قائمتان، ثمة شك في أن تتكرر نسبة الاقتراع.
  • في الفترة المقبلة سيتنقل ناشطو الأحزاب من شارع إلى شارع ويحاولون تجنيد الناخبين. وسينضم معظم رؤساء السلطات المحلية إلى الجهود. مع ذلك، فإن مجموعة الناخبين التي أحدثت الفرق في الجولات السابقة، وهي مجموعة من الناخبين غير الإيديولوجيين تنتمي إلى الطبقة الوسطى والمتعلمة، لن تسارع هذه المرة إلى الاستجابة للدعوة. هؤلاء الناخبون سيطالبون بأجوبة وتوضيحات قبل أن يوافقوا على وضع بطاقتهم في صناديق الاقتراع. بين هؤلاء يوجد أيضاً عدة ناشطين في الأحزاب، سيحتجون على جوهر الاندماجات التي حدثت. ليس سراً أن هناك في حداش غاضبين على الاندماج مع الطيبي، وفي حزب بلد أيضاً وفي الحركة الإسلامية هناك من لا يرى في خوض الانتخابات معاً اندماجاً طبيعياً.
  • صحيح أنه بقي حتى الانتخابات أكثر من شهر ونصف الشهر، وهذا وقت كبير في المصطلحات السياسية. والسؤال المطروح هل ستستغل الأحزاب العربية هذا الوقت لاستخلاص الدروس فوراً، والتوجه نحو جمهورها بحملة تتضمن رسائل ذات مضمون ملائم تنجح في تقليص الأضرار التي تسبب بها الأسبوع الأخير، أم أنها ستواصل الخط عينه من معارك الأنا وحروب داخلية، تلحق ضرراً بالغاً بتمثيل هذه الأحزاب وفي ما بقي من الثقة بها؟